العدد 1488 /24-11-2021

على الرغم من أن مصير الإنتخابات النيابية مازال غامضا في ظل الطعن المقدم من نواب التيار الوطني الحر الى المجلس الدستوري ، فإن بعض الحراك الإنتخابي قد ظهر في تحركات ومواقف بعض القوى السياسية دون أن يعني ذلك أن عجلة المشهد قد بدأت بالدوران الجدي . ولعل أبرز من قال شيئا في هذا الموضوع هو الطرف الجنبلاطي الذي ثبت تحالفاته السابقة مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية في الشوف وعالية ، قاطعا الطريق على أي تسوية مفترضة مع قوى الفريق الآخر المتمثل بالتيار الوطتي الحر والأمير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب . ومن ثم أعلن عن لقاء ما تم بين رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي تيمور جنبلاط والرئيس سعد الحريري خارج لبنان للبحث بالشأن الإنتخابي .

وقد أعقب ذلك اللقاء كلام نقل عن تيمور يفيد بأن الحريري عائد الى أرض الوطن وأنه يرتب أوراقه لخوض المعركة الإنتخابية الجليلة ، ولكن النائب وائل أبوفاعور أفادنا أن الحريري يدرس خياراته كلها التي تتضمن خيار الإستنكاف عن خوض الإنتخابات النيابية في ضوء اعتبارات عديدة . قد يكون أهمها إستمرار العلاقة السلبية مع المملكة العربية السعودية التي تشي بإنعدام أي تمويل سعودي مفترض للعملية الإنتخابية . والذي يترجم أيضا بتشجيع بعض من في المملكة لتشويش بهاء الحريري على شقيقه سعد من خلال مباشرة تحركات خاصة به عبر الحراك الشعبي وعبر خوض بعض المعارك الإنتخابية أو كلها أو جلها ... إن قدر لتلك الإنتخابات ان تجري في ربيع العام القادم . هذا فضلا عن الشعور الحريري العارم بالغبن من جراء القانون الإنتخابي الذي تم إقراره في عام ٢٠١٧ واعتمد في إنتخابات عام ٢٠١٨ والذي خسف الأرض بكتلة المستقبل النيابية التي كانت تتجاوز الثلاثين نائبا في إنتخابات عام ٢٠٠٩ وهبط تعدادها الى ما دون العشرين نائبا في إنتخابات ٢٠١٨ . وتشير المعطيات الحالية أن قانون الصوت التفضيلي سيستمر في إلحاق الغبن بالساحة الحريرية المهددة بمزيد من التقلص والتبعثر خصوصا في ظل الشروخ التي ترسمها مباضع بهاء الحريري ونهاد المشنوق وأشرف ريفي وفؤاد السنيورة وآخرين ... ممن كان منضويا تحت راية سعد الحريري . وقد جاء كلام النائب المشنوق قاسيا في الأيام الأخيرة ، حينما أعتبر الأخير أن رئاسة الحكومة اللبنانية باتت خالية من الفعالية إثر خروج الرئيس فؤاد السنيورة من سدة الرئاسة الثالثة . وقد اعتبر هذا الكلام ذما بالرئيس الحريري أكثر منه مدحا بالرئيس السنيورة . ويفيد بعض العالمين بحقائق الساحة الحريرية أن طموحات النائب المشنوق السياسية لا تخفى على أحد ، وهي طموحات مقابلة للمكانة السياسية للرئيس سعد الحريري . ويشير هذا الموقف السلبي من المشنوق الى متاعب إنتخابية مستجدة في الساحة البيروتية قد تؤدي الى مزيد من الإنحسار النيابي الحريري في العاصمة ، وهو الإنحسار الذي بدأ مع خروقات فؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي وأمين شري و ... في إنتخابات ٢٠١٨ .

أما أشرف ريفي في طرابلس وفؤاد السنيورة في صيدا فلكل واحد منهما مع سعد الحريري حكاية خاصة ، على الرغم من أنهما يدعوان الى تصليب الموقف السياسي لتيار المستقبل في مواجهة حزب الله والى التخلص من عبء التسوية الرئاسية التي حصلت في صيف عام ٢٠١٦ وأوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى وأعادت الحريري الى السراي الكبير . مع تسجيل تحفز واضح لدى أشرف ريفي للتمرد على سعد الحريري ، أكثر بكثير من تحفزات الرئيس السنيورة الذي امتنع عن الترشح في إنتخابات ٢٠١٨ في مدينة صيدا بفعل قانون الصوت التفضيلي الذي أتاح للنائب أسامة سعد إستعادة مقعده النيابي الذي خسره في إنتخابات عام ٢٠٠٩ .

توقفنا عند الساحة الحريرية ومعطياتها الجديدة ونتؤاتها البارزة ، بمعزل عن معطيات الساحات الإنتخابية الأخرى التي يضج بعضها ويعج بالكثير من المعطيات الجديدة أيضا التي تطرح كثيرا من الأسئلة . هذه الأسئلة التي يتقدمها في الساحة الحريرية سؤال يطال حقيقة الحكم الصادر في المملكة السعودية بحق الرئيس سعد الحريري . هل هو نفي أم إعدام سياسي أم مجرد تأديب وتعزير ؟؟ إن هذا السؤال يستولد أسئلة أخرى حول مآل القوة الجماهيرية الحريرية إن أوكل أمرها الى بهاء الحريري الذي يفتقد حتى هذه الساعة لحد أدنى من الكاريزما التي يمتلك حاليا شيئا منها شقيقه سعد خصوصا عندما يخلع السترة ( الجاكيت ) ويتصدى للجماهير الملتهبة بقميصه الصيفي الأزرق .

أيمن حجازي