العدد 1601 /14-2-2024
أيمن حجازي

تحركت الساحة السياسية المحلية بعض الشيء مع قدوم الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، بعد قراره السابق القاضي بتعليق عمل تيار المستقبل السياسي. وقد فتح هذا القدوم الأبواب أمام تكهنات تصل إلى حدود العودة السياسية للرجل الذي ترك غيابه فراغا أقر بمساوئه معظم الأطراف السياسية اللبنانية بمن فيهم خصوم الحريري نفسه. وقد امتنع أمين عام تيار المستقبل وابن عمة الرئيس أحمد الحريري وعلي مقربة من ضريح خاله في قلب بيروت، عن تقديم معطى واضح يتعلق بالعودة الحريرية الموعودة من قبل جمهور تيار المستقبل والعديد من الجهات السياسية والطائفية اللبنانية. قد أعاد أحمد الحريري قرار العودة من عدمه إلى الرئيس سعد الحريري شخصيا.

والجميع يعلم أن العودة المشار إليها أكثر تعقيدا من قرار شخصي يعود للشيخ سعد وذلك بفعل تداخل الموضوع مع توجه سياسي تملك زمامه المملكة العربية السعودية وهو على صلة وثيقة بنفوذها الفاعل على الساحة اللبنانية. ما يجعل الموضوع منفتحا على تعقيدات إقليمية شتى.

لقد ولد الإرباك الحريري- السعودي في العقد الأخير تحت وطأة عدة عوامل كان أهمها عاملي إثنين:

- توسيع الرئيس الحريري هامشه السياسي المحلي من خلال التورط في التسوية الرئاسية مع التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله في خريف عام ٢٠١٦. وقد حصل ذلك في لحظة سعودية كان الحكم في المملكة ينتقل من الملك الراحل عبد الله الذي لم يعبأ بالتفاصيل الدقيقة لمجريات الساحة اللبنانية، إلى محمد بن سلمان الذي شكل فريق عمل شاب يتابع أدق التفاصيل. وهنا ظهر خيار الوزير السبهان الذي وصل به الأمر إلى التورط في بعض الإطلالات الإعلامية اللبنانية، وقد تلاقى دأب هذا الرجل مع مساعي متطرفي معسكر الرابع عشر من آذار التحريضية المضادة للتسوية الرئاسية.

- لجوء الرئيس سعد الحريري إلى الوقوف تحت مظلة فرنسية علها تقيه من المتابعة السعودية للعهد الجديد بما يتعلق مجريات الساحة اللبنانية. ومن سوء حظ الرئيس سعد الحريري آنذاك أن احتداما للحرب اليمنية- السعودية قد حصل وتضمن استهدافا صاروخيا لمدينة الرياض وبعض القصور فيها بالإضافة إلى استهداف شركة آرامكو النفطية. ما أثار ذلك غضب السعوديين الذين وقوف حزب الله الإعلامي إلى جانب الحوثيين طعنة في الظهر من قبل الحريري المشارك في حكومة عمادها حزب الله والتيار الوطني الحر. وهذا ما ولد عملية قمعية كان رائدها الوزير السبهان واستهدفت الرئيس الحريري الذي أرغم على تقديم استقالته المتلفزة من الرياض.

هل تغيرت هذه المعطيات السلبية التي عكرت صفو العلاقة الحريرية السعودية. يجيب البعض بالإيجاب، حيث الظروف الإقليمية أكثر إيجابا خصوصا في ما يتصل بالعلاقات السعودية- الإيرانية. كما أن القادة السعوديين وغيرهم في القاهرة والدوحة وأبو ظبي و.... ثبت لديهم بالوجه الشرعي أن الفراغ السياسي والطائفي الذي ولده غياب الرئيس سعد قد ازداد حدة وساهم في انعدام التوازن اللبناني- اللبناني المطلوب دائما وفي كل حين. ويرجح أن تكون حرب غزة ووصول نيرانها الملتهبة إلى جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، قد دفعت العديد من الأطراف الإقليمية والدولية إلى البحث عن وسائل لإعادة التوازن السياسي إلى المشهد اللبناني. وهذا ما دفع بالنائب السابق لرئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي إلى الجزم بأن الرئيس الحريري عائد إلى الحلبة السياسية اللبنانية في القريب العاجل أو غير العاجل. استنادا إلى أن بعض اللمسات الأخيرة لهذه العودة قد تستغرق وقتا أطول من المعتاد.

وبالعودة إلى إيلي الفرزلي الذي يمكن اعتباره واحد من دهاقنة السياسة اللبنانية، فإن ما كان يعيق عودة الرئيس الحريري هو فقدان الشريك المحلي له ولتيار المستقبل. فهل بات من الممكن يا شيخ إيلي أن يوجد شريكا عاقلا للرئيس الحريري ليسهل عودته المرتقبة؟ وهل يمكن للرئيس نبيه بري أن يكون هذا الشريك المفترض المزود بلبن العصفور؟

وهل يمكن لهذه الشراكة المفترضة أن تزيد من شكوك البطريرك بشارة الراعي من الدويكا المشكو من تسللها إلى بنيان السلطة اللبنانية الكريمة؟

أيمن حجازي