العدد 1530 /28-9-2022

جدِد النواب السنَّة الذين اجتمعوا في دار الفتوى «التَّمَسُّكِ بِالثَّوَابِتِ الإسلامِيَّة التي أُطلِقَتْ وَأُعلِنَتْ مِنْ دَارِ الفتوى، حَولَ الإيمانِ بِلبنَانَ وَطناً نِهائيّاً لِجَمِيعِ أبنائه. كما جددوا التَّمَسُّكِ بِمَا نَصَّ عليه اتِّفَاقُ الطَّائف، بِالنِّسبَةِ إلى هُوِيَّةِ لبنانَ العَرَبِيَّة، وَلَلأُسُسِ التي تَقومُ عليها الوَحدَةُ الوَطَنِيَّةُ بَينَ عَائلاتِهِ الرُّوحِيَّةِ جميعاً».

واكدوا في بيانهم الختامي انه:«لا يَستَطِيعُ لبنانُ أَنْ يَتَوَقَّعَ يَداً عَرَبِيَّةً شَقِيقَةً تَمتَدُّ إليه لِلمُساعَدَة، وفيه مَنْ يَفتَرِي ظُلماً على الدُّوَلِ العَربيةِ الشَّقِيقَةِ إلى حَدِّ الاستِعدَاء، مِمَّا يُشوِّهُ الأُخُوَّةَ العَربِيَّةَ التي مَعَها يَكونُ لبنانُ أو لا يكون».

من جهته رأى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان «البلدَ يَمُرُّ بِمَخَاطِرَ كبيرة، مِمَّا يَقتَضِي مِنَّا تَعزِيزَ وَحدَةِ الصَّفِّ الإسلاميِّ وَالوَطَنِيّ», داعيا «إلى عَدَمِ المَسِّ بِصَلاحِيَّاتِ رِئاسَةِ الحُكومَة, وَالعَمَلِ مَا بِوُسْعِنَا كي نُسَاعِدَ الرَّئيسَ المُكَلَّفَ لِتَسهِيلِ مُهِمَّتِه».

وحدد المفتي دريان مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ومنها:أولاً: الحِفَاظُ على ثَوَابِتِ الطَّائفِ وَالدُّستُور, والعَيشِ المُشتَرَك, وَشَرعِيَّاتِ لُبنانَ الوَطَنِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالدَّولِيَّة. وَلا يُمكِنُ التَّفرِيطُ بها مَهمَا اخْتَلَفَتِ الآرَاءُ وَالمَواقِفُ السِّيَاسِيَّة, لأنَّهَا ضَمَانَةُ حِفظِ النِّظَامِ وَالاسْتِقرَارِ وَالكِيانِ الوطني.

ثانياً: إنهاءُ الاشتباكِ المُصَطَنَعِ وَالطَّائفِيِّ والانقِسَامِيِّ بِشَأْنِ الصَّلاحِيَّات، وَالعَودَةُ إلى المَبدَأِ الدُّستورِيِّ في فَصلِ السُّلُطاتِ وتعاوُنِها.

ثالثاً: الاتِّصَافُ بِصِفاتِ رَجلِ العَمَلِ العَامِّ الشَّخصِيَّةِ والسياسية, لأنّ رَجُلَ العَمَلِ العَامِّ – كما يقولُ عُلماءُ السِّيَاسَة- تَحكُمُهُ أخلاقُ المُهِمَّة، وأخلاقُ المسؤولية.

رابعاً: الاتِّصافُ بِالحِكْمَةِ والمَسْؤوليةِ الوَطنيةِ والنَّزَاهَةِ, وبالقدرةِ على أن يكونَ جَامعاً للبنانيين!.

