العدد 1545 /11-1-2023

يوسف أبو وطفة

تنتشر عشرات المراصد ونقاط الرصد والمراقبة التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية على طول الشريط الحدودي الشرقي والشمالي لقطاع غزة، حيث أصبح وجودها أمراً اعتيادياً بالنسبة للفلسطينيين، وحتى قوات الاحتلال الإسرائيلي العاملة قرب الحدود.

وتعتبر "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس، صاحبة العدد الأكبر من هذه المراصد أو أبراج المراقبة كما يطلق عليها، بالإضافة إلى "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، حيث تتولى وحدات مهمات ميدانية ذات طابع أمني وعسكري.

وتعمل الوحدات الموجودة في هذه المراصد على مراقبة تحركات قوات الاحتلال المنتشرة داخل الأراضي المحتلة، والآليات العسكرية ومواعيد وصول ومغادرة الجنود، ونقلها إلى المستويات العسكرية الأعلى، لتحليل هذه المعلومات والاعتماد عليها في بناء الخطط العسكرية.

ومنذ نحو 10 سنوات، عملت الأذرع العسكرية للمقاومة على بناء هذه المراصد والأبراج، ووضع كوادر فيها، كما طورتها من ناحية التجهيزات العسكرية الموجودة بداخلها أو ارتفاعها عن السياج الحدودي الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة.

وسبق أن اشتكى المستوطنون الإسرائيليون في مستوطنات "غلاف غزة" من بعض المراصد، والتي لا تبعد سوى 300 متر عن الحدود، مثل مرصد "الفاتح" التابع لـ"كتائب القسام"، والواقع أقصى شمالي قطاع غزة، والذي دمره الاحتلال عدة مرات، فيما عملت الكتائب على ترميمه.

وخلال مواجهة العام 2021، التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "سيف القدس"، وأطلق عليها الاحتلال "حارس الأسوار"، استخدمت المقاومة المراصد لتنفيذ عملية "إعماء" لأبراج المراقبة الإسرائيلية، المزودة بالكاميرات وأجهزة المراقبة المتطورة، من خلال قنص معظم الكاميرات وحساسات المراقبة والتتبع.

وفي الوقت ذاته، فإن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على استهداف هذه الأبراج والمراصد في كل جولة تصعيد أو مواجهة مع المقاومة الفلسطينية، أو عند رده على بعض الصواريخ التي تطلق بين فترة وأخرى من غزة باتجاه الأراضي المحتلة.

ويعكس الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لها أهميتها الأمنية والعسكرية بالنسبة إلى المقاومة الفلسطينية، وانعكاسها الميداني عليه وعلى قواته ووحداته العاملة قرب السياج الحدودي، لا سيما خلال السنوات الأخيرة مع بناء الجدار تحت أرضي الخاص بمواجهة أنفاق المقاومة.

أمنياً، يقول الباحث والمختص في الشأن الأمني إسلام شهوان إن المراصد التي دشنتها المقاومة على طول الشريط الحدودي تعتبر ركناً ذا أهمية شديدة على الصعيدين الأمني والعسكري، كونها تعمل في اتجاهين: داخلي يتمثل في منع التسلل، وخارجي يتمثل في رصد التحركات الإسرائيلية.

ويوضح شهوان، أن المراصد وأبراج المراقبة العسكرية تعمل على تحصيل كم هائل من المعلومات، خاصة في ما يتعلق بتحركات الوحدات الإسرائيلية المنتشرة على طول الشريط الحدودي مع القطاع.

ووفق شهوان، فإن المقاومة تعمل على تسجيل جميع تحركات الجنود، إضافة إلى تصوير بعض المناطق الجغرافية ذات الأهمية العالية ومناطق التمركز والتحكم، ويلفت إلى أنّ وجود المراصد ساهم في الحد من تحركات الاحتلال ودخوله لبعض المناطق الشرقية لتنفيذ عمليات تجريف أو توغل في بعض المناطق لتغيير ملامح جغرافية، أو محاولة تدمير بعض الأهداف داخل القطاع.

وعادة ما يدمر الإسرائيليون هذه الأبراج والمراصد فور انطلاق أي مواجهة مع المقاومة الفلسطينية في غزة، في الوقت الذي تعمل فيه الأخيرة على إخلائها من كوادرها في أوقات التوتر والتصعيد الأمني لحمايتهم من القصف الجوي والمدفعي.

هدف المراصد جمع المعلومات

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن الهدف الرئيسي للمراصد التابعة للمقاومة الفلسطينية جمع المعلومات المتعلقة بتحركات الاحتلال على طول الحدود، ووضع الخطط، بعد تحليل هذه المعلومات ودراسة جميع التحركات الإسرائيلية.

ويضيف الصواف، أن الاحتلال يحاول في كل عدوان يبدأه على القطاع استهداف هذه الأبراج والمراصد باعتبارها العين التي ترى من خلالها المقاومة وتعمل على جمع المعلومات عنه وعن قواته المنتشرة قرب السياج الحدودي.

ويرى أن هذه المراصد كانت لها نجاحات عديدة على الصعيد المتعلق بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، أو على صعيد ضبط الشريط الحدودي واعتقال بعض المتخابرين مع الاحتلال خلال محاولتهم التسلل نحو الأراضي المحتلة.

وإلى جانب ذلك، يشير الصواف إلى أنّ مراصد وأبراج المقاومة الفلسطينية لها مدلولات نفسية وميدانية إلى جانب أبعادها العسكرية، باعتبارها نوعاً من أنواع التحدي لجيش الاحتلال وعاملاً مؤثراً على مستوطني الاحتلال، في ظل تصاعد شكاويهم في الفترة الأخيرة منها.