العدد 1381 / 9-10-2019
بسام غنوم

مازال الهم الاقتصادي الشغل الشاغل للبنانيين في ظل غياب الحلول للمشاكل المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان ، ورغم تراجع حجم التحركات الشعبية الا ان الأمور مازالت على حالها وانتقلت حركة الاعتراض على تردي الوضع الاقتصادي وعلى سياسات الحكومة الاقتصادية الى الهيئات الاقتصادية والمؤسسات السياحية التي تمثل عصب الاقتصاد اللبناني , حيث قامت الهيئات الاقتصادية والمؤسسات السياحية الى اضراب تحذيري قامت خلاله باقفال مؤسساتها لمدة ساعة احتجاجا على سياسة الحكومة الاقتصادية وتقاعسها عن معالجة الازمات التي تهدد بنية الاقتصاد اللبناني ، واللافت في تحرك الهيئات الاقتصادية هو الشعار الذي رفعته للتحرك وهو :"معا لمنع انهيار القطاع الخاص ، دفاعا عن الاعمال والارزاق" ، وتحدث رئيس الهيئات الاقتصادية والتجارية نقولا شماس عن المعاناة والصعوبات الكبيرة التي تواجه المؤسسات التجارية والقطاع الخاص والتي ادت الى اقفال عشرات المؤسسات والشركات ووقوع غالبية المؤسسات التجارية تحت عبء الديون للمصارف بسبب تراجع النمو والحركة الاقتصادية على وجه العموم .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا تتجاهل الحكومة بكل مكوناتها السياسية الازمة الاقتصادية وتحاول الهروب الا الامام عبر توجيه الاتهامات الى الاعلام اللبناني والى اطراف خارجية ؟

الجواب على هذا السؤال من شقين , اما ان الحكومة بكل مكوناتها السياسية عندها اولويات اخرى لا علاقة لها بما يعانيه اللبنانيون من ضغوط اقتصادية ، واما ان الطبقة السياسية غير قادرة على ايجاد الحلول للأزمات المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان في هذه الأيام .

بالنسبة للشق الأول من الجواب هناك الكثير من الكلام الذي يجري تداوله في لبنان والمنطقة فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يقول "ان المسؤولين الكبار تنازلوا عن القرار الاستراتيجي الأمني والعسكري ولم يعد داخل المؤسسات الدستورية" ويضيف " عليهما ان يقولا لحزب الله انه اذا كان فعلا حزبا لبنانيا . فلا يحق له زج الشعب اللبناني في مخاطر لا يريدها ، لأن قرار السلم والحرب بيد السلطة الاجرائية والحكومة مجتمعة ، وهذا الأمر لم يحصل حتى الآن ويا للأسف" .

وهذا الكلام لسمير جعجع من "حزب الله" ودوره ومواقفه من احداث لبنان والمنطقة هو جزء من الصراع السياسي القائم بين اركان السلطة ، فقد اعتبر نائب رئيس المجلس النيابي النائب ايلي الفرزلي ان التحركات الشعبية التي قامت في الاسبوعين الماضيين احتجاجا على الوضع الاقتصادي اما هي مؤامرة ضد العهد والرئيس عو بسبب المواقف التي اعلنها في الامم المتحدة تجاه اللاجئين السوريين وبسبب رغبته في فتح حوار مباشر مع ىالنظام السوري ، وغير بعيد من هذه المواقف ما اعلنه نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع قناة الجزيرة من أن المنطقة كلها لن تكون آمنة في حال استهداف ايران ، واتهم الامارات والسعودية بخدمة السياسة الاميركية والاسرائيلية في المنطقة ، وتؤكد هذه المواقف لمختلف الأطراف المشاركة في الحكومة ان ارتباطاتها الخارجية ومصالحها السياسية لها الاولوية على ما عاداها من القضايا التي تهم لبنان واللبنانيين وهو ما يفسر جزءا من اسباب الأزمات التي يعاني منها لبنان حاليا .

اما بالنسبة للشق الثاني من الجواب وهو عدم قدرة الطبقة السياسية الحاكمة على ايجاد حلول للأزمات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان ، فان واقع الحال يدل على ذلك .

فرغم مرور ما يقارب السنة والنصف على مؤتمر سيدر الذي عقد في شهر نيسان 2018 في باريس والذي منح لبنان قروضا بقيمة احد عشر مليار دولار من أجل ايجاد حلول لأزمة الكهرباء والطرقات والمياه والصرف الصحي .. الخ ، وطلب من الحكومة اللبنانية القيام باصلاحات للحصول على هذه القروض الحيوية للاقتصاد اللبناني ، مازالت الحكومة عاجزة حتى الآن عن تلبية شروط الجهات المانحة في مؤتمر سيدر ، وما زالت الأموال المخصصة للبنان مجمدة ، وذلك كله بسبب سياسة المحاصصة و التسويات المتبعة في الحكومة ، والتي وصلت الى التعينات القضائية والدستورية التي يجب ان تكون خارج الحسابات السياسية فضلا من حالة الانكار التي تعيشها الحكومة لحجم الأزمة الاقتصادية التي تهدد استقرار لبنان واللبنانيين .

باختصار ، لبنان اصبح في وضع اقتصادي لا يحسد عليه ، وفي ظل حالة التجاذب السياسي والصراع على المصالح القائمة بين اركان السلطة يمكن القول ان الامور سائرة نحو الانهيار الاقتصادي وهذا ما لا يتمناه احد من اللبنانيين .

بسام غنوم