العدد 1603 /28-2-2024

رغم الترويج الإسرائيلي لقرب التوصل إلى اتفاق يقضي بتحرير جزء من المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة، قالت مصادر قيادية في حركة "حماس"، لـ"العربي الجديد"، إن "ذلك الترويج لهدنة غزة لا يمكن التعامل معه بشكل جاد، قبل بدء جلسات الحديث في التفاصيل، والتي دائماً ما يجد فيها (رئيس الحكومة الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو، منفذاً للهروب من الضغوط الداخلية والخارجية".

ضغوط لوقف الحرب في رمضان

وقال مصدر في "حماس"، إن الحركة "لمست خلال الأيام الماضية، ضغوطاً دولية واسعة من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب خلال شهر رمضان (يبدأ في 10 مارس/آذار المقبل)، ويسمح بدخول أوسع للمساعدات للقطاع، في ظلّ المجاعة التي فرضها الاحتلال على غزة، وهو ما تعاملت معه حماس بإيجابية، من أجل تخفيف المعاناة على شعبنا، من دون الإخلال بثوابت عملية التفاوض أو الانتقاص من مكاسب عملية طوفان الأقصى، التي جاءت بالأساس لوضع قضية تحرير الأرض على مسارها الصحيح".

وأضاف المصدر أن "الوسطاء كانوا قد نقلوا للمقاومة قبل اجتماع باريس الأخير، أن تل أبيب لديها استعداد للسماح بعودة المهجّرين إلى الشمال، ولكن في نقاط محددة، وذلك كخطوة أولية يمكن البناء عليها لاحقاً". وأوضح المصدر أن "الحركة بعد التشاور مع باقي فصائل المقاومة الشركاء في الميدان، أبدت مرونة في بعض التفاصيل، شرط التمسك بعدم الحديث عن إطلاق سراح المحتجزين العسكريين قبل التوصل إلى اتفاق واضح بشأن إنهاء العدوان والانسحاب الكامل من غزة".

وقال المصدر: "من الأساس، كرّرنا مراراً أن الأسرى المدنيين، هم بالأساس بمثابة ضيوف في القطاع، وأن الحركة والمقاومة، كانت ترغب في إطلاق سراحهم منذ البداية، لكن الظروف التي فرضتها حكومة الحرب الإسرائيلية، هي التي تحول دون ذلك"، وشدد على أن "معركة المقاومة التفاوضية الحقيقية، هي على المحتجزين العسكريين، والذين لن يتم تحريرهم أحياء، إلا باتفاق يتضمن الموافقة على شروط المقاومة".

وفي السياق، رأى الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية والدولية، حسام شاكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إدارة نتنياهو "ليست معنية الآن بإنهاء العدوان الحربي ووقف أعمال الإبادة الجارية". وأضاف: "نتنياهو شخصياً ومعه مجلس الحرب، ليسوا متحمسين لأي خطوة من شأنها أن توقف الحرب، أو الاستجابة لأي من المطالب التي تفرضها المقاومة الفلسطينية"، مضيفاً أن "المقاومة من جانبها، ليس لديها أي خيار سوى أن تعرض شروطها الأساسية المتمثلة في وقف حرب الإبادة وانسحاب القوات وإدخال المساعدات وضمان الإيواء وترتيبات ملف الأسرى".

وتابع شاكر: "بالتالي لا أجد نقطة التقاء متوقعة قبل نهاية شهر رمضان، مع إدراكي بأن هذا الشهر يمثل ضغطاً إنسانياً مضاعفاً، بكل تأكيد، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من جانب، لكنه أيضاً يمثل بشكل خاص، تحديات كبيرة على الصعيد الإقليمي، لأن الولايات المتحدة تستشعر مخاوف تقليدية من موسم رمضان الذي قد يؤدي إلى توترات واسعة على مستوى المنطقة، خصوصاً أنه يتزامن مع توترات تصعيدية متوقعة في القدس، وبالتالي كانت الإدارة الأميركية حريصة بوضوح على ألا تتم عملية اجتياح رفح في رمضان، وبالتالي كان هناك سعي لأن يكون رمضان أهدأ لتمرير هذا الموسم".

وأضاف المحلل السياسي أنه "بناء على هذه التطورات، لا يوجد شيء يمكن البناء عليه، ولأن تخرج المفاوضات بنتائج معتبرة في هذا الشأن، وبالتالي يبقى أمر هدنة غزة عالقاً". وقال مستدركاً "هناك حرص من إدارة الحرب ونتنياهو تحديداً على إرسال رسالة إلى الداخل الإسرائيلي، خصوصاً جبهة عائلات الأسرى، وأيضاً إلى الولايات المتحدة التي تضغط لكي يتجاوب ويلين في موقفه التفاوضي، بأنه معني بأن يحصل تفاوض، وبالتالي بعث الوفد إلى باريس بعد تحفّظ، لكن هذا لا يعني سياساً أنه توجد إرادة لدى حكومة الاحتلال في إحراز تقدم حقيقي أو تليين موقفها في الموضوع التفاوضي".

مصير اجتياح رفح

في غضون ذلك، قال مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي تشارك فيها القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يمكن تأكيده في هذه المرحلة، هو إرجاء الاجتياح الإسرائيلي لرفح إلى وقت لاحق". وأوضح المصدر أن "الخطوط العامة التي جرى الحديث عنها في اجتماع باريس الثاني، لم تختلف كثيراً عن اتفاق الإطار الأول، وإنما جاء الحديث في تعديل بعض مسارات التفاصيل"، مشيراً إلى أنه "تم الحديث بشكل مستفيض على شكل الانسحاب الإسرائيلي من مناطق في قطاع غزة خلال المدة الزمنية المقررة لهدنة غزة".

ولفت المصدر المصري إلى أنه "تم الاتفاق على عتبات لمراحل لاحقة من المفاوضات". وقال حول ذلك: "حماس اشترطت أن يكون الحديث بشأن الأسرى العسكريين، مرحلة تفاوضية منفصلة بشكل كامل"، مضيفاً أن "المسؤولين المصريين لمسوا تجاوب الحركة مع المفاوضات الجارية، من أجل التعامل مع الوضع الإنساني القاسي الذي فرضته حكومة إسرائيل على الجميع".

وكشف المصدر عن أن "الاتفاق الجديد، يسمح لحماس بتحديد أسماء أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات، الذين يتم إطلاق سراحهم، مقابل 40 أسيراً إسرائيلياً مدنياً، بينهم على الأقل 3 أميركيين تنطبق عليهم صفة المدني"، لافتاً إلى أنه "سيكون أمام الحركة، الاختيار بين إطلاق سراح 15 من أصحاب المحكوميات العالية مقابل كل رهينة، أو أعداد أكبر من النساء والأطفال في السجون الإسرائيلية قد تصل إلى مائة مقابل كل رهينة".

وأضاف: "يمكن القول إن الجميع تعلّم الدرس من الهدنة السابقة، في ظل عدم القدرة الاستيعابية لمعبري رفح وكرم أبو سالم، لتمرير أعداد كبيرة من الشاحنات في اليوم الواحد". وكشف أنه "يتم الحديث عن السماح بدخول نحو 500 إلى 600 شاحنة يومياً، طوال شهر رمضان، مع ضرورة فتح معبر في شمال القطاع، أو أن يتم تحديد مسار واضح تلتزم إسرائيل بفتحه نحو شمال القطاع طوال فترة الاتفاق لنقل المساعدات من خلاله، وكذلك الاتفاق على عدد محدد من شاحنات المساعدات تدخل إلى شمال القطاع يومياً لا يقل عن 100 شاحنة".