وشدد على ان «لبنانُ لا يَقومُ إلا بِالتَّوَافُق, وَلا خَلاصَ إلا بِوَحدَتِه, بَعِيداً عَنِ التَّشَنُّجِ وَالخِطَابِ الطَّائفيّ, وَالشَّحْنِ التَّحرِيضِيّ.ِ

عقد اجتماع امس الاول للنواب السنة في دار الفتوى بدعوة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي استهل الجلسة بقراءة سورة الفاتحة على أرواح ضحايا القارب الذي غرق قبالة ساحل طرطوس.

وتوجه الى النواب بالقول: «أشكُرُكم جميعاً على الحُضورِ إلى هذه الدَّارِ العَامِرَةِ بِكُم . لقدِ اعْتَادَتِ الدَّارُ أنْ تَكونَ حَاضِرَةً وَمُؤثِّرةً في الأَحدَاثِ الوَطَنِيَّة, التي تَمَسُّ الصَّالِحَ العامَّ لِلمُواطِنِين، وَكيفَ تُؤثِّرُ إيجاباً إلاّ بِكُمْ, أنتمُ الذين يَنبَغِي أنْ تُمَثِّلُوا النَّاسَ بَعدَ انتخاباتٍ صَعبةٍ وَسَطَ هذه الكَارِثَةِ التي لم يَشْهَدِ الوَطَنُ مَثيلاً لها مِنْ قَبل. فنحن نَجتَمِعُ اليومَ لِهَدَفٍ هو أبعدُ ما يكونُ عَنِ الضِّيقِ الطَّائفِيِّ أوِ المَصلَحِيّ. لقد أردتُ جَمْعَ الشَّمْل على أهدافٍ وَطَنِيَّةٍ سامية. ونحن في الأصلِ أَهْلُ شُورَى وتعاوُن. فعلينا بِالوَحدَةِ مَهمَا اخْتَلَفَتْ آراؤنا, وَطنُنا في خطر . ودَولتُنا في خَطَر. ومُواطِنُونا في أَقْصَى دَرَجَاتِ البُؤس. وَالمَسؤُولِيَّاتُ مُشتَرَكَة . وَأَردْتُ أَنْ نَكونَ يداً وَاحِدةً, وَصَوتاً واحِداً فِي تَحقِيقِ مَا يَصبُو إليه النَّاسُ جميعاً, مِنْ تَشكِيلِ حُكُومة، وَانْتِخَابِ رَئيسٍ جَديدٍ لِلجُمهُورِيَّة، لِمُعَالَجَةِ الأَزَمَاتِ التي يُعانِيهَا المُوَاطِنُ على المُستَوَيَاتِ كَافَّة، اِقتصادِيَّةً وَاجْتِمَاعِيَّةً وَمَعِيشِيَّةً وَتَنمَوِيَّة. ولا شكَّ في أنَّ هناكَ كَثِيرِينَ بَينَ السَّادَةِ النُّوَّاب، مِمَّنْ يُمكِنُ أنْ تَتَعَاوَنُوا وَإيَّاهُمْ, على جَمْعِ الكَلِمَةِ على الرَّئيسِ الجَدِيدِ المُؤَهَّل. همِّي أنْ يكونَ لنا صَوتٌ وَاضِح، حَسْبَمَا هي تَقالِيدُنا وَأعْرَافُنا في تَشكِيلِ اللُّحمَةِ الوَطَنِيَّة, في أَصعَبِ التَّحَدِّيَاتِ وَالظُّرُوف».

