العدد 1612 /8-5-2024
د. وائل نجم

مساء الإثنين (6/5/2024) فاجأت حركة حماس قيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي بإعلانها عن قبول العرض التي تضمّنه المقترح المصري بخصوص التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، وهو ما شكّل ضربة قوية لرئيس حكومة الاحتلال الذي كان يراهن على رفض حماس وبالتالي التذرّع بذلك لاقتحام مدينة رفح عند الحدود المصرية، وهو الذي أعلن مراراً رفضه لوقف العدوان على غزة لأنّه يدرك أنّ اللحظة التي سيقف فيها العدوان سيُفتح النقاش في مصيره سواء إنهاء حياته السياسية أو الذهاب به إلى السجن.

راهن نتنياهو مراراً على استمرار العدوان على الرغم من قناعة أغلب قيادة الاحتلال أنّ الحرب على غزة فشلت فشلاً ذريعاً، ولكنّه مع ذلك ظلّ متمسّكاً باستمرار الحرب. حماس بقبولها المقترح الذي أخذ بأغلب مطالبها بما في ذلك الهدنة المستدامة طيلة فترة تنفيذ الاتفاق وهو على ثلاث مراحل فترة كلّ مرحلة منها 42 يوماً، وهو ما يعني عملياً وقف الحرب، لأنّ استئناف الحرب بعد قرابة 4 أشهر ليس أمراً سهلاً على قيادة الاحتلال لأنّ أموراً وظروفاً كثيرة ستتغير بكل تأكيد خلال هذه الفترة.

لقد ظهر نتنياهو على حقيقته أمام العالم، أمام حلفائه ولا سيّما في أميركا التي تعيش إدارتها أزمة أمام تراجع شعبية الرئيس في الوسط الأمريكي؛ أمام الرأي العام الإسرائيلي سيّما أهالي الأسرى الذين تأكّدوا أنّ نتنياهو لا يريد إعادة أبنائهم بقدر ما يريد النجاة بنفسه؛ وأمام الدول الإقليمية التي ترتبط بكيانه بعلاقات تطبيع أو تلك التي تقود وساطة لإنهاء الحرب.

لقد بات كيان الاحتلال محشوراً في زاوية بعد قبول حماس الاتفاق المعروض عليها على الرغم من أنّه قد لا يلبّي كلّ مطالبها، ولكّنه يكشف حقيقة هذا الكيان الفاشي. لقد خسر الاحتلال معركته الميدانية أمام المقاومة الفلسطينية عندما فشل في تحقيق أي هدف من أهدافه، كما خسر معركته الدبلوماسية في المفاوضات عندما فاجأته حماس بقبولها العرض المقدّم، وخسر أيضاً روايته أمام العالم عندما تحوّل العالم من داعم له إلى معراض لعملياته في رفح، ولعلّ مشهد طلاب الجامعات الأمريكية الغاضب والرافض للجريمة الإسرائيلية أوضح مشهد لخسارة الرواية الإسرائيلية لمكانتها.

لكنّ قبول حماس للاتفاق المعروض عليها لا يعني نهاية الحرب، فنتنياهو الذي بات محاصراً ومحشوراً في الميدان وفي الداخل الإسرائيلي وعلى مستوى العالم، والعارف أنّ نهاية الحرب تعني نهاية حياته السياسية ولذلك فهو مستعد للمغامرة بأيّ شيء بل بكلّ شيء في سبيل البقاء والاستمرار، ولذلك فهو قد يجازف سواء بمحاولة دخول مدينة رفح الفلسطينية، أو بالتحوّل إلى الجبهة الشمالية مع لبنان لفتح ملف جديد وجبهة جديدة يلوذ بها من المساءلة والمحاكمة. ولكنّه في كلا الحالين سيكون في مواجهة المقاومة من ناحية وحلفائه من ناحية ثانية والرأي العام الإسرائيلي من ناحية ثالثة، وفي مواجهة قوى إقليمية لا تريد إغضاب أمريكا من ناحية أخرى.

الاحتلال بات محشوراً في الزاوية، والحرب التي بدأها قبل سبعة أشهر وهو مدعوم من العالم بات اليوم فيها مكشوفاً من الجميع وليس أمامه سوى النزول على شروط الشعب الفلسطيني وفي مقدمها حق إقامة دولته المستقلة ولو على جزء من أرض فلسطين التاريخية.

د. وائل نجم