العدد 1347 / 30-1-2019
قاسم قصير

اثارت المقابلة الاخيرة التي اجرتها قناة الميادين مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الكثير من الاسئلة والملاحظات وردود الفعل الداخلية والخارجية .

فهل نحن متجهون الى مرحلة تصعيد او حرب بين لبنان والكيان الصهيوني؟ وما مستقبل الاوضاع في سوريا والمنطقة على ضوء المعطيات والمعلومات التي كشفها السيد نصر الله حول الانسحاب الاميركي من سوريا؟ ولماذا اعطيت هذه المقابلة كل هذا الاهتمام من قبل الاوساط الاسرائيلية ؟

دلالات المقابلة وابرز المواقف

جاءت مقابلة قناة الميادين مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد نشر اشاعات عن وفاته او انه يعاني من اوضاع صحية صعبة ، اضافة الى ان توقيت بث المقابلة تزامن مع تطورات داخلية واقليمية ودولية مهمة ، وبعد مرحلة طويلة نسبياﹰ من عدم اطلالة السيد نصر الله عبر الاحتفالات او الاعلام ، وكل ذلك اعطى للمقابلة اهمية استثنائية ، وقد تناولت التطورات وعلى الحدود مع الكيان الصهيوني وقضية الانفاق ، والانسحاب الاميركي من سوريا ، والمخاوف من صراع روسي – ايراني ، اضافة الى احتمال حصول حرب مع الكيان الصهيوني سواء في لبنان او فلسطين ، وصولاﹰ الى التطورات الحكومية والعلاقة بين حزب الله والرئيس العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر ودور حزب الله في مكافحة الفساد.

كل هذه الاجواء دفعت وسائل الاعلام المحلية والاسرائيلية والعربية والدولية لى التركيز على مواقف السيد نصر الله ، كما ان مواقع التواصل الاجتماعي اهتمت بالكثير مما قاله وخصوصا بشأن المخاوف المنتشرة لدى العدو الصهيوني من قدرات المقاومة والانفاق وامكانية اقتحام منطقة الجليل في حال وقوع حرب مقبلة.

وشكلت الاشارة الى ان اي ضرب بالمطرقة ( او الشاكوش بالتعبير العامي) في المنطقة الحدودية سيؤدي الى اثارة الرعب لدى الصهاينة مادة مهمة للمواطنين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للاستهزاء بالصهاينة وشن حملة اعلامية ونفسيّة ضد الاسرائيليين.

لبنان والمنطقة الى اين؟

لكن ماهي ابرز الخلاصات التي يمكن استنتاجها من اجواء المقابلة؟ وهل لبنان والمنطقة متجهان الى المزيد من التصعيد والحرب في المرحلة المقبلة ، ام اننا ذاهبون الى تسويات للملفات الداخلية والخارجية؟

رغم الاشارات الكثيرة التي تحدث عنها السيد حسن نصر الله حول احتمال تطور الاوضاع نحو حرب شاملة في المنطقة ، فان الملاحظ انه حرص على التأكيد ان حزب الله والمقاومة الاسلامية يقفان في لبنان خلف مواقف الدولة اللبنانية والجيش اللبناني ، خصوصا في قضية الحدود والمناطق المتنازع عليها مع العدو الصهيوني ، كما ان نصر الله عمد الى توجيه رسائل واضحة لرئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو وقادة الكيان الصهيوني للتحذير من شنّ حرب جديدة ، لانه في حال حصول هذه الحرب فان حزب الله سينقل المعركة الى منطقة الجليل وان لديه صواريخ دقيقة ، وهذه التصريحات تشير الى ان هذه المواقف ردعية ولا تعني ان الحزب يريد فتح الحرب او الجبهة حاليا.

كما ان مواقف نصر الله حول الوضع الداخلي وتشكيل الحكومة اتسمت بالهدوء والحرص على دعم الرئيس المكلف سعد الحريري ،والتخفيف من اجواء القلق من الاوضاع الاقتصادية والاستمرار في معركة مكافحة الفساد عبر رؤية شاملة وخطة عمل متكاملة ، اضافة لتأكيد العلاقة الايجابية مع حلفاء الحزب وخصوصا التيار الوطني الحر، ونفي مقولة المثالثة في الحكم، وكل ذلك يؤشر الى رغبة الحزب في تهدئة الاوضاع الداخلية والتوصل الى حلول للازمات وليس العمل على قلب الطاولة او التصعيد في المواقف.

اما على صعيد الاوضاع في المنطقة عامة والوضع في سوريا والمعلومات التي كشفها عن السعي الاميركي لاخراج ايران وحزب الله من سوريا مقابل الانسحاب الاميركي ، والرفض الروسي للطروحات الاميركية واستمرار التعاون والتنسيق الروسي – الايراني – السوري ، هذه المعطيات تكشف ان المنطقة لا تزال تمر في مرحلة انتقالية ، وانه حاليا لم يتم حسم كل الملفات رغم التقدم الميداني للمحور الروسي – الايراني في اكثر من ساحة.

اذن ، الخلاصة التي يمكن التوصل اليها : ان مواقف السيد نصر الله هي ردّ على كل المخاوف من التهديدات الصهيونية ،ورسالة ردع للكيان الصهيوني واعادة تثبيت لدور الحزب وايران وحلفاؤهما في المنطقة ، لكن في الوقت نفسه كان من الواضح الحرص على التهدئة وعدم التصعيد الميداني بانتظار تبلور صورة الاوضاع ، مما يعني اننا لازلنا في مرحلة انتقالية ،وان الاوضاع لا تتجه نحو الحسم النهائي في هذه المرحلة ، وان كانت خيارات التصعيد ستظل قائمة في الاشهر المقبلة ، لكنّ اي تصعيد صهيوني لن يكون قرارا سهلا ، بل سيواجه برد كبير في المنطقة كلها.

قاسم قصير