أضاف: «لا يَخفَى عليكُمْ أنّ البَقَاءَ لِلأَوطَانِ وَالدُّوَل, مَنُوطٌ بِفَعَالِيَّةِ مُؤَسَّسَاتِها الدُّستُورِيَّة, وَعَلى رَأْسِهَا رِئاسةُ الدَّولة. فالرَّئيسُ هو رَمزُ البِلاد, وَحَامِي دُستُورِها الذي عليه يُقْسِم؛ وأُشِيرُ هُنَا إلى الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك، الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد، في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له. ولِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد, ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ, وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين.فقد تكاثَرَتِ الأَزَمَات، وَتَكَاثَرَتْ الاستثناءَات, وَتَكَاثَرَتْ حَالاتُ الغِيَابِ أَوِ الضَّعف, أو الانْسِدَادِ في سَائرِ المُؤَسَّسَاتِ وَالمَرَافِق، بِحَيثُ دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة، وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة؛ وَيُوشِكُ العَرَبُ وَالعَالَم, أَنْ يَتَجَاهَلُوا وُجُودَ لبنان، بِسَبَبِ سُوءِ الإِدَارَةِ السِّيَاسِيَّةِ على كُلِّ المُستَوَيَات. لا بُدَّ مِنْ رَئيسٍ جديدٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَأنتُمُ المَسؤولون عن حُضُورِهِ أَو إحضَارِه, وستكونون في طَلِيعَةِ المَسؤولين عَنْ غِيابِهِ لأيِّ سببٍ كان.لا بُدَّ مِن رئيسٍ جديدٍ يُحافظُ على ثوابتِ الوَطَنِ والدَّولة, فَيَا أيُّها النُّوَّابُ الكِرام, ساهِمُوا- وهذه مسؤولِيَّتُكُم – في التغيير، وفي استعادَةِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّة, لاحْتِرَامِها وَدَورِها بِالدَّاخِل، وتُجاهَ الخارج».

وتابع المفتي دريان: «الرَّئيسُ الذي نُرِيدُهُ جميعاً مُوَاصَفاتُهُ وَاضِحَة، وَأنتُمْ جَمِيعاً تَعرِفُونَها أَكْثَرَ مِنّي . المُواصَفَاتُ هي:

أولاً: الحِفَاظُ على ثَوَابِتِ الطَّائفِ وَالدُّستُور, والعَيشِ المُشتَرَك, وَشَرعِيَّاتِ لُبنانَ الوَطَنِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالدَّولِيَّة . وَلا يُمكِنُ التَّفرِيطُ بها مَهمَا اخْتَلَفَتِ الآرَاءُ وَالمَواقِفُ السِّيَاسِيَّة, لأنَّهَا ضَمَانَةُ حِفظِ النِّظَامِ وَالاسْتِقرَارِ وَالكِيانِ الوطني.

ثانياً: إنهاءُ الاشتباكِ المُصَطَنَعِ وَالطَّائفِيِّ والانقِسَامِيِّ بِشَأْنِ الصَّلاحِيَّات، وَالعَودَةُ إلى المَبدَأِ الدُّستورِيِّ في فَصلِ السُّلُطاتِ وتعاوُنِها.

ثالثاً: الاتِّصَافُ بِصِفاتِ رَجلِ العَمَلِ العَامِّ الشَّخصِيَّةِ والسياسية, لأنّ رَجُلَ العَمَلِ العَامِّ – كما يقولُ عُلماءُ السِّيَاسَة- تَحكُمُهُ أخلاقُ المُهِمَّة، وأخلاقُ المسؤولية.

رابعاً وأخيراً: الاتِّصافُ بِالحِكْمَةِ والمَسْؤوليةِ الوَطنيةِ والنَّزَاهَةِ, وبالقدرةِ على أن يكونَ جَامعاً للبنانيين, والانصرافُ الكُليُّ مَعَ السُّلُطاتِ الدُّستُورِيَّةِ والمُؤَسَّساتِ والمَرَافِقِ المُتاحَة, لإخراجِ البِلادِ مِنْ أزَمَاتِها، وَمَنْعِهَا مِنَ الانهيارِ الكامِل. لا بُدَّ مِنْ رئيسٍ بِهذِهِ الصِّفَات. أو نَتَفَاجَأُ بِاختفاءِ النِّظَامِ ثُمَّ الدَّولة».

