العدد 1483 /20-10-2021

خمسة أشهر تفصلنا عن الموعد الذي حدده المجلس النيابي اللبناني للإنتخابات النيابية في السابع والعشرين من أذار المقبل . ولا أعلم إن كان التحقيق الذي بدأ بحادثة الخميس الماضي في الطيونة يمكن ان يصل الى شيء قبل هذا التاريخ . وما إذا كنا سنشهد أحداثا أخرى في هذه الفترة الزمنية المشهودة . وقد يقال أنني أورد هذا الكلام من قبيل التشكيك في إجراء تلك الإنتخابات المشار إليها . وهذا صحيح جدا ، فأنا في هذا الموضوع من أهل الشك والتشكيك وما يزيد من شكي هي تلك البرودة التي ما زالت تلف ذلك الإستحقاق الذي كان من المفترض أن يكون مصحوبا مع استحقاق آخر ألا وهو الإنتخابات البلدية والإختيارية التي يبدو أنها صارت في خبر كان . دون ان ننسى ملك الإستحقاقات في خريف العام المقبل ألا وهو الإنتخابات الرئاسية المبجلة ...

لا شيء يوحي بأن الأمور تسير وفق تسلسل الإستحقاقات الدستورية في ال ٢٠٢٢ وهو عام الإستحقاقات الدستورية المتنوعة ، فالأجواء السياسية حبلى والمعضلة السياسية كبرت ككرة الثلج . وذلك منذ ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ ومرورا بإنفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠ وإنتهاء بعجائب التحقيق في ذلك الإنفجار التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة وأدت الى وقوع حادثة الطيونة الدموية ... هذه المعضلة السياسية أخرجت الى العلن الكثير من مشكلات التكوين الكياني اللبناني بكافة أبعاده السياسية والطائفية والمذهبية ... محليا واقليميا ودوليا . إن هذا التشكيك بإجراء الإنتخابات النيابية ( الذي أتحمل شخصيا وزره ) ، لا يتلاءم ولا ينسجم مع الحماسة الدولية الأوروبية والأميريكية لوجوب إجراء هذه الإنتخابات . حيث يلاحظ ان معظم العواصم الكبرى قد شمرت عن ساعد الجد كي تدفع القادة اللبنانيين نحو تمرير هذا الإستحقاق الذي يعلق عليه البعض ( في لبنان وخارجه ) آمالا عراض . وتتحمور هذه الآمال حول إنتزاع الأكثرية النيابية من تحالف حزب الله - التيار الوطني الحر ، وإعادتها الى أشلاء معسكر الرابع عشر من أذار وبقاياه المتناثرة .

وينبت في هذا الخضم تساؤل حول الهدف من الإصرار الدولي الأميركي والأوروبي على إجراء الإنتخابات النيابية اللبنانية ، وما هو مآل هذا الإصرار في حال إنفراط عقد هذه الإنتخابات ؟

إن هذا الإنفراط المفترض في حال حدوثه ( لا سمح الله ) ، سيؤمن للعواصم الدولية المتدخلة بالشأن اللبناني مزيدا من المبررات لمضاعفة هذا التدخل الذي يتمظهر عن طريق العقوبات الملوح بها ضد الساسة والقادة وضد الكيانات السياسية والحزبية الموجودة في السلطة . وهذا ما يفسر انضباط الجميع في الداخل اللبناني وإجماعهم على إجراء الإنتخابات النيابية حتى من قبل المتضررين من القانون الإنتخابي الحالي ، وهم الذين فضلوا السكوت حاليا على هذا القانون حتى لا يتهموا بالسعي الى تأجيل الإنتخابات النيابية وهي تهمة مشينة لا ينبغي أن تلحق بأي من القوى السياسية اللبنانية التي تعتد بحضورها الجماهيري القوي .

ويسجل في هذا السياق تضارب في حسابات بعض الأطراف السياسية الذين انغمس بعضهم ( حزب القوات اللبنانية ) في نشوة التوسع في حجم كتلتهم النيابية في انتخابات ٢٠١٨ ، في الوقت الذي خسر فيه حلفاءهم المفترضين كثيرا من جراء قانون الصوت التفضيلي وتحديداتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي . فكانت المفارقة المشهودة بين الربح الحزبي الخاص والخسارة التحالفية العامة . ليعود حزب القوات ويشتكي على امتداد السنوات الثلاث الماضية من إمساك التحالف المناوىء على مقاليد السلطة خصوصا بعد زوال مفاعيل تفاهم معراب بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر .

لهفي على هذا الشعب اللبناني الذي بات يحيا بألم ووجع على حدود الجوع والإقتصاد المنهار من جهة ، وعلى تخوم الدم والموت والنار التي ظهرت معالمها يوم الخميس الماضي في ملحمة الطيونة . أبعد الله عنا كل الطيونات التي قد تراود مخيلة البعض وتفتك بهم .

أيمن حجازي