العدد 1525 /24-8-2022
أيمن حجازي

عودة القنوات المفتوحة بين قصر بعبدا والسراي الكبير بعثت بعض الأمل في المشهد اللبناني المكتئب الموعود بالفراغ الرئاسي القادم في نهاية تشرين الأول ٢٠٢٢ . وهي عودة استأنف فيها الرئيس نجيب ميقاتي رحلاته المثقلة بالهموم السياسية المتشعبة ، الذهاب والإياب الى قصر بعبدا . والموضوع بطبيعة الحال هو التنقيب عن مخرج مهذب لتشكيل الحكومة العتيدة الموضوعة في الثلاجة منذ نهاية شهر حزيران الماضي . ولكن الغبار الذي انقشع بعد عدة رحلات ميقاتية نحو بعبدا ، أظهر جبران باسيل حاضرا في كل التفاصيل ومستعدا على الدوام بكل قدرته المميزة على احباط كل مساعي التسوية المتوخاة في نهاية العهد الحالي .

الترتيبات الموضوعة لمرحلة ما بعد إنتهاء الولاية في حسابات التيار الوطني الحر وجبران باسيل متعددة الجوانب ، منها ما هو متصل بسحب التكليف من الرئيس ميقاتي في حال استمر العقم في الولادة الحكومية . ومنها ما هو على صلة بنفي الإمكانية الدستورية لتسلم حكومة تصريف الأعمال لمقاليد الصلاحيات الرئاسية في حال حصول الفراغ الرئاسي . وذلك بعدما صرف النظر عن البحث في إمكانية استمرار الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد إنتهاء مدة ولايته الدستورية . والكلام المتداول كله سياسي بحت وبعيد عن الدستور والقانون والأوحكام الدستورية . وكأن فقهاء الدستور والقانون قد بلعوا ألسنتهم وفقدوا القدرة على الكلام . علما أن الأسئلة واضحة وبسيطة ...

- هل صحيح ان حكومة تصريف الأعمال غير قادرة دستوريا على تولي مقاليد السلطة في حال عدم إنتخاب رئيس للجمهورية ؟

- هل يحق لرئيس الجمهورية أن يسحب التكليف من رئيس الحكومة ووفق أي آليات دستورية ممكنة؟

- أين أصبح مبدأ استمرار السلطة الذي يتقدم على غيرة في غمرة النقاشات الحاصلة ؟

أين بهيج طبارة وحسن الرفاعي وخالد قباني والآخرين من رجال الدستور والقانون كي يقولوا كلمتهم في حملة اجتياح دستوري واضحة المعالم تطال الموقع الرئاسي الثالث في بنيان السلطة السياسية اللبنانية ؟

الموضوع له بعد طائفي مقيت وهو يمثل تهديدا جديا للوحدة الوطنية اللبنانية التي يبدو أنها مستهانة أمام المصالح السياسية والطائفية الموازية . وما يجري اليوم يمثل تلاعب خطير بالعلاقات والتوازنات الطائفية القائمة . وهي تعبر عن رغبة دفينة بالعودة الى نظام الإمتيازات الطائفية الذي تم تهذيبه وكسر حدته جزئيا عبر دستور الطائف . وهو نظام أقرب الى العنصرية التي تحتكر التميز والتعجرف لمصلحة طائفة محددة دون باقي الطوائف اللبنانية .

خلاصة القول : انطقوا يا أهل الدستور والقانون وقولوا كلمتكم وحسب . ولا تتركوا الأمر لأهل الهرطقة وللجهلة وللخائفين والمذعورين والكسبة . ولعل هذا الأمر يساهم في تسهيل إجراء الإنتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية المحددة بعد إحباط محاولات العبث بالدستور والقانون .

أيمن حجازي