وقال: «البلدُ يَمُرُّ بِمَخَاطِرَ كبيرة، مِمَّا يَقتَضِي مِنَّا تَعزِيزَ وَحدَةِ الصَّفِّ الإسلاميِّ وَالوَطَنِيّ, وَنَدعُو إلى عَدَمِ المَسِّ بِصَلاحِيَّاتِ رِئاسَةِ الحُكومَة, وَالعَمَلِ مَا بِوُسْعِنَا كي نُسَاعِدَ الرَّئيسَ المُكَلَّفَ لِتَسهِيلِ مُهِمَّتِه, هذه مَسؤوليَّةٌ مُشتَرَكَة, تَقَعُ على عَاتِقِ الجميع, ونحْنُ نَتَوَسَّمُ ونَسْتَبْشِرُ خَيْراً بَتَشْكِيلِ الحُكومةِ العَتِيدَةِ بالسرعةِ المُمْكِنةِ وفي الأيامِ القَليلةِ المُقْبِلة, لأنَّ وَطنَنَا لبنان يحْتَاجُ في هذه الظروفِ القَاسِيةِ والصَّعْبَةِ إلى حُكُومَةٍ كاملةِ الصَّلاحِيَّات, لا إلى بقَاءِ حكومةٍ لتََصْرِيفِ الأعمال».

وشدد على ان «لبنان لا يَقومُ إلا بِالتَّوَافُق, وَلا خَلاصَ إلا بِوَحدَتِه, بَعِيداً عَنِ التَّشَنُّجِ وَالخِطَابِ الطَّائفيّ, وَالشَّحْنِ التَّحرِيضِيِّ.فَلْنَكُنْ لِوَطَنِنَا وَشَعبِنا لِيَبقَى وَطَنُنَا لنَا، وَيَثِقَ شَعبُنَا بِنَا. لا بُدَّ - وَبِإرَادَتِكُمْ وَأَصوَاتِكُمْ - مِنْ رَئيسٍ جديدٍ, نَستَطِيعُ أنْ نَثِقَ بِهِ لِأمَانَتِه لِلدُّستُورِ واتفاقِ َالطَّائف، وَالعَيشِ المُشتَرَك, وَهُوِيَّةِ لبنانَ العَرَبِيَّة, وَعَلاقاتِهِ الدَّولِيَّة؛ والنَّزَاهَةُ أهمُّ صِفَاتِه. نحن نُرِيدُ رَئيساً لا يكونُ هُوَ جُزءٌ مِنَ المُشكِلَة, أو سبباً فيها. وشُكراً لِحُسنِ اسْتِمَاعِكُم، وَهياَّ لِلتَّشَاوُر, لِتَجَاوُزِ الحَيرَةِ والاحْتِقَان، وَصَونِ وَطَنِنَا وَاسْتِقْرَارِنا، واسْتِقْلالِنَا، وَحَيَاةِ مُوَاطِنِينَا».

وفي الختام عقدت جلسة مغلقة دار فيها نقاش بين النواب والمفتي دريان.

