العدد 1605 /13-3-2024
قاسم قصير

شهدت العلاقات بين التيار الوطني الحر وحزب الله المزيد من الخلافات والتباينات حول القضايا الداخلية والخارجية، وإضافة للتباين بشأن الملف الرئاسي وأداء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فقد برز مؤخرا وجود تباين في الرأي حول كيفية مقاربة التطورات في المنطقة ولا سيما الحرب على قطاع غزة ودور حزب الله في مساندة الشعب الفلسطيني، حيث رفض مسؤولو التيار الوطني الحر ربط جبهة الجنوب بجبهة غزة ومنطق وحدة الساحات ودعوا لتجنيب لبنان الانزلاق نحو الحرب الشاملة.

وقد أنضم رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون إلى مسؤولي التيار معلنا رفضه منطق وحدة الساحات وهذا ما دفع الحزب إلى إرسال وفد من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة رئيس الكتلة النائب الحاج محمد رعد لزيارة العماد عون ووضعه في أجواء التطورات في الجنوب وفي فلسطين وتم خلال الزيارة تبادل الآراء حول ما يجري في لبنان والمنطقة وكانت الأجواء إيجابية حسبما أعلن النائب رعدا.

فإلى أين تتجه العلاقات بين التيار والحزب في المرحلة المقبلة؟ وهل نحن أمام طلاق نهائي بينهما؟ أو أن إجراء حوار استراتيجي حول مختلف الملفات يمكن أن يؤدي إلى إعادة تفعيل العلاقات والتوافق على رؤية مشتركة داخلية وخارجية؟

أفاقت العلاقات بين الحزب والتيار اليوم

بداية إلى أين وصلت العلاقات بين حزب الله والتيار الوطني الحر اليوم في ظل تعاظم الخلافات بينهما؟

المراقب لتطور العلاقات بين الحزب والتيار خلال المرحلة الأخيرة يستنتج بسهولة أن هذه العلاقات وصلت إلى مرحلة خطيرة في ظل توقف جلسات الحوار واللقاءات بين مسؤولي الطرفين وبروز الخلافات حول مختلف الملفات الداخلية والخارجية، وكان ملفتا أن الذكرى السنوية لتفاهم مار مخايل في السادس من شباط الماضي قد مرت دون إقامة أي نشاط مشترك أو إحياء هذه الذكرى إعلاميا أو سياسيا.

وإضافة إلى الخلاف حول مقاربة الملف الرئاسي وأداء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فقد أضيف إلى لائحة الخلافات موضوع الحرب في غزة ودور حزب الله والجبهة الجنوبية في مساندة الشعب الفلسطيني.

فقد أصدر العديد من مسؤولي التيار الوطني الحر وعلى رأسهم رئيس التيار جبران باسيل سلسلة مواقف تنتقد ربط الجبهة الجنوبية اللبنانية بالحرب على غزة ودعوا إلى تجنيب لبنان الانزلاق إلى الحرب الشاملة، ورغم تأكيد مسؤولي التيار على الاستعداد للدفاع عن لبنان في مواجهة إي عدوان إسرائيلي فإنهم بالمقابل أكدوا أن لا مصلحة للبنان بالارتباط بمحور المقاومة أو تبني منطق وحدة الساحات.

واكتفى المسؤولون في حزب الله بشرح مواقف الحزب من التطورات والإشارة إلى وجود خلاف مع التيار، لكنهم رفضوا الدخول في سجالات إعلامية مع مسؤولي التيار، وكلف الحزب وفدا من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب الحاج محمد رعد لزيارة رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون لشرح مواقف الحزب واستعراض التطورات في لبنان والمنطقة، ورغم أن النائب رعد أكد على الأجواء الإيجابية للزيارة، لكن من غير الواضح إذا كانت الزيارة سيكون لها انعكاس عملي على مواقف التيار ومسؤولية.

الحاجة إلى حوار استراتيجي

على ضوء تعاظم الخلافات حول الملفات الداخلية والخارجية بين الحزب والتيار، هل يمكن إعادة تفعيل التفاهم بينهما؟ أو أن هناك ضرورة إلى حوار استراتيجي كي يتم التوافق على رؤية جديدة حول كل القضايا الداخلية والخارجية؟

لقد حاول الحزب والتيار قبل معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة معالجة الخلافات الداخلية بينهما من خلال تشكيل لجنة حوارية حول ملف اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة والصندوق المالي السيادي، وعقدت اللجنة عدة جلسات حوارية وكانت الأجواء إيجابية لكنها لم تصل إلى توافق كامل، وكان رئيس التيار جبران باسيل اشترط التوافق على هذين الملفين كشرط أساسي للتفاهم حول الملف الرئاسي.

لكن معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتمدد الحرب إلى الجبهة الجنوبية ومشاركة حزب الله وقوى لبنانية وفلسطينية في هذه الحرب أدى إلى بروز خلافات جديدة بين الحزب والتيار حول هذا الملف، بعكس ما جرى سابقا في حرب تموز 2006 وبشأن مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا، مما يعني أن الخلافات بين الحزب والتيار تعاظمت وأنه لم يعد هناك توافقا لا على الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الخارجي.

على ضوء ذلك وفي ظل تعاظم الانقسامات اللبنانية حول مختلف الملفات الداخلية والخارجية وخصوصا على الصعيد المسيحي وتزايد الدعوات إلى الفيدرالية وتوجيه الاتهامات لحزب الله من قبل بعض المرجعيات الدينية وقوى حزبية بتعريض لبنان للمخاطر بسبب مشاركته في الحرب لمساندة الشعب الفلسطيني ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، فإن الحاجة لعقد حوار استراتيجي وشامل بين الحزب والتيار أصبح ضرورة قصوى للتفاهم حول رؤية مشتركة في مواجهة مختلف التطورات، وإلا فإن زيادة الخلافات قد تؤدي لمزيد من الانقسامات الداخلية بما يذكر اللبنانيون بأجواء الحرب الأهلية في العام 1975.

فهل سيستطيع الحزب والتيار تجاوز الخلافات بينهما؟ أو أننا وصلنا إلى الطلاق النهائي بينهما؟

قاسم قصير