العدد 1510 /27-4-2022

قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن الفلسطينيين يكافحون بلا هوادة للحفاظ على أرضهم في مواجهة إستراتيجية الاحتلال الإسرائيلي وتقدم المستوطنين الذي لا يرحم، لوقف التنمية في المناطق الخاضعة للإدارة الفلسطينية مع ربط المستوطنات ببعضها بغية منع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وفي تقرير بقلم موفدها الخاص للضفة الغربية تييري أوبيرلي أوضحت الصحيفة أن منظر بؤرة "سري بوعز" الاستيطانية غير القانونية (بموجب القانون الإسرائيلي) على قمة التل المقابل لأرض محمود علي، وبرج مراقبة جيش الاحتلال الملاصق لممتلكاته خلف أسلاك شائكة يفسران بكل وضوح نكسات مربي المواشي الفلسطيني هذا.

فمحمود علي الذي كان يعمل في مواقع بناء على الجانب الإسرائيلي حولت حفارات الجيش الإسرائيلي منزله إلى كومة من الأنقاض 5 مرات، وبررت قرارات المحاكم ذلك أحيانا بدواعٍ أمنية، وأحيانا بعيوب في رخص البناء، وهو يقول متنهدا "شهد أطفالي تدمير منزلنا منذ أن كانوا صغارا، إن هدم المنزل هو أسوأ عقوبة يمكن أن تتعرض لها أسرة، لا نطلب سوى الماء والعيش بسلام تحت سقف يؤوينا".

ويقول محمود علي -الذي يعيش معه أخوه وعائلته في هذه البلدة- "بنينا حجرة صغيرة للأطفال، وقام الجنود بتسويتها بالأرض، صنعنا سياجا معدنيا للأغنام، وهم يهددون بإزالته، يأتون لمصادرة خلاطة إسمنت أحيانا أو لإزالة النوافذ"، خاصة أن أدنى تغيير يتم الكشف عنه فورا بواسطة الطائرات المسيرة.

ويضيف "يتم التجسس علينا كل يوم، وأحيانا في الليل، وكلما قمنا بعمل ما تصوره الطائرة المسيرة التي تأتي من مستعمرة سري بوعز".

وأشار موفد لوفيغارو إلى أن هذه الكاميرات الطائرة يتم التحكم فيها عن بعد بواسطة نشطاء إسرائيليين من منظمة "ريغافيم" (Regavim) المؤيدة للمستوطنين، والتي جعلت من الطائرات المسيرة ذراعا مسلحة لحرب العصابات القانونية ضد الفلسطينيين.

وتضيف المديرة في هذه الحركة -التي شارك في تأسيسها النائب اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش زعيم الحزب الصهيوني الديني- "لدينا مدربون وفريق خاص، نتحقق على الأرض من الإنشاءات التي نعتبرها غير قانونية والأراضي التي يسبق إليها العرب، ومقارنة بصور الأقمار الصناعية القديمة حددنا 72 ألفا في عام 2021 مقارنة بـ50 ألفا عام 2019".

وتؤكد نعومي كاهن خلال جولة بالسيارة على حدود مستوطنات غوش عتصيون أن "لدى الفلسطينيين أجندة لربط المناطق التي يديرونها في المنطقة ج، والحصول على تواصل جغرافي، وإسرائيل تتغاضى أو تصرح بهذه الامتدادات، فهنا مثلا يوجد مقلع حجارة من القدس تم استغلاله بدون ترخيص، وهناك مدرسة جديدة في مكان آخر وجرار في حقل".

من ناحيته، يقول الأمين العام للجنة مقاومة الاحتلال وجدار الفصل في بيت لحم حسن بريجية إن "المستوطنين يبنون دون مشاكل، يدعمهم الجيش الإسرائيلي كما هو الحال في البؤرة الاستيطانية سري بوعز، وهم يغلقون الطرق بالسدود الحجرية لتعقيد مرور المزارعين إلى أشجار الزيتون وكرومهم، ويتعرض الفلاحون الفلسطينيون للاعتداء في الحقول من قبل مسلحين، المستوطنون يتصرفون بحصانة تامة، هدفهم الواضح هو وقف التنمية في المناطق الخاضعة للإدارة الفلسطينية مع ربط المستوطنات في ما بينها، لمنع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".

ويشير موفد الصحيفة إلى أن التقدم الإسرائيلي على الأرض لا يرحم، مستدلا بحال قرية جبة الديب بالقرب من أنقاض قصر هيرود، والتي أصبحت قرية صغيرة محاطة بمستوطنتين يهوديتين، إذ تسأل فاطمة العوش -وهي قيادية في لجنة المرأة للتنمية المحلية- "من ذا يريد البقاء في مكان بدون تصريح بناء وبدون تصريح لشبكة الكهرباء وحيث يمنع تركيب خزان مياه ضروري في الصيف لري قطع الأرض؟ نحن تحت المراقبة، يمر المستوطنون في الشوارع مع الكلاب لإخافة الأطفال، وكل يوم أربعاء تحلق طائرة مسيرة فوق رؤوسنا، أرضنا صارت متنزها للمستوطنين، وعندما نريد قطف الزيتون تكون الثمار قد اختفت بالفعل".

وفي الجانب الآخر، يؤكد غيدي كيلمان -وهو أحد سكان بؤرة سري بوعز الاستيطانية- مثل هذه الأقوال بطريقته الخاصة، قائلا إن "الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين صراع على حيازة الأرض، وسيستمر حتى يتم ترسيم الحدود".