العدد 1522 /3-8-2022


قال مسؤولون وخبراء، الثلاثاء، إن الضربة التي نفذتها طائرة مسيّرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، والتي أودت بحياة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، حققت انتصاراً لاستراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن لمكافحة الإرهاب بعد طول انتظار، لكنها زادت أيضاً من المخاوف بشأن وجود المتشددين في أفغانستان.

ومع مغادرة آخر الجنود وضباط المخابرات الأميركيين أفغانستان في آب الماضي بعد حرب دامت 20 عاما، تحول بايدن إلى استراتيجية "عبر الأفق" بالاعتماد على طائرات مسيّرة وأخرى للتجسس بهدف تعقب مقاتلي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية داخل ذلك البلد واستهدافهم.

وقال مايكل كوجلمان، محلل شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي: "إنها قصة نجاح واضحة ومباشرة".

وأضاف أن الولايات المتحدة فشلت في قتل الظواهري، الذي ساعد في تنسيق هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة وخلف أسامة بن لادن في زعامة "القاعدة"، حينما كان له وجود عسكري على الأرض، لكنها أثبتت أن بوسعها استهدافه بعد ما يقرب من عام من الانسحاب.

وقال العضو الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي توم مالينوفسكي على "تويتر": "لقد انتقدت قرار الرئيس بايدن بمغادرة أفغانستان، لكن هذه الضربة تظهر أننا ما زلنا نمتلك القدرة والإرادة للعمل هناك لحماية بلدنا".

لكن المسؤولين الأميركيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، قالوا إنه لا تزال هناك أوجه قصور في الاستراتيجية. وأشاروا إلى أنه من دون اتفاقيات لإقامة قواعد في الدول المجاورة، فإن الطائرات الأميركية المسيّرة ستواجه صعوبة في مراقبة الأهداف في المناطق النائية من أفغانستان الحبيسة لفترات طويلة.

وقال مسؤول أميركي إن ضربة الظواهري سيكون من الصعب تكرارها في جميع أنحاء أفغانستان، بدون شبكات من رجال المخابرات التي انتعشت خلال الوجود الأميركي الذي دام 20 عاما.

وقالت نيها أنصاري، محللة مكافحة الإرهاب في واشنطن والتي تركز على حرب الطائرات المسيّرة: "كانت هذه ضربة نموذجية".

وأضافت أن العملية تطلبت معلومات مخابرات جيدة، وسماح الدول على الأرجح للولايات المتحدة بتحليق طائرات مسيّرة عبر مجالها الجوي، وموقعا محددا. لكنها أكدت أن السؤال المتعلق بما إذا كانت هذه الظروف المثالية ستستمر يظل سؤالا مفتوحا.

 

وظهر مثال على صعوبة جمع معلومات المخابرات في أفغانستان في عام 2015 حين كانت الآلاف من القوات التي تقودها الولايات المتحدة على الأرض، عندما فوجئ المسؤولون العسكريون الأميركيون باكتشاف معسكر تدريب ضخم لـ"القاعدة" في ولاية قندهار الجنوبية.

ويشير استخدام "سي آي إيه" طائرات مسيّرة لضرب الظواهري إلى اتفاق تحليق سري مع دولة مجاورة، وهو أمر لا يملكه الجيش الأميركي. وامتنعت "سي آي إيه" عن التعليق على العملية.

ويثير وجود الظواهري في كابول، على بعد بنايات قليلة من السفارة الأميركية المهجورة، تساؤلات عن وجود جماعات إسلامية متشددة في ظل حكم "طالبان".

وأشارت الضربة إلى وجود خلل في اتفاق الانسحاب لعام 2020 الذي وقعته الولايات المتحدة مع "طالبان"، والذي يسمح لـ"القاعدة" والجماعات المسلحة الأخرى بالبقاء في أفغانستان طالما أنها لا تتدرب أو تجمع الأموال أو تخطط لشن هجمات.

وفي أواخر العام الماضي، قدَّرت أجهزة المخابرات الأميركية أن الفرع المحلي لـ"داعش"، المعروف باسم ولاية خراسان، يمكن أن تكون لديه القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة في أقل من ستة أشهر، على الرغم من العداء بين مقاتلي "طالبان" والتنظيم.

وكان كبار القادة العسكريين الأميركيين قالوا قبل الانسحاب، العام الماضي، إن جماعات مثل "القاعدة" يمكن أن تشكل تهديدا من أفغانستان للولايات المتحدة وحلفائها بحلول عام 2023.

وذكر تقرير للأمم المتحدة العام الماضي، أن ما يصل إلى 500 من مقاتلي "القاعدة" موجودون في أفغانستان وأن "طالبان" تحافظ على علاقة وثيقة مع التنظيم المتطرف.

وقال مسؤول عسكري أميركي إنه بينما أصبح الظواهري إلى حد بعيد شخصية صورية في السنوات القليلة الماضية، فلا يزال هناك قلق من أن الجماعة قد تنمو مع قيام "طالبان" بتوفير الملاذ الآمن لها.

وقال دانيال هوفمان، الضابط السابق بالعمليات السرية في "سي آي إيه"، إن وجود الظواهري ومقاتلي "القاعدة" الآخرين في أفغانستان يجب أن يكون بمثابة "قرع أجراس الإنذار".

وأضاف: "أفغانستان تشكل خطرا واضحا وقائما. ولم تكن أبدا أكثر خطورة على الولايات المتحدة مما هي عليه الآن".