العدد 1470 /14-7-2021

أفادت مديرية الصحة في محافظة ذي قار جنوبي العراق بارتفاع عدد قتلى الحريق الذي شبّ في مستشفى الحسين بمدينة الناصرية إلى 92 قتيلا و110 مصابين، في حين لم يستبعد الدفاع المدني في ذي قار وجود جثث حتى الآن تحت أنقاض مركز العزل، وأكد أنه تم التنبيه إلى تسرب في الأكسجين بالمستشفى قبل وقوع الحريق.

وأعلن مدير الدفاع المدني العراقي كاظم بوهان أن وزارة الصحة لم تستجب للنداء بعدم استخدام مادة شديدة الاحتراق ببناء مراكز العزل.

وأكد مدير الدفاع المدني العراقي أن معدات السلامة والأمان لم تكن متوفرة في مركز العزل في الناصرية لحظة وقوع الحريق.

وقد تظاهر مئات العراقيين من أهالي محافظة ذي قار، جنوب بغداد، احتجاجا على ما وصفوه بسوء الخدمات والتقصير. وتجمع مئات من المحتجين في ميدان الحبوبي، ميدان الاحتجاجات، وسط الناصرية، رافعين شعارات منددة بالفساد ومطالبة بمحاسبة المقصرين في القطاع الصحي بالمحافظة.

وأغلق محتجون مستشفيات ومراكز صحية خاصة في مدينة الناصرية جنوبي العراق، احتجاجا على حريق مستشفى الحسين الذي خلّف عشرات القتلى والجرحى.

ومنع المحتجون الفرق العاملة في هذه المراكز الصحية من مزاولة أعمالهم، كما رددوا هتافات تندد بسوء الخدمات الصحية، وعدم تأمين تلك المستشفيات، حسب وصفهم.

وعُرضت صور لعشرات الجثث مسجاة في المستشفى، في وقت تحاول فيه السلطات التعرف على هويات أصحابها قبل تسليمها إلى ذويهم الذين تجمعوا في المكان منذ اندلاع الحريق، وقد سُـلّمت بعض الجثث بالفعل، وسط أجواء طغى عليها الحزن والغضب.

وعند مشرحة المدينة، انتشرت مشاعر الغضب بين المواطنين الذين تجمعوا في انتظار تسلم جثث ذويهم.

وقال محمد فاضل الذي كان ينتظر أمام المشرحة لتسلم جثة شقيقه "لم تكن هناك استجابة سريعة للحريق، ولم يكن هناك عدد كاف من رجال الإطفاء. المرضى ماتوا حرقا، إنها كارثة".

وقالت الشرطة وسلطات الدفاع المدني إن تحقيقا كشف أن الحريق بدأ عندما تسبب شرر متطاير من أسلاك تالفة في انفجار خزان أكسجين في المستشفى.

واستخدمت فرق الإنفاذ رافعة ثقيلة لإزالة البقايا المتفحمة والمنصهرة من جزء من مستشفى الحسين بالمدينة مخصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا، في حين كان أقارب الضحايا يتجمعون في مكان قريب.

ورغم جمع بعض الجثث لدفنها، فإنه لا تزال هناك حاجة إلى إجراء فحوص الحمض النووي الوراثي على رفات أكثر من 20 جثة متفحمة بشدة للتعرف على هويات أصحابها.

وأصدرت محكمة استئناف محافظة ذي قار جنوبي العراق، اليوم الثلاثاء، أوامر قبض بحق 13 مسؤولا في مديرية صحة المحافظة، بينهم مدير الدائرة العام.

ووفق بيان صادر عن محكمة تحقيق النزاهة في ذي قار (تتبع مجلس القضاء الأعلى)، فقد صدر 13 أمر قبض بحق مسؤولين في دائرة صحة المحافظة بذي قار، بينهم مدير الدائرة صدام الطويل، وذلك على خلفية الحريق الذي اندلع في مستشفى الحسين التعليمي، حسب وكالة الأنباء الرسمية (واع).

ولم يذكر البيان تفاصيل إضافية عن أسماء ومناصب المسؤولين الذين صدرت بحقهم أوامر قبض.

وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الثلاثاء، إن بلاده بحاجة ملحة إلى إطلاق عملية إصلاح إداري شامل، على خلفية مصرع العشرات في حريق مستشفى جنوبي البلاد.

وقال الكاظمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء في بغداد "نقف اليوم أمام شعبنا وأسر الشهداء خاصة، لنقول إن المسؤولية التي تطوّق أعناقنا دفعت في كل مرّة إلى اتخاذ خطوات كبيرة لمعالجة الخلل ومحاسبة المُسيء، وهذا ما سنفعله في قضية مستشفى الحسين الجامعي بمدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، من أجل الانتصار لدماء الشهداء الذين سقطوا".