ولبّى أعضاءُ المجلسِ النِّيابِيِّ اللبنانِيِّ مِنَ المسلمين السُّنَّة, دَعوَةَ مفتي الجمهوريَّةِ اللبنانِيَّة, الشيخ عبد اللطيف دريان، لِلبَحثِ في «الدَّورِ الوَطَنِيِّ الذي تَلتَزِمُهُ الدَّارُ وَتَعمَلُ عليه, تَعزيزاً لِلوَحدَةِ الوَطَنِيَّةِ وَالعَيشِ المُشتَرَك, وَدِفَاعاً عَنْ هُوِيَّةِ لبنانَ وَانتِمَائهِ العَرَبِيّ, وَصَونًا لِرِسَالَتِهِ الإنسانِيَّةِ التي يَعتَزُّ بها ، وانطلاقًا مِنَ الأوضاعِ الاجتماعِيَّةِ والاقتصادِيَّةِ المُتَرَدِّيَة, التي تَزدَادُ خُطورَةً وَمَأساوِيَّةً يوماً بَعدَ يَوم, وَبَعدَ اكْتِمَالِ عَمَلِيَّةِ انتخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ الجَدِيد, وَبَدْءِ أَعمَالِهِ التَّشْرِيعِيَّة, وَمَعَ اقتِرَابِ المَوعِدِ الدُّستُورِيِّ المُحَدَّدِ لانتِخَابِ رَئيسٍ جَدِيدٍ لِلجُمهُورِيَّة, كانَ لا بُدَّ مِنَ التَّشَاوُرِ حَولَ الدَّورِ الوَطَنِيِّ الذي يُفتَرَضُ أن يَقومَ بِهِ مُمثِّلُو الشَّعبِ اللبنانيّ، إنقاذاً لِلشَّرعِيَّةِ الدُّستُورِيَّة، مِمَّا تَعَرَّضَتْ وَتَتَعَرَّضُ له مِنْ تَجَاوُزات، وتَصحَيحاً لِمَسَارِ العَلاقَاتِ مَعَ الإخوَةِ العرب، التي تَعَرَّضَت له هذه العَلاقَاتُ مِنْ أذَىً وَتَشوِيهٍ وَإساءَاتٍ مُتَعمَّدَة، اِنعَكَستْ سَلباً على الأُسُسِ التي تَقُومُ عليها الأُخُوَّةُ العَرَبِيَّة, وَعَلى مَصالِحِ لبنانَ المَعنَوِيَّةِ وَالمَادِيَّةِ المُباشِرَة, مَعَ الدُّوَلِ الشقيقة».

وبَعدَ التَّدَاوُلِ في هذه القَضَايَا, تَوافَقَ المُجتَمِعون على ما يلي:

أولاً : تَجدِيدُ التَّمَسُّكِ بِالثَّوَابِتِ الإسلامِيَّة التي أُطلِقَتْ وَأُعلِنَتْ مِنْ دَارِ الفتوى، حَولَ الإيمانِ بِلبنَانَ وَطناً نِهائيّاً لِجَمِيعِ أبنائه. وَتَجدِيدُ التَّمَسُّكِ بِمَا نَصَّ عليه اتِّفَاقُ الطَّائف, بِالنِّسبَةِ إلى هُوِيَّةِ لبنانَ العَرَبِيَّة، وَلَلأُسُسِ التي تَقومُ عليها الوَحدَةُ الوَطَنِيَّةُ بَينَ عَائلاتِهِ الرُّوحِيَّةِ جميعاً.

ثانياً: تأكيدُ التَّمَسُّكِ بِالمبادِئِ العَامَّةِ التي تُحقِّقُ المُسَاوَاةَ فِي المُوَاطَنَةِ حُقوقاً وَوَاجِبات, وإدانَةُ كُلِّ التَّجَاوُزاتِ التي أدَّتْ فِي السَّابِقِ ولا تَزَالُ تُؤدِّي إلى طَعنِ أُسُسِ الوِفاقِ الوَطَنِيّ، وَالعَيشِ المُشتَرَكِ في الصَّمِيم, لِحِسابَاتٍ فَردِيَّةٍ أو حِزبِيَّةٍ أو طائفِيَّة. فاللبنانيون، جَميعُ اللبنانِيِّين سَواءٌ أمامَ القانونِ فِي الحُقوقِ وَالوَاجِبَات، ولا فَضلَ لِجَمَاعٍة على أُخرَى إلا بِمِقدَارِ مَا تُقَدِّمُهُ لِلبنانَ الوَاحِدِ وَالمُوَحَّد، وَلِرِسَالتِهِ الإنسانِيَّةِ فِي العَيشِ المُشتَرَك .

