العدد 1510 /27-4-2022

يتحرك بارومتر الخشية على إجراء الإنتخابات النيابية صعودا وهبوطا مع حدوث جملة من التطورات الداخلية والخارجية المحدقة بالساحة اللبنانية . وتختلف آراء المراقبين والمحللين حول جدية هذه الخشية وفعاليتها ، فينقسم هؤلاء بين حالات التشاؤم والتفاؤل التي يتحرك بعضها نحو تفاؤل حاد ينفي أي إمكانية للتعطيل وبين حالات تشاؤم مفرط يؤكد استحالة إجراء تلك الإنتخابات في ظل التداخل في التعقيدات المحلية والإقليمية و الدولية . وتتحرك حالات التفاؤل والتشاؤم تلك في إطارها الإتهامي ، حيث يلجأ البعض الى التشكيك في نوايا بعض القوى المشاركة في الحكومة حيال تلك الإنتخابات بفعل معاكسة رياح الشارع اللبناني لمصالحها منذ ١٧ تشرين اول ٢٠١٩ ... وفي المقابل رد البعض في الآونة الأخيرة على ذاك الفريق بتشكيك مقابل خصوصا بعد بروز إستطلاعات رأي تشير الى أن أي إنتخابات نيابية تجرى الآن لن تنقل الأكثرية النيابية من معسكر سياسي الى معسكر آخر ، خصوصا بعد إنسحاب تيار المستقبل من الميدان الإنتخابي .

وبين التفاؤل والتشاؤم تتحرك بعض الأحداث والحوادث لتلقي بثقلها السياسي والمعنوي والأمني الكبير على موعد الخامس عشر من أيار المقبل . وتأتي في هذا السياقحادثة غرق الزورق الطرابلسي في شمال لبنان والذي أودى بحياة عدد غير قليل من المواطنين الفارين الساعين الى الهجرة الى خارج الوطن بعد ان استحالت عليهم الحياة الكريمة في لبنان . وباتت غالبية المجتمع اللبناني تحت وطأة أزمة سياسية - إقتصادية - اجتماعية متشعبة تزيد من حدتها الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من أزمات قمح وزيوت ومواد غذائية ... فضلا عن ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا .

لم تبقى حادثة الزورق الطرابلسي في إطارها الإنساني - الإجتماعي ، بل إنها اتخذت بعدا طائفيا تم استخدام بعض مفرادته ضد الجيش اللبناني كمؤسسة وكقيادة . وبما أن الغالبية الساحقة من الضحايا ذو إنتماء طائفي واحد فقد جاءت بعض ردود الفعل الشارعية ببعد مذهبي تم تأجيجه من قبل بعض أصحاب النوايا غير الحسنة . ولكن كل ذلك لا ينفي أبدا فداحة الحادثة المفجعة وإصابتها للعاصمة الشمالية في كل ما ترمز اليه . وهذا ما دفع برئيسي الجمهورية والحكومة الى التشديد على ضرورة إجراء تحقيق قضائي شفاف والى استدعاء قائد الجيش جوزف عون ومدير المخابرات طوني قهوجي وقائد القوة البحرية في الجيش هيثم ضناوي الى جلسة مجلس الوزراء من أجل البحث في هذه الحادثة المؤلمة . وقد أكد العماد جوزف عون إثر تلك جلسة مجلس ٦الوزراء أنه يضع نفسه في تصرف القضاء لجلاء الصورة وتحديد المسؤليات . وقد دخل العامل الإسرائيلي على خط تدعيم المؤشرات التي تعكر صفو الإنتخابات المفترضة من خلال سقوط خمسين قذيفة مدفعية صهيونية على بعض قرى منطقة صور بذريعة سقوط صاروخ واحد قيل أنه انطلق من الآراضي اللبنانية . واللافت في الموضوع أن جهات أمنية وإعلامية صهيونية وجهت أصابع الإتهام الى حركة حماس بإطلاق ذلك الصاروخ في الوقت الذي أورد موقع " واللاه العبري "خبرا مفاده أن القيادي الحمساوي صالح العاروري قد " نجح في تجنيد وتدريب قوات كبيرة في لبنان بمساعدة إيران وتحت عين حزب الله " ...

وهكذا يرتسم السؤال الكبير في اللحظة السياسية اللبنانية الحالية حول ما نواجهه : فهل نحن أمام خوف جدي وحقيقي على مصير الإنتخابات النيابية اللبنانية ؟ أم أننا حيال عملية تخويف ومراكمة لأوهام متنوعة لن تشكل تهديدا أمام تلك الإنتخابات التي يقال أنها باتت حقيقة قائمة لا مفر ولا مناص من قيامها في الزمان والمكان المحددين من ضمن صيغة " رفعت الأقلام وجفت الصحف " .

أيمن حجازي