العدد 1499 /9-2-2022

ببطء وهدوء بدأت عجلة الإنتخابات النيابية بالدوران ، على الرغم من توجس قسم من اللبنانيين من إمكانية إجراء تلك الإنتخابات المفترض حصولها في الخامس عشر من شهر أيار المقبل . وقد يصح القول أن المعضلة الميثاقية التي ترتبت على قرار الرئيس سعد الحريري بالإنكفاء عن الحياة السياسية باتت قيد المعالجة من داخل الطائفة السنية التي كان الرئيس الحريري وتيار المستقبل يمثلان القوة الأولى والكبرى فيها . وهي معالجة تتأتى من خلال موقف دار الفتوى والعديد من القوى والشخصيات السياسية السنية التي رفضت التغيب عن الإستحقاق الإنتخابي النيابي القادم . ويبدو أن عددا من الشخصيات المستقبلية ستلجأ الى عدم مقاطعة الإنتخابات النيابية على الرغم من التضامن مع موقف سعد الحريري المنكفىء عن الساحتين السياسية والإنتخابية في آن واحد .

ويتقدم حزب القوات اللبنانية على غيره من القوى السياسية في التوغل في عمليات الترشيح في كثير من الدوائر الإنتخابية ذات المقاعد المسيحية ، مع جرعة فائضة من الحماسة والتفاؤل بتكبير مساحة الكتلة النيابية لحزب "القوات" . في وقت يبدو فيه حزب الله معنيا بتحصين مواقع حلفائه في ظل ثقة عارمة بقوة الحزب الإنتخابية في الساحة الشيعية بالتكافل والتضامن مع حركة أمل . حتى قال البعض ان معركة الحزب الحالية هي معركة الحلفاء الإنتخابية ليس إلا . ولا يخفى على أحد أن حلفاء الحزب المسيحيين وفي مقدمهم التيار الوطني الحر ، هم الذين يعانون صعوبة نسبية في شارعهم الإنتخابي منذ ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ ... ما أفسح في المجال أمام حزب القوات اللبنانية أن يمني النفس بالتقدم في الساحة المسيحة على التيار الوطني الحر الذي يمثل خصما تقليديا تاريخيا .

أما رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي يمثل القوة السياسية والشعبية الدرزية الأولى فإنه يجهد من أجل الحفاظ على المقاعد النيابية الدرزية السبعة بعد ان يترك المقعد الثامن للعائلة الإرسلانية وللأمير طلال ارسلان . وهو في صدد البقاء على تحالفاته السابقة مع حزب القوات اللبنانية والقواعد الشعبية والإنتخابية لتيار المستقبل ذي الزعيم المنكفىء الى منفاه الإختياري في أبو ظبي . وقد شهد الأسبوع الماضي خطوة لافتة عندما طلب سيد قصر المختارة من أحد نوابه حذف تغريدة لا تخلو من الغزل السياسي ، اطلقت باتجاه بهاء الحريري حيث لم يرغب وليد جنبلاط بالإقدام على ما من شأنه ان يوحي بالتخلي عن العلاقة مع سعد الحريري .

هذا في الوقت الذي دشن فيه بهاء الحريري حركته السياسية من خلال إيفاد مستشاره صافي كالو الى البطريريك الماروني بشارة الراعي ، وهو قد يبادر الى شكل من أشكال الإحياء لذكرى اغتيال والده في الرابع عشر من شباط الجاري الى جانب الاحتفال الذي يفترض ان يقيمه سعد الحريري في هذه المناسبة ، ما يفتح الباب واسعا أمام خشية من احتدام شارعي محتمل بين الجانبين .

ويبقى التيار الوطني الحر على سعيه الدؤوب من أجل الحفاظ على رصيده الشعبي والإنتخابي المهدد . ويدرك جبران باسيل أنه يدخل امتحان لا يخلو من الصعوبة ولكنه ليس خالي الوفاض . فمازال الرجل يحتفظ بالعديد من أوراق القوة وهو يسعى الى التخلص من نقاط الضعف من خلال التالي :

- الإحتفاظ بمسافة فاصلة مع حزب الله ومواقفه خصوصا داخل الساحة المسيحية .

- الإستمرار في شن حملات سياسية على رياض سلامة بغية تحميله أكبر قدر ممكن من المسؤولية عن انهيار الوضع الإقتصادي والمالي والإجتماعي في لبنان .

- إعادة التركيز على قضية استعادة حقوق المسيحيين الدستورية التي تمت خسارتها من خلال إتفاق الطائف . والتمسك بسلوك فولاذي للرئاسة الأولى حيال العديد من القضايا المطروحة في إطار التأكيد على قوة الرئاسة الأولى في العهد الذي وصل فيه التيار الوطني الحر الى قصر بعبدا . والإنطلاق من خلال ذلك للبوح للشعب المسيحي اللبناني بضرورة استمرار هذا التيار متربعا في سدة الرئاسة الأولى .

أيمن حجازي