العدد 1543 /28-12-2022

إبراهيم المدهون

أقامت حركة حماس في ذكراها الخامسة والثلاثين مهرجانًا جماهيريًّا حاشدًا في مدينة صيدا بجنوب لبنان، حيث تلألأت المدينة اللبنانية بالأعلام الفلسطينية ورايات الحركة الخضراء، إذ شهد المهرجان تفاعل وحضور فلسطيني واسع وملحوظ على المستويين الشعبي والنخبوي فضلاً عن الاهتمام الإعلامي والوطني اللافت.

تناغم مهرجان حماس في لبنان مع حشود غزة وكتائبها، وانتفاضة الضفة وثورتها، ورباط المقدسيين في المسجد الأقصى، لتكتمل الصورة الوطنية، هذه فلسطين وهذه حماس، تأتي بطوفان هادر، وتتحرك في أماكن تواجد شعبها بنبض المقاومة، متسمكةً بالثوابت الوطنية وبحق العودة، مؤكدة على دورها الرّيادي والنّضالي.

بدأ المهرجان بعرضٍ كشفيٍ من كشافة شباب فلسطين في لبنان، رفعوا خلاله صور شهداء الضّفة وثوّارها، وصور أهالي الشهداء من آباء وأمهات، وأرسلوا التّحية لعرين الأسود وكتيبة جنين، فهذا هو الارتباط الوثيق بين حماس في لبنان والشباب الثائر في الضفة، ورجال القسام في غزة.

تابعت عن كثبٍ فعاليات المهرجان الجماهيري الحاشد، وقد أسرني مشهد آلاف الفلسطينيين في لبنان، مشهدٌ مبهج يعطي مناعة وطنية، ويمنحنا ثقة جديدة بضرورة ووجوب حق المقاومة الأصيل، فالحضور واسع ومتفاعل ومتأهّب للعمل، والعاطفة العميقة بأوجها وكأننا نعيش بداية النكبة نفس الحماس للعودة لم ينطفئ، فشعبنا في الخارج ما زال بخير يصحوا ويغفوا على رائحة فلسطين وكل ما يقرب إليها من قول او عمل.

ويحسب لـ حماس لبنان هذا التنظيم الراقي المميز، فنحن أمام قوة فلسطينية قادرة على العمل والترتيب والتنظيم بما يخدم صورة الفلسطيني ويقدمّه بأجمل حلة وأبهى إطلالة، ويستثمر حضوره في الاتجاه الصحيح، فشعبنا في الخارج هو نواة قوتنا الحقيقية القادرة على التفاعل في كل لحظة مع فلسطين، وتستعد للعمل أربع وعشرون ساعة مع مقاومتها من أجل التحرير والعودة.

نجاح هذه الفعاليات الضخمة وتنظيم حشدها دليل على حضور شعبنا وتمسّكه بهويّته وانتمائه للمقاومة، وتعاظم دوره في الخارج، فيؤكد شعبنا الفلسطيني في لبنان، أنه أقوى من كل المؤامرات، وعَصِيٌ على الكسر، فرغم التجويع والتضييق وما يعانيه شعبنا في لبنان وما تعانيه مخيماتنا من ضغط وتضييق للانفضاض والتّخلي عن مقاومته وهويته، تأتي الجماهير أفوجاً أفوجا لحماس بيوم ماطر، تجدد ارتباطها المصيري بالمقاومة وبطريق عودتها لأرضها.

وهذا يحتم على قيادة شعبنا ومقاومتنا، زيادة دعم ومساندة الفلسطيني في لبنان، وتقوية مؤسساته وواقعه المعيشي، فهذا الشعب يُعتمد عليه في الشدائد ومتأهب لكل طريق يؤدي ويوصل لفلسطين، وتلبيته لنداء حماس في لبنان اليوم يُفشل كل محاولات فض الحاضنة الشعبية عن مقاومتها وحركتها، اليوم هناك رسالة للاحتلال الصهيوني لقد فشلت بتذويب شعبنا وتمزيقه، فالفلسطيني بالخارج له دور لا يقل عن دور الفلسطيني بغزة والضفة والقدس، وأن حماس بلبنان لها فعل وحضور أكبر مما تظنّهُ.

وبالعودة لهامش المهرجان؛ لقد لفت انتباهي الحضور النوعي للقوى اللبنانية السياسية والعلمائية والحزبية، فلبنان بكل قواه يحتضن شعبنا ومقاومتنا، وهناك مساندة ودعم واضح من اللبنانيين للفلسطينيين ومؤاخاة وشراكة حقيقة، فالهدف واحد والطريق والمصير مشترك، وهذا ما عبّر عنه الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ محمد طقوش من خلال كلمته المهمة، حيث أكد على أن قضية فلسطين قضية عقيدة ودين، وأنه يطالب ويؤيد حق توفير حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات،

فمثل هذه المواقف اللبنانية الأصيلة مقدرة وتمنح الأمل في البناء والمراكمة.

التقدير والاعتزاز لكل من شارك وأنجح هذا العرس الفلسطيني، وللرجال المجهولين الذين أشرفوا على التنظيم والترتيب ولقيادة الحركة، ولشعبنا الفلسطيني الذي يثبت في كل مرة أنه عظيم وثائر وقادر على المضيّ قدما حتى التحرير.