العدد 1542 /21-12-2022
أيمن حجازي

في يوم واحد استقبل البطريرك الماوني بشارة الراعي في بكركي السفير السعودي في لبنان وليد البخاري والمستشار الثقافي في السفارة الإيرانية في بيروت كميل باقر في محاولة للإعراب عن أن المرجعية الدينية المارونية تقيم علاقات متوازنة بين القوى الإقليمية في المنطقة ولا تحبذ الإنحياز الى أي محور محدد في المحاور المتصارعة . وكان البطريرك الماروني قد ميز موقفه حيال معضلة دستورية إنعقاد مجلس الوزراء عن القوى السياسية المسيحية وبدا متفهما لموقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيال إنعقاد مجلس الوزراء وقانونية هذا الأمر . وأضاف البطريرك الراعي الى هذا الموقف الهاديء ، موقفا هادئا آخر عندما نأى بنفسه عن تناول حادثة العاقبية التي استغلت من قبل قوى سياسية مسيحية شتى وشخصيات متعاطفة معها في الساحة الطائفية الإسلامية في لبنان .

جاءت هذه المواقف الهادئة بعد إصرار من قبل البطريرك على الدعوة الى مؤتمر دولي يبحث في الوضع اللبناني . وحيث انعدمت ردود الفعل القوية حيال هذه الدعوة ماخلا موقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي كان واضحا في رفض تدويل الأزمة اللبنانية من خلال ذلك المؤتمر المشار اليه . وقد ساهم دخول البلد في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية في تأكيد حالة الإنتظار اللبنانية للجهود القادمة من الخارج في ما يتصل بمعاجة الشغور الرئاسي . بعد أن أصيب ذلك الإستحقاق بالعقم المتفشي ، من جراء وصول العلاقات بين القوى المحلية اللبنانية الى طريق مسدود . وبات الجميع يتنسم أخبار العاصمة القطرية واستقبالاتها اللبنانية وغير اللبنانية واتصالاتها الإقليمية والدولية ، في حين تضافرت المعطيات التي تفيد بأن الأميريكيين قد أوكلوا أمر الإنتخابات الرئاسية في الوطن الحبيب الى الأم الفرنسية الحنون . ما دفع بالرئيس الفرنسي ماكرون الى التواصل مع العاصمة السعودية من أجل إيجاد مخرج متوافق عليه للأزمة اللبنانية يترجم بالوصول الى إسم لبناني قادر على اعتلاء سدة الرئاسة اللبنانية الأولى . هذه السدة التي تطفو على بحيرة من الأزمات المتنوعة وفي مقدمها الأزمة الإقتصادية التي تلهب الشعب اللبناني وتظلمه وتضعه على صفيح جهنمي موجع يسحق فقراءه الذين اتسعت قاعدتهم وباتوا أكثرية ساحقة تشمل كل أبناء الوطن على اختلاف أطيافهم المذهبية والمناطقية المختلفة .

لقد كانت المتابعة اللبنانية للعاصمة القطرية وضيوفها مزدوجة خلال الأسابيع الماضية ، فمن جهة كانت الناس والجماهير والساسة أيضا تتابع المونديال الرياضي الناجح بشغف كبير ، وكان كل هؤلاء يتابعون بخيبة وقنوط المونديال السياسي المتعلق بالإنتخابات الرئاسية المحبطة . وفي حقيقة الأمر أن فقراء الوطن لم تعد تهمهم مصائر المسارات السياسية وبات جل همهم أسعار السلع الغذائية والحياتية الشاهقة التي ترهق أيامهم ولياليهم .

وفي الخلاصة السياسية للأسابيع اللبنانية الأخيرة ... لم يوفق جبران باسيل في ضرب القوة الدستورية والقانونية للحكومة المستقيلة في تولي صلاحيات الشغور الرئاسي ، فعكف ساعيا للطعن بشرعية إجتماعات مجلس الوزراء البديهية ... وللمفارقة تجاوب معه حزب القوات اللبنانية وتريثت بكركي فكانت في ذلك التريث علر قدر جيد من الحكمة .

أيمن حجازي