العدد 1518 /29-6-2022

بعض القوى التي كانت منضوية في معسكر الرابع عشر من أذار وعدت نفسها وجماهيرها بأن تكون إنتخابات الخامس عشر من أيار الماضي محطة واعدة وفاصلة في الصراع مع الفريق الآخر . و بعد ان خاب أمل هذه القوى بالإنتخابات النيابية باتت تقول أن الإنتخابات الرئاسية القادمة تمثل المحطة الفاصلة في الصراع السياسي القائم . ويفصلنا عن تلك الإنتخابات بضعة أشهر يرجح معظم المراقبين أن تنتهي بفراغ رئاسي شبه حتمي طالما أن اللجوء الى سلاح نصاب الثلثين خيار يمكن أن يلجأ اليه كلا الفريقين المتواجهين على الساحة اللبنانية . وقد اختار الجميع أن يقطعوا الوقت عبر الولوغ بالموضوع الحكومي الشائك .

لقد شعر الكثير من اللبنانيين أن الخطوات المتعلقة بالإستشارات النيابية الملزمة والتكليف والتشكيل خطوات بروتوكولية خالية من المضمون السياسي الجدي . فالقناعة شبه تامة بأن الإتفاق بين فرقاء الساحة على حكومة جديدة مستحيل . وأن الإتفاق على حكومة أقلية دونه كم هائل من الضغائن السياسية العملية بين حركة أمل والتيار الوطني الحر وبين الرئيس ميقاتي والنائب جبران باسيل . وأن دقة المرحلة الحالية ، وعمق الأزمة الحياتية الذي يعاني منها الكائن البشري اللبناني لم تغير في أولويات هذه القوى المتصارع عليها . وأن الإستنفارات السياسية المحتدمة ، قائمة بين المعسكرين الكبيرين وداخل كل معسكر من المعسكرين ... أعني بهما معسكر ما كان يسمى بقوى الرابع عشر من أذار ومعسكر قوى الثامن من أذار.

ولكن المستجد الموضوعي في هذا الصدد ما سجله النائب السابق عاصم عراجي كان في إمتناع القوتين المسيحيتين الكبريين ( التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية ) عن المشاركة الفعلية في إنتخاب رئيس للمجلس النيابي وفي تسمية رئيس للحكومة العتيدة . ما يشكل خللا ميثاقيا كبيرا له تداعياته الكبرى على الوحدة الوطنية المنشود الحفاظ عليها . وهذا ما قد يؤدي الى تعقيد المهمة التي ستوكل الى الحكومة التي من المفترض أن تملأ أي فراغ رئاسي مفترض في الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل . وقد بدأت تظهر على الساحة بعض المواقف التي تشكك في دستورية تولى حكومة تصريف الأعمال لمهام الرئاسة الأولى في فترة الفراغ الرئاسي المحتمل . وكأن القائل بهذا القول يمهد لخطوات لاحقة قد تصل في إحداها الى الحديث عن إبقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد ٣١ / ١٠ /٢٠٢١ ... ذلك ان التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل لن يكون مستعدا لرؤية الصلاحيات الرئاسية وهي تؤول الى الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته مع كل ما يرافق ذلك من حساسيات طائفية ومذهبية شائكة . وقد فسر البعض أن جنوح حزب القوات اللبنانية الى خيار عدم التسمية خلال المشاورات النيابية الملزمة ( ما ادى الى تقدم خيار الرئيس ميقاتي وتراجع حظوظ السفير نواف سلام ) كانت خطوة تهدف الى إبقاء الساحة خاضعة لصراع محتدم بين الميقاتي وباسيل في مرحلة الفراغ الرئاسي المفترض . وهذا ما لن يؤمنه السفير نواف سلام الذي لم يسبق له أن تسلم مقاليد سدة الرئاسة الثالثة من قبل .

حبذا لو تخيب كل توقعاتنا ، وتسقط كل مخاوفنا ويعود زمن المعجزات ونتمكن من كبح جماح الأزمة اللبنانية المتفاقمة رحمة بالجنس البشري الذي قدر له ان يحيا في هذا الجزء من العالم . حتى لا تتكرر مأساة سفر برلك التي حصلت خلال الحرب العالمية الأولى في القرن الماضي وحتى لا تنقلب التايتانيك رأسا على عقب بعد أن أصطدمت بجبل الجليد وتمرد صانعوها على رب العباد وكانوا من الظالمين .

أيمن حجازي