العدد 1503 /9-3-2022

كشفت مصادر مطلعة مقرّبة من المفاوضات النووية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني في فيينا ، عن أنّ المفاوضات "تمرّ بأخطر منعطف وما يمكن أن نسميه حالة انسداد إلى حد ما"، مشيرة إلى أنها "توقفت فعلاً منذ نهاية الأسبوع الماضي بانتظار قرارات واشنطن وطهران حول القضايا الباقية"، فيما عقّبت وكالة "إرنا" الإيرانية لاحقاً بأنّ كبير المفاوضين الإيرانيين سيعود، غداً الأربعاء، إلى فيينا لاستكمال الجولة الثامنة من المفاوضات.

وأضافت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أنّ القضايا العالقة ثلاث: الأولى مطالب إيرانية بشأن رفع "الحرس الثوري" الإيراني عن قائمة الإرهاب، والقضية الثانية مطالبة إيران واشنطن بتقديم "ضمانات اقتصادية مؤثرة" بعدما حُلَّت مسألة الضمانات قبل نحو أسبوعين إثر موافقة أميركية على احتفاظ إيران بأجهزة الطرد المركزي المتطور في الداخل، بعد أن كانت واشنطن تطالب بتدميرها. والقضية الخلافية الثالثة، حسب هذه المصادر، "ترتيبات رفع بعض العقوبات".

وأشارت المصادر إلى أنّ واشنطن وافقت مبدئياً قبل أكثر من أسبوع على رفع العقوبات عن الحرس وكيانات مرتبطة به، لكنها بعد ذلك لم تعط الموافقة النهائية ولم تردّ على الطلب الإيراني بهذا الشأن، لافتة إلى أنّ "هذه أهم نقطة خلاف عالقة"، وأوضحت أن "عدم حسم هذه القضايا في وقت لم تعد تتسع فيه المفاوضات لمزيد من النقاش وضع المفاوضات أمام حالة انسداد بانتظار قرارات إيرانية وأميركية نهائية"، مشيرة إلى أن الموقف الروسي عقّد وضع المفاوضات في لحظاتها الأخيرة.

وقالت إنّ "روسيا أحد الأطراف المهمة بالمفاوضات، وكانت قد لعبت دوراً بارزاً في تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن خلال الشهور الماضية"، مؤكدة أنّ "موسكو بدأت تقحم مفاوضات فيينا وتستخدمها كورقة في صراعها مع الغرب بعد حربها على أوكرانيا".

وأوضحت أنه "حسب نص اتفاق فيينا، يفترض أن تنقل إيران احتياطياتها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى روسيا لاستبدالها بالوقود والكعكة الصفراء، ولذلك إذا عارضت روسيا فعلاً تتويج مفاوضات فيينا باتفاق حالياً، فهذا الموقف سيؤثر بهذه الأجزاء التقنية في الاتفاق".

وعليه، "من شأن الموقف الروسي الجديد تأخير التوصل إلى اتفاق في فيينا، لكنه لن يفشل الاتفاق إذا كانت هناك إرادة حقيقية لدى إيران والولايات المتحدة لتجاوز هذه العقبة"، وفق هذه المصادر المطلعة.

وعزت المصادر المقربة من المفاوضات في فيينا، في حديثها مع "العربي الجديد"، عودة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى طهران، مساء الاثنين، إلى أنها "تشكل مؤشراً على غضب إيراني لعدم استجابة واشنطن لمطالبها الباقية"، قائلة إنّ "هذا التصرف ينمّ أيضاً عن محاولة إيرانية للضغط على الجانب الأميركي".

وأضافت المصادر أن "المفاوضين الإيرانيين عبّروا عن غضبهم ودهشتهم من التصريحات الروسية الجديدة بشأن مفاوضات فيينا خلال الاجتماعات مع منسق المفاوضات أنريكي مورا، وبطبيعة الحال، سيناقش باقري كني خلال وجوده في طهران مع المسؤولين المعنيين الموقف الروسي".

في الصدد ذاته، أفادت وكالة "إرنا" الإيرانية بأنّ كبير المفاوضين الإيرانيين سيعود، الأربعاء، إلى فيينا لاستكمال الجولة الثامنة من المفاوضات.

وأضافت الوكالة الإيرانية الرسمية أنه "على الرغم من التقدم الكبير في المفاوضات، لكن ما زالت ثمة قضايا مهمة عالقة"، مشيرة إلى إن مفاوضات فيينا لم تُفضِ بعد إلى "اتفاق نهائي".

وقالت الوكالة إنه "لا يوجد موعد حاسم للاتفاق"، رابطة التوصل إليه باتخاذ الأطراف الغربية "قرارات سياسية لازمة".