وقد وعد الكاظمي بالكشف عن نتائج التحقيق في الحادثة خلال أسبوع، كما أمر مساء أمس الاثنين بعد اجتماع طارئ مع عدد من مسؤولي حكومته بتوقيف عدد من المسؤولين المحليين إلى حين الانتهاء من التحقيق في حريق مستشفى الحسين.

وشمل أمر الكاظمي كلا من مدير صحة ذي قار، ومدير المستشفى، ومدير الدفاع المدني في المحافظة، كما أمر بإعلان الحداد الرسمي على أرواح الضحايا، دون تحديد أيام معينة.

وكان محافظ ذي قار، أحمد غني الخفاجي، أمر مساء أمس الاثنين بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الحريق، على أن تُقدم تقريرها النهائي خلال 48 ساعة، كما أعلن الحداد في المحافظة، وتعطيل الدوام الرسمي مدة 3 أيام بدءا من الثلاثاء.

وهذه ثاني مأساة من نوعها في العراق في 3 أشهر، ففي أبريل/نيسان أودى انفجار مماثل في مستشفى ببغداد لعلاج مصابي "كوفيد-19" بحياة 82 على الأقل وأصاب 110 آخرين.

وأنحى الرئيس العراقي برهم صالح اليوم الثلاثاء باللوم في الحادثتين على الفساد، ودعا بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء إلى الحداد العام.

وقال صالح على تويتر إن "فاجعة مستشفى الحسين وقبلها مستشفى ابن الخطيب في بغداد نتاج الفساد المستحكم وسوء الإدارة الذي يستهين بأرواح العراقيين ويمنع إصلاح أداء المؤسسات".

وأضاف أن "التحقيق والمحاسبة العسيرة للمقصرين هو عزاء أبنائنا الشهداء وذويهم. لا بد من مراجعة صارمة لأداء المؤسسات وحماية المواطنين".

وفي السياق ذاته، قالت مصادر برلمانية عراقية إن كتلا برلمانية بدأت جمع ما يكفي من التواقيع من أعضاء البرلمان لاستجواب رئيس الوزراء على خلفية حادثة الحريق بمستشفى الحسين بمدينة الناصرية.

وأضافت المصادر أن كتلة "صادقون" التي يتزعمها رئيس حركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، هي من تبنّت هذا المسعى، وأن أعضاءها بدؤوا بالفعل بجمع ما يكفي من تواقيع أعضاء البرلمان لغرض استجواب رئيس الحكومة.

وينص الدستور العراقي على وجوب جمع 50 توقيعا من أعضاء مجلس النواب لغرض استجواب رئيس الحكومة.

وكان البرلمان العراقي قد خصص جلسته الاعتيادية اليوم الثلاثاء لمناقشة ملابسات حادثة الحريق في مستشفى الحسين.

الحريق اندلع في مركز لعزل مرضى كورونا في مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية (الأناضول)

تعاز خارجية وغضب داخلي

وقدمت دول وحكومات أجنبية تعازيها للعراق بعد الفاجعة، كما أثارت الحادثة ردود فعل ومواقف غاضبة من عدد من القوى السياسية والحقوقية العراقية.

وطالب نائب رئيس البرلمان، حسن الكعبي، الحكومة بفتح تحقيق فوري للكشف عن أسباب وقوع حادثة الحريق، ووضع حد لتكرار مسلسل الحرائق المأساوية في دوائر الدولة، والإسراع بمحاسبة جميع المقصرين.

وقال الكعبي، في بيان، إن البرلمان سيخصص جلسته المقررة في وقت لاحق اليوم الثلاثاء لمناقشة أسباب وتداعيات فاجعة حريق المستشفى.

وقال علي البياتي رئيس مفوضية حقوق الإنسان، وهي مؤسسة شبه رسمية بالعراق، إن انفجار يوم الاثنين يظهر مدى تهاوي إجراءات السلامة في النظام الصحي بالبلاد التي تعاني الشلل بفعل الحرب والعقوبات.

وأضاف البياتي أن تكرار حادثة مأساوية كهذه بعد بضعة أشهر يعني عدم اتخاذ إجراءات كافية للأمن والسلامة لمنع مثل هذه الحوادث.

ولدى العراق بنى تحتية محدودة ومتهالكة في مختلف القطاعات بينها قطاع الصحة جراء عقود من الحروب المتتالية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والفساد المستشري في البلاد.