العدد 1552 /1-3-2023

فيما عاود الدولار ارتفاعاته ليقترب من عتبة الـ 90 الف ليرة على الطريق إلى الـ100 ألف، جاء رفع سعر الدولار الجمركي من 15 الف ليرة إلى 45 الفاً ليزيد في الطين بلّة، ويعطي ذريعة اضافية للتجار والمحتكرين وحتى للباعة بكل صنوفهم، لرفع الاسعار أكثر فأكثر، فيما يبقى الموظفون والمودعون يتضورون بسعر الـ15 الفاً للدولار، ووفق سقف سحوبات مخفوضة لا يتحاوز الـ10 ملايين ليرة في أفضل الحالات، من مصارف تسرقهم كل يوم. كل ذلك يستمر فيما المنظومة السياسية بكل ألوانها منشغلة في كيدياتها والمشاحنات، مؤخّرة أكثر فأكثر إنجاز الاستحقاقات الدستورية التي تشكّل المعبر الإلزامي إلى المعالجات، لوقف الانهيار المتمادي اقتصادياً ومالياً ونقدياً ومعيشياً، بعدما باتت العملة الوطنية لا تسمن ولا تغني من جوع دخل بيوت اللبنانيين وأقام فيها.

«فرص الحل تنخفض والدولار يرتفع… وكلما ابتعد الاول تضاعف تصاعد الثاني»… معادلة انطلقت منها مصادر مالية لتؤكّد «انّ المدخل الالزامي لفرملة هذا الانهيار الكبير بسعر العملة اللبنانية هو الحل السياسي الذي يبدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية».

وأكّدت هذه المصادر انّ قرار رفع سعر الدولار الجمركي من 15 الف ليرة إلى 45 الفاً اتُخذ بعد ظهر امس بصورة مفاجئة، والسبب انّ مصرف لبنان يرسل في اواخر كل شهر لإدارة الجمارك سعر الدولار الذي سيتمّ احتسابه في الشهر الذي يليه ومتوسطات العملات التي ستُطبّق للشهر التالي، لذلك استعجلت المالية قرار رفعه. علماً انّه وبحسب معلومات إنّ وزير المال يوسف خليل وفي جلسة مجلس الوزراء ، كان قد أبلغ إلى الحكومة انّه سيضطر إلى رفع الدولار الجمركي إلى سعر قريب من سعر منصّة صيرفة لتغطية نفقات القطاع العام والزيادات والمساعدات التي تُصرف له، خصوصاً انّ الارقام الأولية لهذه الزيادات تقدّر بـ 8 آلاف مليار ليرة. وسأل: «من أين سآتي بهذه الاموال ولا إيرادات؟».

وأضافت المصادر، انّ موظفي الادارات العامة يبلغ عددهم 14500 موظف، 8500 منهم قانونيون ويعملون، والبقية فائض تمّ توظيفهم للمحسوبيات ولأغراض فئوية وانتخابية، ومنذ الأساس يتقاضون رواتبهم من دون ان يعملوا. وهؤلاء يجب ترتيب اوضاعهم ككتلة واحدة، حتى تعود عجلة الدولة إلى العمل في اداراتها الرسمية.

وأبدت المصادر تشاؤماً مفرطاً إزاء ما ستؤول اليه الامور، متوقعة «ارقاماً مخيفة لتفلّت الدولار الذي تصاعد حتى الآن 60 مرة عن السعر الأساسي، فيما تصاعد بين اعوام 85 و 92 من 3 ليرات إلى 2800 ليرة، أي بمعدل 930 مرة، وهذا يعني انّه إذا بقي المسؤولون يديرون ظهورهم للحلول ويتصرفون وكأنّ البلد بألف خير، فإنّ التاريخ سيعيد نفسه مع فوارق كبيرة في الواقع ليست لمصلحة هذا الزمن. فحينها كانت المصارف قوية جداً وتستقطب تحويلات كبيرة بسبب السرية المصرفية، وكانت الظروف مختلفة، فكيف الآن ونحن من دون ضابط وقطاع مصرفي منهار؟. وكشفت المصادر، «انّ الاحتياط كسر الـ 10 مليارات دولار نزولاً في اتجاه الـ8، واموال الـ SDR انخفضت إلى ما دون الـ٤٠٠ مليون دولار، ولا تدفق لعملات اجنبية من الخارج، فمن يفرمل ارتفاع سعر الدولار الذي يتصاعد يوميا بين 2% و 6% ما يقدّر بمعدل يومي بين الـ2000 والـ6000 ليرة وكلما زاد سعره ارتفع هذا المعدل».

وختمت المصادر: «هذه جريمة وانتحار إذا لم تتحرّك الطبقة السياسية».

وكان أُعلن في وقت متأخّر من مساء امس، عن اعتماد سعر جديد للدولار الجمركي، رُفع بموجبه من 15 الف ليرة لبنانية إلى ٤٥ ألف ليرة ابتداء من صباح اليوم. وللغاية عينها سيُعتمد سعر اليورو الجمركي للمواد المستوردة من أوروبا بما يساوي ٤٨٢٠٠ ليرة، قياساً على حجم سعر اليورو المتقدّم على الدولار الأميركي.

وقالت مصادر مالية في توصيفها للخطوة إنّ وزارة المال قرّرت الخطوة لتأمين المبالغ التي يمكن أن تتعهّد بها الحكومة لتسوية اوضاع موظفي القطاع العام، ومنهم المدرسون والعسكريون، وتعزيز رواتبهم والمخصّصات المالية التي التزمت بها في جلسة الاثنين الماضي، وتلك التي تعهّدت بتحديدها خلال أسبوعين لفك الاضرابات المعلنة في الوزارات والمؤسسات العامة والقطاع التربوي خصوصاً.

تسوية المصارف

في غضون ذلك، نُفّذت المرحلة الثانية من التسوية التي قادت إلى فك إضراب القطاع المصرفي جزئياً ولمدة أسبوع، تنتهي مفاعيله بعد غد الجمعة، حيث من المقرر ان يجتمع مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان بعد الظهر، لتقويم ما تحقق والبت بمصير قرار العودة عن الإضراب، سواء بالنسبة إلى تمديده وتأكيد استمرار العمل، أم العودة إلى الإضراب مطلع الاسبوع المقبل.