ولفتت المصادر، في حديثها مع "العربي الجديد"، إلى أنه "على الرغم من انتهاء جلسات التفاوض في فيينا، لكن الاتصالات بين إيران ومفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي مستمرة"، مؤكدة "أهمية هذه الاتصالات في الدقيقة التسعين"، ورابطة مصير مفاوضات فيينا بـ"ما ستتمخض عنه في الساعات والأيام القليلة المقبلة، سواء لجهة إزالة آخر العقبات والتوصل إلى اتفاق أو لجهة عدم الاتفاق".

من جانبها، حذرت فرنسا، اليوم الثلاثاء، من أنّ أي تأجيلات أخرى للمحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي قد تقوض فرص الوصول إلى اتفاق، وذلك بعدما سبّب إعلان روسيا لمطالب إضافية تعطيل المفاوضات.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجندر، في إفادة يومية للصحافيين، وفق ما أوردته وكالة "رويترز": "نحن قريبون للغاية من اتفاق. من الضروري أن ننجز المفاوضات بينما لا يزال في استطاعتنا ذلك".

ومضت قائلة: "تقلقنا المخاطر المتمثلة بأن تأجيلات أخرى يمكن أن تؤثر في إمكانية إنجاز المفاوضات".

من جانبها أصدرت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) المشاركة في مفاوضات فيينا، اليوم الثلاثاء، بياناً خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حذرت فيه روسيا من فرض شروط إضافية خلال المفاوضات من شأنها أن تعرقل الوصول إلى اتفاق.

وجاء في البيان الذي نقلته "رويترز" أن "نافذة الفرصة تضيق"، داعياً جميع الأطراف إلى "اتخاذ القرارات اللازمة لإبرام الاتفاق في الوقت الحاضر".

كذلك، دعت الدول الأوروبية الثلاث، روسيا إلى عدم طرح شروط أخرى.

وفيما كانت التوقعات تذهب باتجاه الإعلان قريباً لاتفاق في مفاوضات فيينا، ثمة تطورات مفاجئة حصلت خلال الساعات الماضية بشأن مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أثار شكوكاً في حصول اتفاق قريب، فضلاً عن تساؤلات عن مصير المفاوضات.

وأبرز هذه التطورات عودة "مفاجئة" لكبير المفاوضين الإيرانيين مساء الاثنين إلى طهران، وإعلان منسق المفاوضات أنريكي مورا توقف المفاوضات مع تأكيده أنه لم تعد هناك اجتماعات للخبراء أو جلسات رسمية في فيينا، مشيراً إلى أن "الوقت قد حان لاتخاذ قرارات سياسية في الأيام القليلة المقبلة لإنهاء مفاوضات فيينا".

ومن هذه التطورات "المفاجئة" أيضاً، الموقف الروسي من إمكانية حصول اتفاق في فيينا وربطه بـ"ضمانات أميركية مكتوبة" لروسيا بألا تؤثر العقوبات الغربية على موسكو سلباً بانتفاعها من اتفاق فيينا في علاقاتها التجارية والاقتصادية والعسكرية مع إيران.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، للصحافيين: "نريد ضمانات بأنّ تلك العقوبات لن تمسّ بأي حال النظام التجاري والاقتصادي وعلاقات الاستثمار"، وفقاً لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). ولفت لافروف، بحسب ما أوردته وكالة "فرانس برس"، إلى أن "هناك مشكلات لدى الجانب الروسي. طلبنا من زملائنا الأميركيين تقديم ضمانات مكتوبة بأنّ العقوبات لن تؤثر بحقنا في التعاون الحر والكامل، التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري، مع إيران".

وجرى اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره الروسي، يوم الاثنين، لاستيضاح الموقف الروسي، وأكدت وزارة الخارجية الروسية بعد الاتصال، في بيان، أنه جرى التشديد على أنّ "إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، يجب أن يضمن لجميع المشاركين فيها حقوقاً متساوية، في ما يتعلق بتطوير التعاون، من دون عوائق في جميع المجالات، ومن دون أي تمييز".

وفي السياق، علّق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني على تصريحات لافروف، قائلاً إن "الأفعال الإيجابية والسلبية للدول المشاركة في مفاوضات فيينا تهدف إلى تحقيق مصالحها، وهذا أمر مفهوم"، مؤكداً، في تغريدة على "تويتر"، أن "تأمين مصالح الشعب الإيراني هو العامل المؤثر الوحيد في تعاملنا مع مجموعة 1+4".

وفي الرد الأميركي، نقلت "رويترز" عن وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، الثلاثاء، قولها إن روسيا تسعى لجني فوائد إضافية من مشاركتها في جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وأضافت أن روسيا لن تنجح في مسعاها هذا بعد أن أربكت المفاوضات المستمرة منذ 11 شهراً بطلبها في اللحظة الأخيرة ضماناً من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة عليها بسبب غزوها لأوكرانيا لن تعرقل تجارتها واستثماراتها وتعاونها العسكري التقني مع إيران.

وقالت نولاند في جلسة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: "تحاول روسيا رفع سقف مطالبها وتوسيع نطاق مطالبها في ما يتعلق بخطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي(، فنحن لا نلعب " دعونا نعقد صفقة".