العدد 1482 /13-10-2021

ما زالت الإنتخابات النيابية بعيدة المنال لدى بعض المتشائمين من المشتغلين في السياسة او المراقبين. فالمحركات ما زالت هادئة والتنافس باردا ، فهل يعود ذلك الى عظم الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية والحياتية والصحية التي تعصف بالبلد ؟ أم أن المعنيين الكبار على يقين من ان امورا كبيرة قد تحدث وتعيق إجراء هذه الإنتخابات المفترضة ؟

بداية ، يلاحظ ان الإعتراض على قانون الصوت التفضيلي غاب تماما عن الساحتين السياسية والإعلامية . وأن بعض القوى السياسية والنيابية قد تحركت بشكل خجول لطرح بعض التعديلات الجانبية التي لا تطال جوهر ذلك القانون . فرأينا كتل المستقبل وأمل والتقدمي الإشتراكي تطرح مسألة تعديل سن الإقتراع حتى تتاح الفرصة لأبناء الثمانية عشرة عاما ان يقترعوا ويختاروا ممثليهم في البرلمان اللبناني الكريم . وان الكوتا النسائية قد طرحت من باب رفع العتب مما اثار النائبة عناية عز الدين حتى على أعضاء الكتلة النيابية التي تنتمي اليها . وأن تصويت المغتربين ما زال شكله غير محسوم ، وأن البطاقة الممغنطة ما زالت تطير في الهواء . ويعلل البعض عدم إصراره على مواقفه السابقة من القانون الإنتخابي ، بأنه لا يراد أن يتهم بعرقلة إجراء الإنتخابات . حيث تبرز الحاجة الوطنية والدولية والإقتصادية لإجراء هذه الإنتخابات ، بعيدا عن مضمون القانون الإنتخابي المعتمد . ويبدو ان القوى المسيحية وفي مقدمها حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر تتلذذ بقانون الصوت التفضيلي الذي أسهم في تكبير الحجم الإنتخابي لكتلهما النيابية وبالتالي لتمثيلهما الوزاري .

النائب قاسم هاشم قاد حملة التعديلات الجانبية المطروحة على القانون الإنتخابي ، وهذا دليل كاف على نوايا التهدئة المحدقة بموضوع القانون الإنتخابي ، فالرجل مشهور بهدوئه وانضباطه وبعده عن الإنفعال والصخب في إطلاق المواقف ، وهو النائب الجنوبي الذي يدأب الرئيس نبيه بري على اختياره في تنفيذ الكثير من المهمات التمثيلية الشائكة او حيث النطق السياسي يحتاج الى الإسترخاء في الجهاز العصبي للمواطن اللبناني او ما تبقى من هذا الجهاز على قيد الحياة . في المقابل لم يتطلب الأمر كثير عناء وذكاء ورياء حتى يكتشف البعض أن وراء الأكمة ما وراءها في طرح خفض سن الإقتراع الى عمر الثمانية عشرة عاما ، وان دوافع طائفية تقف خلف الموضوع حيث سيتمكن المسلمون من زيادة عدد ناخبيهم من جراء هذا التعديل بما يقارب المئة والخمسين ألف ناخب . ويمكننا القول في هذا الصدد ان الدوافع الطائفية والمذهبية إن وجدت في خلفية طرح خفض سن الإقتراع ، فإنها هي ذاتها هي التي تحرك مواقف الرافضين لهذا الخفض لأنه يوسع الهوة العددية بين الناخبين المسلمين والناخبين المسيحيين .

بعض المراقبين يطلب الإنتباه الى أمور كبيرة تحصل في البلد وهي على جانب كبير من الأهمية وان تطور الأمور حيالها قد يدخل البلد في اوضاع حرجة قد تؤمن تسويغات ملائمة لتأحيل الإنتخابات النيابية المفترضة . ويطرح هذا البعض قضية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت كنموذج على معضلة كبيرة تفجر أزمة سياسية من شأنها أن تطيح بالإنتخابات النيابية المبجلة . ويمكن لهذه المعضلة السياسية ان تتكرر في أكثر من مناسبة خلال الأشهر القليلة المقبلة وهي المدة التي تفصلنا عن موعد الإنتخابات القادمة .

يقول البعض : ماذا تريد أن تقول ؟ ان الإنتخابات النيابية في مهب الريح ... ألا تعلم يا هذا ان الوطن كله في مهب الريح ؟

أيمن حجازي