العدد 1447 /3-2-2021

وصل التوتر الى الذروة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري عبر اﻹنفجار اﻹعلامي الذي حدث اﻷسبوع الماضي ، وبعد أن وضع كل واحد منهما قفلا على كلامه ( نقطة على السطر ). فقد أطل الرئيس عون عبر جريدة " اﻷخبار "ليقدم وجهة نظره من أزمة التشكيل الحكومي محملا الرئيس الحريري كامل المسؤولية عن هذه المعضلة الوطنية الكبيرة وخاتما كلامه بأن لا حكومة إلا حكومة العشرين وزيرا ونقطة على السطر ... في المقابل رد الرئيس الحريري مفندا كلام الرئيس عون ومحملا العهد القوى المسؤلية كاملة عن التأخر في تشكيل حكومة كلف بتأليفها قبل أكثر من مئة يوم وخاتما كلامه بأن لا حكومة إلا حكومة الثمانية عشر وزيرا ونقطة على السطر ...

وبين النقطتين والسطرين يرزح الوطن اللبناني تحت وطأة جائحة سياسية اشتعل آخر فصولها إبتداء من 17 أكتوبر 2019 وما زال مشتعلا حتى هذه اللحظة . مع إضافات كان لا بد منها متعلقة بجائحة كورونا التي انطلقت على الكوكب قبل عام من الزمن ، وبإنفجار مرفأ بيروب في الرابع من آب الماضي . لقد حبس الرئيسين عون والحريري نفسيهما ، ضمن معادلة مستحيلة إسمها 18 / 20 حيث بات الخروج منها مكلف بعض الشيء وهو بحاجة ماسة الى عمليات دفع محلية وخارجية شتى . وتجدر اﻹشارة هنا الى أن اﻹصطفاف السياسي الحالي المرتبط بتشكيل الحكومة قد بدأ يأخذ شكلا مختلفا بعض الشيء عن اﻹصطفاف اﻹعتيادي القائم في البلد والمستنذ جزئيا الى تحالف الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر مقابل مواقف مبعثرة من قوى الرابع عشر من أذار . كيف يمكن رصد ذلك ؟

يبدو جبران باسيل والتيار الوطني الحر في معركة التشكيل الحكومي غير قادر على حشد حليفيه الشيعيين . فالحليف القريب ممثلا بحزب الله لا يبدو متحمسا للصلابة التي يلتزمها التيار الوطني الحر ، وقد أعرب الحزب عبر عدة قنوات عن رغبته في تسهيل تشكيل الحكومة لمواجهة التحديات اﻹقليمية والدولية المرتقبة حتى ولو كان على حساب بعض المكتسبات الجزئية المطلوبة . وقد قيل أكثر من ذلك في هذا المجال ، حيث جرى الحديث عن ولادة مسعى لحزب الله لتهدئة اﻷجواء المحتدمة بين الرئيسين الحريري وعونعلما أن لا إتصلات مباشرة وعلنية قائمة بين حزب الله وتيار المستقبل . أما الطرف الشيعي الثاني في الثنائي المشار إليه ( حركة أمل والرئيس نبيه بري ) فقد تقدم خطوة الى اﻷمام وأعلن معارضته لتمسك أو سعي أحد ما بالثلث المعطل ، ما أعتبر موقفا تصادميا مع الرئاسة اﻷولى ومع التيار الوطني الحر. أو أنه إنحياز غير مباشر للرئيس الحريري ولتيار المستقبل . وقد عبر بعض المقربين من التيار الوطني الحر عن عدم إستغرابه لموقف بري المناقض لموقف الرئيس عون ... وذلك ﻷن الحلف الحقيقي القائم حاليا في البلد ( وفق أولئك المقربين ) هو " الحلف المكتوم الذي يضم الرئيسين بري والحريري ووليد جنبلاط " . وهذا حلف يقوم وينطلق ويتحرك تحت بصر وسمع حزب الله الذي يبدو متفهما بعض الشيء لمواقف الرئيس بري المتصادمة مع الرئيس عون .

ويضاف الى الرصد المحلي لهذا الواقع ، رصد آخر ذو طابع دولي يظهر من ضمن عملية تحريك جديدة للمبادرة الفرنسية ويتمثل في سعي الرئيس الفرنسي ماكرون لتبديل اﻹستهداف اﻷميريكي على الساحة اللبنانية من إزاحة نفوذ حزب الله الى تدعيم وترسيخ وجود الدولة اللبنانية . وهو تبديل له ترجمته الفعلية اﻹيجابية في عملية اﻹنتقال من إدارة ترامب الى إدارة بايدين . وهذا ما يفترض ان يعتبر عاملا مساعدا ﻹزالة بعض العقبات من أمام تشكيل الحكومة العتيدة .

بعض المتشائمين ، يرون أن العناد المحلي اللبناني قادر وكفيل في هذه المرحلة على إحباط أي ملمح إيجابي خارجي ، ويؤكد أن الفعل السيادي المحلي اللبناني في عملية تدمير الوطن قد يكون أقدر وأفعل من اﻷفاعيل الخارجية اﻷخرى .

أيمن حجازي