العدد 1522 /3-8-2022

 


بسمة بركات

أكدت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الثلاثاء، أنها بصدد التباحث في الخطوات التصعيدية القادمة، وأن القضاة المضربين عن الطعام رفعوا إضرابهم بسبب تدهور وضعهم الصحي، مضيفة أن أزمة إعفاء القضاة مستمرة في غياب الحل السياسي والإنصاف القضائي.

ونظمت الجمعية مؤتمراً صحافياً ، بحضور عدد من القضاة والشخصيات الوطنية والحقوقية ومناضلين من المجتمع المدني، مطالبين برفع المظلمة عن القضاة والتعجيل بصدور قرار من قبل المحكمة الإدارية في الطعون المقدمة.

وقال رئيس جمعية القضاة أنس الحمادي إن "القضاة رفعوا الإضراب عن الطعام اضطراراً وليس اختياراً، وبعد توصيات من الأطباء بإنهاء الإضراب، وخاصة في ظل مخاوف حقيقية على حياتهم، وفي ظل التردي الخطير لصحتهم"، مبيناً أن "الفريق الطبي فرض تعليق الإضراب عن الطعام".

وأوضح الحمادي أن رفع الإضراب "للأسف لم يكن بناءً على حل سياسي أو قضائي بعد المظلمة التي تعرض لها القضاة" .

وتساءل الحمادي: "لماذا يرفض الرئيس الأول للمحكمة الإدارية إصدار قرارات منصفة للقضاة؟".

وأضاف الحمادي أن "القضاة سيواصلون تحركاتهم ومطلبهم الأساسي التراجع عن الأمر عدد 516 وأن يقع إنصاف القضاة المعفيين من طريق المحكمة الإدارية التي تظل مفخرة لتونس بتاريخها الطويل".

وبيّن أن "أغلب القضايا المرفوعة في المحكمة الإدارية تاريخياً كان مآلها الإبطال، وبالتالي لا بد من منح القضاة المعفيين حقهم"، مؤكداً أنه "بعد الإضراب عن الطعام سيتم الدخول في مشاورات مع كل الشركاء لوحدة الصف والنظر في التحركات النضالية القادمة".

وأكد الحمادي خلال كلمة ألقاها في المؤتمر الصحافي أن "إضراب جوع القضاة انطلق يوم 22 يونيو بـ3 قضاة اختاروا التعبير عن رفضهم في طريقة فريدة في الوسط القضائي أمام حجم المظلمة التي تعرض لها القضاة، وتم الدخول في إضراب عن الطعام والنضال بأجسادهم، في تعبيرة لا تخلو من جانب روحي".

وبين أن "السلطة وجدت قضاة تصدوا للقرارات الظالمة والأزمة متواصلة وسيف الإعفاءات متواصل، والمرسوم لم يقع التراجع عنه، ورئيس الجمهورية سبق وأقر ضمنياً بمظالم، ولكنه يترفع عن التراجع".

 

وقالت رئيسة اللجنة المدنية للدفاع عن استقلالية القضاء، بشرى بالحاج حميدة إن "كل مكونات اللجنة في رصيدها نضال طويل وهي اليوم تدافع عن القضاء رغم أنه سبق لها نقده، وكان حل المجلس الأعلى للقضاء بداية وضع اليد على السلطة القضائية من قبل شخص واحد ثم على الدستور الذي استكمل ملامحه ضمن هذا المسار"، مؤكدة أنه "يؤسفها غياب وجود المحامين في معركة القضاة، فالخلافات الحاصلة قادت إلى مثل هذه الأجواء من عدم التضامن".

ولفتت إلى أن "رئيس الجمهورية لا يفكر في عائلات القضاة، وكان يجب عليه إصلاح الخطأ، ولكنه لم يقم بأي شيء، داعية رئيس المحكمة الإدارية للاستفادة من التاريخ وأن تتم نصرة القضاة".

وأفادت بن حميدة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "لا بد من رصّ الصفوف وأن يكون الجميع لحمة واحدة، خاصة بين القضاة والمحامين رغم الاختلاف في عديد الملفات، ولكنهم مجبرون اليوم أن يكونوا معاً، مؤكدة أن المحاماة عندما تُضرب فستجد القضاء إلى جانبها والقضاة كذلك، وهذه اللحمة تقوي كل السلطة القضائية".

وأكدت أن "سعيّد استفاد كثيراً من التشتت الحاصل خاصة بين المحامين والقضاة ولكن يؤمل أن يجد الطرفان في الفترة القادمة قنوات حوار، مضيفة أن القضاة بدوا أكثر لحمة، وخاصة على مستوى القواعد، وهذا كان غائباً في السابق".

ويرى أستاذ القانون الدستوري، عياض بن عاشور أن "الفصل الـ 80 استُعمل للتصدي لأزمة سياسية كبرى، لكن روح هذا الفصل أن يكون مناعة للدستور وللدولة عندما تكون في خطر، وهذا الفصل يسمح لرئيس الجمهورية في الحالات الاستثنائية بحماية الدستور، ولكن بدلاً من ذلك عُوِّض دستور 2014 بدستور جديد".

وأكد بن عاشور أن" قضية القضاة تندرج ضمن إطار سياسي، وهذا النظام لا بد من مقاومته مدنياً وسلمياً، وتنظيم آليات المقاومة ضد مسار 25 يوليو".

وأوضح أن "الإضراب عن الطعام الذي قام به القضاة كان دفاعاً عن حقوقهم وشكل نقطة أساسية في تنظيم المقاومة ضد النظام الجديد"، مؤكداً أن "هذا النظام استبدادي وظالم، ويحتقر الرأي المخالف".

وقال أحد القضاة المضربين عن الطعام، حمادي الرحماني: "هناك كلام كثير قيل من قبل القضاة، ومع ذلك لا يوجد أي تحرك من قبل رئيس الجمهورية ولا رد فعل"، مضيفاً أن "قرار الإعفاء معدوم، وكان يجب إيقافه لأنه خرق واضح للقانون".

وبين أن "الخشية أن يكون ملفهم بصدد تصفية سياسية وهندسة للترضيات، وإن لم يصدر قرار من قبل المحكمة الإدارية، فإن الواضح أن هناك حسابات سياسية في ذلك".

وأكدت الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة روضة القرافي، أن "الألم يصنع رجالاً وملاحم ويصنع التاريخ"، مبينة أنها مع "الصوت الحقوقي الذي طالب برفع الإضراب، وما حصل انتصار وليس انكساراً، لأنه أوقف رعب القائمات".

وبينت أن "هذا كان نتاج تضحيات القضاة والقضية اليوم ليست قضية عادية وجمعت خيرة المدافعين عن القانون، وكشفت أن الدولة كانت تستهدف القضاء ومع ذلك صمد القضاة".