العدد 1519 /6-7-2022

لم تكد الإستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أن تنتهي حتى حمل هذا الأخير تشكيلة حكومية سريعة الى قصر بعبدا . وكانت هذه السرعة قياسية بالمقارنة مع المماحكات التي كانت تحيط عادة بتشكيل الحكومات اللبنانية وتستغرق شهورا طويلة خصوصا في حكومات ما بعد الطائف . وبما أن المهلة المتبقية من عمر العهد الحالي لا تتجاوز بضعة شهور ، فإن مبادرة الرئيس ميقاتي السريعة كانت تهدف الى الإستفادة القصوى من الوقت . وذلك في ظل تصاعد الحديث عن استحالة تشكيل الحكومة في ظل التعقيدات السياسية القائمة وفي ظل إزدحام الإستحقاقات القادمة وفي مقدمها إنتخابات رئاسة الجمهورية التي ينبغي ان تجرى بين الحادي والثلاثين من آب المقبل والحادي والثلاثين من تشرين الأول من العام الحالي .

ومع تداخل الملفات السياسية الكبرى ، بلغت الأزمة الحياتية والمعيشية ذروة من ذراها الكبرى مع الإستمرار في تدهور العملة الوطنية والفحش في إرتفاع الأسعار وتردي الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة . وقد سجل في هذا السياق أن " الأبطال " الذين كانوا يرغون ويزبدون قبيل الإنتخابات النيابية دفاعا عن لقمة عيش الفقراء قد خفتت أصواتهم بعد أن باتوا منهمكين بأولويات سياسية مغايرة وأغفلوا الجوانب المطلبية المتعددة والتي كان آخرها رفع أسعار تكلفة الإتصالات في الجمهورية اللبنانية وبات البعض يطالب بالإعتذار من الوزير السابق محمد شقير الذي كانت خطوته برفع بعض تكاليف الإتصالات شرارة في ثورة وحراك السابع عشر من تشرين الأول لعام ٢٠١٩ للميلاد .

ويبدو أن المصارحة غائبة بين الساسة والقادة من جهة والجماهير " الغفورة " من جهة أخرى ، حيث الحديث عن تشكيل الحكومة المستحيل بات لونا من ألوان الترف السياسي والتسلية المشوبة بالحذر . والكل يعلم أن الترتيبات قائمة على قدم وساق للوصول الى وضعيات تتلاءم مع مصالح الأطراف الكبرى في حال وقع الفراغ الرئاسي . وكان لزاما على الحكومة القائمة أن تتسلم الصلاحيات الرئاسية حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال . وقد تعالت في الأسابيع الأخيرة أصوات من التيار الوطني الحر تشكك في دستورية تسلم حكومة تصريف الأعمال للصلاحيات الرئاسية في حال وقوع الفراغ الرئاسي المذموم . الذي إن حصل فإنه سيكون الفراغ الرئاسي الرابع بعد ثلاث فراغات رئاسية مشهودة كانت على الشكل التالي :

- في أيلول من عام ١٩٨٨ إنتهت ولاية الرئيس أمين الجميل دون إنتخاب بديل . ما أدى الى تشكيل حكومة عسكرية برئاسة قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون في مقابل الحكومة الموازية التي كانت قائمة برئاسة الدكتور سليم الحص وقد حصل إنقسام كبير في البلد عمق الأزمة اللبنانية الناتجة عن الحرب التي اندلعت إبتداء من عام ١٩٧٥ . ولم ينته ذلك الفراغ الرئاسي إلا بانتخاب الرئيسين رينية معوض والياس الهراوي في تشرين الثاني من عام ١٩٨٩ .

- في أيلول من عام ٢٠٠٧ إنتهت ولاية الرئيس إميل لحود دون أن ينتخب بديل له وقد ملأت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الفراغ الذي استمر الى شهر أيار من عام ٢٠٠٨ حيث جاءت تسوية الدوحة بالعماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية .

- في أيار من عام ٢٠١٤ انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان دون أن ينتخب بديل ما أوجد فراغا رئاسيا ملأته حكومة الرئيس تمام سلام التي استمرت في القيام بهذه المهمة حتى خريف ٢٠١٦ وقيام التسوية الرئاسية بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري وبالتالي إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية.

- في ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٢ ... و ...و ... (تتمة الثرثرة السياسية والتاريخية ) ...

لا أعلم في أي تاريخ قادم يمكن ان يتم الكشف عن العلاقة الوثيقة بين مفتعلي أزمة الكهرباء في لبنان وبين تجارة المولدات واستيرادها وقد يصل هذا الأمر الى علاقة هؤلاء بتجارة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وما شابه ذلك . وقد يكون الحديث عن الكهرباء وهمومها أهم بكثير من كل الكلام السياسي الفارغ الذي ازدحمت به هذه السطور . أستغفر الله .

أيمن حجازي