العدد 1534 /26-10-2022
أيمن حجازي

عشية الحادي والثلاثين من تشرين الأول بات الشغور مخيما على الرئاسة اللبنانية الأولى ، وباتت لعبة عض الأصابع مستمرة بين نجيب ميقاتي وجبران باسيل حول تشكيل الحكومة المستحيلة . في حين يبدو الرئيس المكلف مرتاحاً على وضعه بعد أن نجح في اعتماد سياسة النفس الطويل في مواجهة الضغوط الباسيلية المتفاقمة . وقد كسب الميقاتي جولة كبرى حاول فيها التيار الوطني الحر الطعن والتشكيك بشرعية ودستورية تسلم الحكومة المستقيلة للصلاحيات الرئاسية في حال الشغور الرئاسي .

وقد ظهر هذا الأمر جليا في الساعات الأخيرة عندما قال رئيس الجمهورية أن صلاحيات ما يسمى بحكومة تصريف الأعمال لن تكون كاملة في حال لم ينتخب رئيس للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول الحالي . وهذا إقرار ضمني من قبل الرئيس عون بدستورية تسلم الحكومة المستقيلة مهام الرئاسة الأولى . حتى لو استمر جبران باسيل في الطعن بهذا الأمر ولجأ الى التهديد بعدم القبول عمليا بإجراءات الحكومة في فترة الشغور الرئاسي المفترض أو الشغور الرئاسي القادم . هذا في الوقت الذي افتقد فيه باسيل أي ظهير دستوري يعينه في عملية الطعن المشار اليها ، والتي أسقط مفاعيلها بيان القاضي محمود مكية المدير العام لمجلس الوزراء ومن موقعه الإداري والذي جزم بسلامة تسلم الحكومة المستقيلة مهمات الرئاسة الأولى في حال قيام الفراغ الرئاسي . ويتمحور الخلاف حول تشكيل الحكومة ، في إطار الحصص التي تضمن أحجام التأثير داخل تلك الحكومة المميزة في مهمتها والتي ينبغي ان تقوم مقام الرئاسة الأولى . ويزيد الأمر تعقيدا في هذا المجال اعتراض الرئيس ميقاتي على بعض الأسماء التي يتمسك بها باسيل وهو الذي عانى في الفترة الأخيرة من عملية الإنقلاب في ولاءات بعض الوزراء الذين تمت تسميتهم سابقا من قبل التيار الوطني الحر .

ثمة سؤال يطرحه المواطن اللبناني العادي : هل فقد الأمل في تشكيل الحكومة العتيدة في ما تبقى من أيام قليلة من عمر العهد ؟ بالطبع لا . فالوسيط المميز ممثلا بحزب الله ، والذي يعمل على تقريب وجهات النظر بين الرئيس ميقاتي والنائب جبران باسيل ... هذا الوسيط يبذل جهودا مضنية بين الفريقين ويسعى جاهدا من أجل التوصل الى حل ناجع يفضي الى تشكيل حكومة كان يفترض أن تكون حكومة ما بعد الإنتخابات النيابية وإذا بها تصبح حكومة ما بعد نهاية الولاية الرئاسية للعماد ميشال عون .

يستمر التناطح السياسي بين الفرقاء اللبنانيين مع وجود ميزة هامة تطبع الأزمة الحالية وهي ارتكازها الى وجودفريقين : واحد يعتبر أنه يمتلك الأكثرية النيابية ويرفض الإقرار بأنه خسر التحالف مع وليد جنبلاط ولم يتمكن من بناء علاقة واضحة مع ١٣ نائبا اجتمعوا تحت رايات الثورة والتغيير وهم قادمين من منابت سياسية شتى ... يصعب جمعهم ويسهل تفريقهم . ما يجعل هذه الأكثرية وهمية ولزجة وقابلة للتحلل في أي استحقاق مفترض . وفريق آخر يدعو الى التوافق على اسم رئاسي استنادا الى أن لا أكثرية نيابية موجودة لدي أي من الفريقين . الفريق الأول يبدو متصلبا لا يفسح في المجال للحوار ، والفريق الثاني يمجد الحوار ويدعو له ويرفع شعاراته عالية خفاقة . الفريق الأول ورث "الجبهة اللبنانية" واليمين الإنعزالي والمارونية السياسية ، والفريق الثاني ورث "الحركة الوطنية" اللبنانية والمقاومة الفلسطينية والإسلام السياسي التقليدي ولا ننسى اليسار اللبناني المميز .

على الصعيد الدولي يحاول الغرب أن يقول أن فلاديميير بوتين ورث أدولف هتلر ، وأن أوكرانيا ورثت الكيريدور البولندي الذي أشعل اجتياحه من قبل الألمان الحرب العالمية الثانية . ونكاد ان نقول أن الشعب اللبناني الحالي يكاد يرث حقيقة أجداده الذين مات قسم كبير منهم

تحت وطأة مجاعة سفر برلك في الحرب العالمية الأولى .

خلاصة التساؤلات : من يرث من ؟

أيمن حجازي