العدد 1494 /5-1-2021

انتقدت منظمة "كوميتي فور جستس" قرار وزارة العدل المصرية الأخير بالسماح للقضاة بتجديد "الحبس الاحتياطي عبر الإنترنت عن بعد" ودون حضور المواطن لجلسة تجديد الحبس.

وأعلنت "كوميتي فور جستس" رفضها تطبيق نظام "تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد" في المحاكم بمصر، لما سيكون له من أثر سلبي شديد على مبادئ المحاكمة العادلة التي تفتقر إليها المحاكم المصرية من الأساس، كما أنها ستفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق المحتجزين، وكذا مخالفته للعديد من المواثيق والعهود الدولية والقانون المصري ذاته.

وقالت المنظمة إن السلطات المصرية "تسعى بكل ما أوتيت من قوة لحرمان المحتجزين لديها من حقوقهم التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية، ونص عليها القانون المصري كذلك"، مشيرة إلى أن "القرار الإداري الصادر عن وزارة العدل المصرية ببدء تطبيق مشروع "تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد" (فيديو كونفرانس) للمحتجزين، هو آخر تلك الممارسات الممنهجة للعصف بحقوق المحتجزين في مصر".

وكانت وزارة العدل المصرية قد أعلنت مؤخرًا أنها بالتعاون مع وزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والداخلية، انتهت من المرحلة الأولى لمشروع "تجديد الحبس الاحتياطي عن بُعد"، والذي دشنته في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في إطار زعمها لتحقيق العدالة الناجزة من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال تيسير وتحسين إجراءات التقاضي، والذي يتمثل في مثول المتهمين المحبوسين احتياطيًا بالسجون العمومية والمركزية أمام المحاكم والقضاء من خلال دوائر تلفزيونية مغلقة.

وأوضحت الوزارة أن الهدف من المشروع هو "نظر جلسات تجديد حبس المتهمين بآلية تمكن القاضي من مباشرة إجراءات تجديد حبس المتهمين المحبوسين احتياطيًا دون الحاجة إلى نقل المتهمين من مقار حبسهم"، مبررة ذلك بتحقيق عدة أهداف؛ أولها أمنيًا، والذي يتمثل في الحد من المخاطر الأمنية أثناء نقل المتهمين، وهدف اقتصادي، يتمثل في توفير نفقات نقل المتهمين، وهدف صحي، في ظل الموجة الثانية لجائحة كورونا، من خلال الحد من تعرض المحبوسين احتياطيًا لمخالطة الغير.

وأشارت الوزارة إلى أنها بعد 4 أشهر من تدشين المشروع، نجحت في ربط كل من محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومحكمة حلوان الابتدائية، فضلًا عن محكمتي مصر الجديدة وعابدين الجزئيتين، بكل من سجن طرة العمومي، وسجن القناطر الخيرية العمومي، وسجن القاهرة العمومي، وسجني النهضة و15 مايو المركزيين، كما تم ربط محكمتي شرق وغرب الإسكندرية الابتدائيتين بسجون برج العرب، والغربانيات، والحضرة، ودمنهور نساء، ودمنهور رجال، وسجن كرموز المركزي.

واعتبرت "كوميتي فور جستس" أن ما نشر من معلومات حول هذا المشروع "يفيد بإمعان السلطات المصرية في فرض وصايتها على ما تبقى من حقوق للمحتجزين، وما يمثله ذلك من حرمان لهم من مبادئ أساسية ضمن مبادئ المحكمة العادلة التي يقتضيها القانون الدولي والإنساني؛ مثل حق المتهم في المثول أمام قاضٍ طبيعي، وكذلك حرمان المتهم من التواصل مع محاميه والانفراد به، وكذلك أن يعرض عليه محاميه خطته في الدفاع".

من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس"، أحمد مفرح، إن "مبادئ المحاكمة العادلة ركيزة من الركائز الأساسية لحقوق الإنسان في النظام العالمي، والقرار الإداري الصادر عن وزارة العدل المصرية بتطبيق هذا المشروع يهدر هذا المبدأ تمامًا. فمن خلال ذلك المشروع سيتم عقد جلسات المحاكمة وتجديد الحبس داخل مقار الاحتجاز والسجون بشكل غير مباشر، فالمتهم سيكون خاضعًا هنا للسلطة التنفيذية، ما يفتح الباب لتعرضه لمزيد من الانتهاكات، كما أنه سيكون بعيدًا عن أعين أي رقابة قضائية، فالقاضي لن يرى إلا ما تريد السلطة التنفيذية أن تريه إياه من خلال الكاميرا فقط، كذلك أين حقوق الدفاع؟!".

وبحسب التقرير الأخير للمنظمة، فإنه من خلال التواصل مع محامين مصريين لسؤالهم عن رأيهم في تقنية التقاضي الإلكتروني تلك، ومدى سلاسة تنفيذها، أكد المحامين أنه إلى جانب عواره الشديد في مسألة حقوق الدفاع، فإنه تواجهه أيضًا العديد من التحديات الخاصة بالبنية التحتية لمؤسسات المحاكم المصرية.

ففي إفادة ميدانية لأحد المحامين، تضمنها التقرير، قال إنه "بالنسبة للتقاضي الرقمي، فيواجه عدة عقبات، أهمها ضعف شبكات الإنترنت في مصر؛ وهو ما يؤدي في أغلب الأحيان لسقوط النظام الإلكتروني في المحاكم. بالإضافة لجهل وقلة معرفة معظم الموظفين بالمحاكم باللغة الإنكليزية، والتعامل مع الحاسبات، ما سيؤدي لمزيد من البطء في الإجراءات".

وتابع المحامي قائلاً: "في تخيلي أنه لو سارت المنظومة واكتملت بهذا الشكل، أي لو صارت كافة أشكال التقاضي "رقمية"، وليست فقط الإجراءات الخاصة بالتقاضي في ظل التحديات والعوائق الحالية، فالمؤكد أنه سيحدث تعطيل شديد".

كما شددت "كوميتي فور جستس" على أنه لا يجب للسلطات في مصر استغلال الإجراءات الاحترازية المطبقة لمنع تفشي جائحة "كورونا" لـ"العصف بالمزيد من حقوق المحتجزين لديها"، في إشارة لتحجج وزارة العدل المصرية بأن ذلك النظام سيعمل على عدم تعريض حياة المحتجزين للخطر، وذلك بالحد من اختلاطهم بالغير.

وعلقت مسؤولة المناصرة والدعوة بـ"كوميتي فور جستس"، شيماء أبو الخير، على تلك النقطة بقولها: "إن النظام المصري استخدم أزمة كورونا أبشع استخدام بشرعنته للقمع من خلالها، وليس أصدق من ذلك من تلك الخطوة التي ينتوي القيام بها، والتي تأتي بمثابة كلمة النهاية لمبدأ المحاكمة العادلة في مصر".