العدد 1522 /3-8-2022


تسعى مصر إلى تحريك الملفات المرتبطة بقطاع غزة على رأسها عمليات إعادة الإعمار التي تشرف عليها مصر في ظل حالة التململ الواسعة في القطاع من تأخير عملية إعادة الإعمار عقب العدوان الإسرائيلي في 2021.

وفيما كان يُترقب وصول وفد مصري أمس الثلاثاء، قال المتحدث باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع لـ"العربي الجديد"، إنّ وفداً من قيادة الحركة برئاسة عضو المكتب السياسي روحي مشتهى غادر قطاع غزة أمس الثلاثاء لعقد لقاءات مع المسؤولين المصريين في القاهرة.

وأوضح القانوع أنّ الزيارة في اطار تعزيز العلاقات مع مصر ومناقشة وفكفكة القضايا العالقة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ويبدو أنّ الزيارة لم تكن مجدولة، وربما جاءت نتيجة تسارع الأحداث في القطاع والتوتر على الحدود، في أعقاب الاستنفار الإسرائيلي الكبير الذي تبع إعلان "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي" الاستنفار بعد الاعتداء على القيادي البارز في الحركة الشيخ بسام السعدي في مدينة جنين ليلاً وتهديد الحركة بالرد.

في المقابل، قالت مصادر مصرية مطلعة على ملف الوساطة التي تقوم بها مصر بين الفصائل الفلسطينية من جهة والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، إن الوفد الذي يقوده وكيل جهاز المخابرات العامة اللواء محمد عابدين سيبحث عدداً من الملفات من بينها إعادة الإعمار ومعبر رفح والأسرى.

وتطالب "حماس" القاهرة، بزيادة معدلات الإنجاز في مشروعات إعادة الإعمار التي تنفذها بالقطاع للتخفيف عن سكانه. المرور إلى ملفي إعادة الإعمار والتيسيرات المصرية، سيكون عبر الحديث عن صفقة تبادل الأسرى، بعد الضغط الذي صدرته "حماس" لحكومة الاحتلال في أعقاب الكشف عن تردي الحالة الصحية للأسير الإسرائيلي لديها هشام السيد.

وبحسب المصادر المصرية فإن "حماس" تملك الأسرى الإسرائيليين، وتل أبيب تملك أسرى "حماس" في السجون، ومصر تملك التيسيرات وملف إعادة الإعمار كمحفزات.

ووفقاً للمصادر، فقد "تلقت القاهرة إشارات إسرائيلية الأسبوع الماضي بشأن التحرك في صفقة الأسرى، والنظر في البنود التي تعطلها، مع إمكانية العودة مجدداً إلى مقترح الصفقة الجزئية، على أمل تحقيق إنجاز سريع قبيل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة".

وأوضحت أن "أعين كل الساسة في إسرائيل حالياً على صفقة الأسرى، لتحقيق مكاسب انتخابية، وهو ما تدركه حماس جيداً، وترى أن الفرصة مواتية حالياً لمزيد من الضغط"، مشيرة إلى أن "كلا من رئيس الحكومة الإسرائيلية يئير لبيد ووزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس، يرغبان بشكل جدي في إحراز تقدم في الصفقة".

ويأتي الحراك المصري في وقت أعلن فيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن لقاء مرتقب جديد للفصائل الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، قبيل انعقاد القمة العربية في الجزائر. وقال الرئيس الجزائري في تصريحات صحافية إنه "سيتم تنظيم لقاء بين الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير قبل انعقاد القمة"، مؤكداً أن بلاده "تقف مع منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني".

وقال أحد المصادر المصرية المطلعة على جهود الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة بين "حماس" وحكومة الاحتلال، إن "الضغوط الجزائرية في الملف الفلسطيني لا يمكن إغفال تأثيرها على التحركات المصرية في هذه الأثناء".

وبحسب المصدر فإن "زيارة الوفد المصري تأتي امتداداً لزيارة قام بها وفد من حماس بقيادة عضو المكتب السياسي للحركة محمود الزهار للقاهرة مطلع الشهر الماضي، جاءت مواكبة لتواجد رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في الجزائر بدعوة من تبون لحضور احتفالات يوم الاستقلال".

وأزعجت تحركات الجزائر المسؤولين في مصر، بعد أن أكد تبون في أكثر من مناسبة اهتمام بلاده بالملف الفلسطيني وسعيه إلى لعب دور حاسم من أجل إتمام المصالحة الداخلية بين "فتح" و"حماس".

واستقبل بالفعل بداية العام وفوداً ممثلة للفصائل الفلسطينية، قبل أن ينجح في جمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وزعيم "حماس" إسماعيل هنية في صورة واحدة.

في مقابل ذلك، قال مصدر دبلوماسي مصري معني بملفات الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، إن "ما يجعل عين القاهرة متجهة لملف قطاع غزة في الوقت الراهن وتحديداً إتمام صفقة الأسرى، ربما يكون عدم إبداء البيت الأبيض حتى الآن، موقفاً رسمياً من مشاركة الرئيس جو بايدن في قمة المناخ التي تنظمها مصر في تشرين الثاني المقبل بمدينة شرم الشيخ.

ويسعى صانع القرار المصري طوال الوقت للإبقاء على مفاتيح موقف قطاع غزة، وفي القلب منه حركتا "حماس" و"الجهاد"، تحت تصرفه، خصوصاً في ظل إدراكه مدى تأثير ذلك الملف في موقف وتوجهات الإدارة الأميركية، على ضوء الوساطة المصرية في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس" بشأن وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة وتبادل الأسرى.

على ضوء ذلك، وعقب التطورات التي تشهدها العلاقات المصرية الأميركية أخيراً، والتي تمثلت في ترتيب أول لقاء مباشر لبايدن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش قمة جدة الشهر الماضي، وما تبعها من توجيه الإدارة الأميركية الدعوة للسيسي لحضور اجتماعات القمة الأميركية الأفريقية المقررة نهاية العام الحالي، يسعى صانع القرار المصري لإحداث نجاح جديد قبل توجه السيسي إلى واشنطن لتأكيد جدوى الاعتماد الأميركي عليه في هذا الملف.