ثالثاً : لقد عَانَى لُبنانُ مِنْ سُوءِ الإدارة, وَدَفَعَ غَالياً جِدّاً نَتِيجَةَ اسْتِشْرَاءِ الفَسادِ الذي أَصبَحَ مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيد، وَتَحتَ الحِمَايَةِ السِّيَاسِيَّةِ أحياناً، وَمُشَارَكَتِها أحياناً أخرى, أَصبَحَ جُزءاً مِنْ مَنظُومَةِ الإدارَةِ السِّيَاسِيَّة، وَرُكناً مِنْ أَركَانِ بَعضِ المُشتَغِلِين فِي الشَّأْنِ العَامّ, مِنْ سِيَاسِيِّينَ وَإدَارِيِّين, الأَمْرُ الذي أَوصَلَ لبنانَ إلى مَا هُوَ عليهِ الآنَ مِن فَشلٍ وَتَرَدٍّ وَانْهِيَار . لقد آنَ لِهذِه المُعانَاةِ أنْ تَنتَهِي، وَآنَ لِقَوَاعِدِ الفَسَادِ أَنْ تَنْدَثِر، وَآنَ لِلبنانَ أَنْ يَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاء, وَيَنطَلِقَ مِنْ جَديدٍ وَطَنَ المَحَبَّةِ والازْدِهَارِ وَالرَّخَاء.

رابعاً: إنَّ العَمَلَ على إِنقاذِ لبنانَ مِمَّا هُوَ فيه, إلى مَا يَجِبُ أَنْ يَكونَ عليه، يَتَطَلَّبُ أولاً الاعترافَ بِالخَطَأ. وَيَتَطَلَّبُ ثانياً الرُّجُوعَ عن هذا الخطأ . وَيَتَطلّبُ ثَالِثاً مُحَاسَبَةَ المُرتَكِبِينَ أيًّا كانوا . وَيَتَطَلَّبُ رَابعاً تَعاوُناً مُخلِصاً بَينَ جَمِيعِ أبنائه, وَبَينَهُمْ وَبَينَ الإخوَةِ العَرَب, وَالمُجتَمَعِ الدَّولِيّ, لِيَسْتَعِيدَ لبنانُ هُوِيَّتَهُ وَدَورَه, وَلِيَستَرجِعَ مَكانَتَهُ حَاجَةً عَرَبِيَّةً وإنسانِيَّة.

خامساً:لا يَستَطِيعُ لبنانُ أَنْ يَتَوَقَّعَ يَداً عَرَبِيَّةً شَقِيقَةً تَمتَدُّ إليه لِلمُساعَدَة، وفيه مَنْ يَفتَرِي ظُلماً على الدُّوَلِ العَربيةِ الشَّقِيقَةِ إلى حَدِّ الاستِعدَاء، مِمَّا يُشوِّهُ الأُخُوَّةَ العَربِيَّةَ التي مَعَها يَكونُ لبنانُ أو لا يكون.

إنَّ أعضاءَ المَجلِسِ النِّيَابِيِّ اللبنانِيِّ مِنَ المُسلِمِينَ السُّنَّة, الذين اجتَمَعُوا اليَومَ بِرئاسَةِ سَماحَةِ مفتي الجمهوريةِ اللبنانِيَّة, الشيخ عبد اللطيف دريان وَبِمُبَادَرَةٍ مِنه, يُؤَكِّدُونَ الوَلاءَ وَالوفَاءَ لِلبنانَ الذي يَعتَزُّون بِه, ولِلشَّعبِ اللبنانِيِّ الذي يَنتَمُونَ إليهِ بِكُلِّ طَوَائفِهِ وَمَذَاهِبِه، وفِي جَميعِ مَنَاطِقِه . وَيَتَعَهَّدُونَ العَمَلَ بِتَفَانٍ مِنْ أَجلِ تَحقِيقِ الأهدَافِ الوَطَنِيَّةِ الآتية:

1 - المُحافَظَةُ على سِيَادَةِ لبنانَ وَوَحدَتِهِ وَحُرِّيَّاتِه, وعلى حُسنِ عَلاقَاتِه, خُصوصاً مَعَ الأُسرَةِ العَرَبِيَّةِ التي يَنتَمِي إليها. والعملُ مَعَ زُملائهِمُ النُّوابِ الآخَرِين مِن كُلِّ الطَّوَائف, ومِن كلِّ المَنَاطِق، لِرَدِّ الأَذَى عَنْ أيِّ عُضوٍ مِنْ أعضاءِ هذه الأُسرَةِ العَرَبِيَّة, وعدمُ التَّدَخُّلِ فِي شُؤونِها الدَّاخِلِيَّة.

2 - العَمَلُ مَعَ زُملائهِم أَعضَاءِ المَجلِسِ النِّيَابِيِّ على انتِخَابِ رَئيسٍ جَدِيدٍ لِلجُمْهُورِيَّة, فِي المَوعِدِ الدُّسْتُورِيِّ المُحَدَّد, يَكُونُ مِمَّنْ يَحتَرِمُونَ الدُّستُور, وَيَلتَزِمُونَ القَسَمَ الدُّستُورِيّ, وَفَاءً لِشَعبِ لبنانَ وَلِمَصَالِحِه العُليا.

3 - التَّأكِيدُ على أنَّ عَدُوَّ لبنانَ كانَ وَلا يَزَالُ هُوَ العَدُوَّ الإسرائيلِيّ، الذي يُوَاصِلُ احْتِلالَ أَجزَاءٍ مِنَ الأَرَاضِي اللبنانِيَّة, كَمَا يَحتَلُّ مُقدَّسَاتٍ إسلامِيَّةٍ وَمَسِيحِيَّةٍ فِي القُدس, وَفِي العَدِيدِ مِنْ مَنَاطِقِ وَمُدُنِ فِلَسطِينَ المُحتَلَّة. وَهُمْ إذْ يُحَمِّلُونَ المُجتَمَعَ الدَّولِيَّ مَسؤولِيَّةَ استِمرَارِ هذا الاحتِلالِ العُدوانِيِّ الذي يُشَكِّلُ تَحَدِّياً لِلشَّرعِيَّةِ الدَّولِيَّة, وَلِلحُقوقِ الوَطَنِيَّةِ لِلشَّعبِ الفِلَسطِينِيِّ الشَّقِيق, وَبِصُورَةٍ خَاصَّةٍ لِلمُقَدَّسَاتِ الإسلامِيَّةِ وَالمَسِيحِيَّة, يَدْعُونَ إلى تَطبِيقِ قَرَارَاتِ الأُمَمِ المُتَّحِدَة, التي تَنُصُّ على الانْسِحَابِ الإسرائيلِيِّ مِنَ الأَرَاضِي الفِلسطِينِيَّةِ المُحتَلَّة, وعلى اعتبَارِ مَدِينَةِ القُدسِ ذَاتِها, مَدِينَةً مُحتَلَّة.

إنَّ دَارَ الفَتوَى فِي الجُمهورِيَّةِ اللبنانية, التي تَعتَبِرُ نَفسَها دَاراً وَطَنِيَّةً لِلبنانيينَ جميعاً, إذْ تَعمَلُ على جَمْعِ مُمَثِّلِي المُسلِمِينَ السُنَّةِ فِي المَجلِسِ النِّيَابِيِّ على كلمةٍ وَطَنِيَّةٍ جَامعهٍ, تَحرِصُ على أَنْ يِتَحَقَّقَ ذَلكَ في إطارِ وَحدَةِ الكَلِمَةِ اللبنانِيَّة, التي تُعبِّرُ عَنْ هُوِيَّةِ لبنانَ وَرِسالتِه, والتي تَلتَقِي حَولَهَا الأُسْرَةُ اللبنَانِيَّةُ الوَاحِدَةُ بِجَمِيعِ مُكوِّنَاتِها.