العدد 1540 /7-12-2022

مازن عثمان

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاة والدنا الحبيب والتي تصادف السادس من هذا الشهر ،يطيب لي أن أستذكره بقصيدة نظمها عام ١٩٨٠ رثاء لوالده الحاج حسين عثمان رحمه الله ، وهي بعنوان (رثاء والد ) وتنطبق أبياتها عليه هو أيضاً ولكأنه يرثي بها نفسه‏ وقد نقلتها مع بعض التصرف في أبياتها.

أأعيشُ بعدك َهكذا وحدي؟!

رحماك َضاق الصدرُ عن وجدي

‏رحماك َبتُّ أعيشُ يحملني

‏شوقٌ إليك َوآخرٌ يُردي

‏يا غائباً ما غابَ مبسمُهُ

‏ عنّا ولا غابتْ يدُ الرِّفدِ

‏يا ماسحاً أحزانَ غربتنا

‏في عالمِ الإجهادِ والسُّهدِ

‏يا ليتنا كنّا الفداءَ ولمْ

‏نُفجعْ بِفَقدِ الماجدِ الفردِ

‏يا ليتنا-ونقولها أبداً-

‏و((الليتُ)) لا تُغني ولا تُجدي

‏يا والدي أمَلَلْتَ صُحبَتنا؟!

‏فمضَيتَ لم توُمِ ولم تُبدِ

‏يا والدي أسئِمتَ عشرتَنا

‏فلِمَن تركتَ براءَة المُرْدِ

‏أتركتَنا للدَّمعِ يغمُرنا؟

‏لليتمِ، للآهاتِ،للوجْدِ؟!

أتركتَنا للحزنِ يغمُرنا؟

للْهمِّ، يقتُلُنا، بلا قصْدِ

تاللَّهِ ما جفَّتْ مدامعُنا

لا لا ، ولا غُيِّبْتَ في لحدِ

بل أنتَ فينا طيفُ بارقةٍ

في الحِلِّ ، والترحالِ ، والبُعدِ

أعَرفتَ لمْ لا زلتُ أحملها؟

ذِكراكَ في عزْمٍ وفي جِدِّ

رُحماك يا من كُنْتَ لي مثلاً

في الصَّبرِ، في الإيثارِ ، في الزُّهْدِ

……

أسمعتَ يا أبتاهُ صرختَنا ؟

أبتاهُ - كالأطفالِ - في المهدِ

نبكي ويبكي كلُّ من معنا

من يافعٍ ، أو طاعنٍ جَلْدِ

يبكونَ فيكَ سماحةً وندىً

يبكونَ تضحيةً بلا حَدِّ

يبكونَ أخلاقاً ومكرمةً

بقساوةِ الأيَّامِ في الودِّ

……

يا والدي نجواكَ ألمحها

تسري كما التيَّار في الجلْدِ

وأحسُّ رعشتَها وأنْشُقُها

فكأنَّها الأطيابُ في البُردِ

……

رافقتَني حيناً ومذ دهمت

سُحُبُ الأسى خلَّفتني وحدي !!

للعاصِفِ المجتاحِ يفجعُني ،

لضراوةِ الأنواءِ ، للرعدِ

لمرارةٍ ، لقساوةٍ ، لأسىً

ليحول بعدك حَنْظَلاً شهدي

خلَّفتَنِي للحُزْنِ يطحنني

للهمِّ يدمي القلب ، للوَأْدِ…

فاللّهُ مرجعُنا وغايتُنا

وإليهِ يُفْضي الأمْرُ ، ذا ردِّي…

الشاعر عثمان حسين عثمان (أبو مازن ) رحمه الله.