العدد 1453 /17-3-2021

بدلا من أن يصرخ واحدا من الفرقاء السياسيين اللبنانيين في لعبة عض اﻷصابع ، اختنق صوت المواطن اللبناني الذي لم يعد قادرا على التأوه او التألم المعلن . وباتت جريمة رفع سعر الدولار غير قابلة ﻻستيلاد ردود فعل شعبية بعدما أحبط الشعب اللبناني وفقد القدرة على القيام بأية ردة فعل ناجعة او غير ناجعة ، سليمة ام غير سليمة . وقد حصل كل ذلك تحت وطأة تقمص كل طرف من أطراف الساحة اللبنانية دور المعارضة ، وفي ظل إلصاق تهمة اﻹستئثار بالسلطة للخصوم السياسيين الذين بات جلهم من الفاسدين والناهبين وفق معايير الأطراف المناوئة . مع اﻹبقاء الدائم على إستثناء دائم لهذا الزعيم حلفائه من المطهرين والمنزهين عن أي شائبة من الشوائب .

لقد تعرضت العملة الوطنية اللبنانية الى إنهيارات جديدة ومتجددة ، ولم يرف جفن لعلية القوم الذين يفترض بهم اللجوء الى خطوات سياسية تضع حدا لتلك اﻹنهيارات المتتالية . وهي خطوات لا تتضمن بأي حال من اﻷحوال حلولا جذرية للمعضلة القائمة ، حيث تراجعت الطموحات الى مجرد خطوات ترقيعية تضع حدا لتلك اﻹنهيارات الكارثية الحاصلة التي جعلت أكثرية اللبنانيين من الفقراء والمحتاجين والجائعين . والتواضع في الطموحات جعلت اللبنانيين في مرمى التمني بتشكيل حكومة ... أية حكومة لعل دولار أمريكا يخجل ويرعوي ويتوقف عن سلب الليرة اللبنانية ما تبقى لها من قوة مندثرة .

لقد بات الحلم اللبناني الحالي يتمحور حول معالجة الثلث المعطل ووزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الظلم و ... و ... كل ما تبقى من مطالب سياسية رديئة . وبات سياسي مخضرم كوليد جنبلاط يأنف من تسليم أحد محازبيه وزارة الخارجية التي هزلت قضيتها وباتت بلا قيمة بعد أن كانت في غابر الزمان طموحا يجعل الساسة يتقاتلون عليها . أما فاقدي الوعي من الساسة اللبنانيين فما زالوا يعيشون الوهم في طموحاتهم حول دولة ووطن تحول الى حطام . هذا إذا أحسنا الظن . أما إذا أسأنا الظن وهذا هو اﻷرجح ، فإننا أمام ثلة من هؤلاء الساسة الغارقين الى آذانهم في إنجاز مهمة تمزيق الوطن وتحويله الى مناطق نفوذ متنافرة إن لم تكن متناحرة .

إن قضية حكومتنا المطلوب تشكيلها وصلت الى عواصم الدولة الكبرى بتفصيلاتها المملة وبهموم قادتها المزدحمة ولعلهم باتوا يسخرون منا ومن غبائنا المستحفل الذي يكاد أن يودي بنا الى هاوية سحيقة لا أحد يمكنه أن ينتشلنا منها .

سخيفة هي خلافات القادة في بعدها المحلي ، وخبيثة هي خلافاتنا في بعديها اﻹقليمي والدولي حيث الولايات المتحدة اﻷميركية ترمي الى إنهاك وطننا كرمى لعيون دولة بني إسرائيل التي ينبغي أن ترتاح من جبهتها الشمالية كي تتفرغ لجبهتها الجنوبية وعندها يسهل إفتراس قطاع غزة وشعب فلسطين . وهنا نتلمس أبعادا أخرى لﻷزمة الداخلية اللبنانية التي أعتدنا عليها ومنذ أكثر من نصف قرن بأن تشكل تغطية للكثير من التآمر على شعب فلسطين وجهاده المبارك .

بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف يقف العديد من أركان اﻷزمة اللبنانية المستفحلة وتبرز أسماء سياسية وأخرى لمواقع دينية تعتبر نفسها معنية بشكل مباشر بالمصير اللبناني حيث المعركة الحالية معركة مصير قد تطيح بالكيان اللبناني الذي أنشأ على عين البطريرك الياس الحويك قبل قرن من الزمن وكان للمستعمر الفرنسي مصلحة بارزة في إنشائه .

هل يعني هذا الكلام أن نكون متحمسين الى التراجع عن قيام هذا الكيان ؟ بالطبع لا . ﻷن التراجع عن الكيان اللبناني حاليا لا يعني إلا مزيدا من تفتيت المنطقة وفك عراها واﻹنتقال الى ما هو أسوأ من سايكس - بيكو. وخلاصة القول في هذه الساعة أن التصلب في المواقف السياسية المحلية حماقة وخيانة مع اﻹعتذار على قلة اﻷدب وعلى اﻹنتساب المتأخر لنوادي التخوين في عالمنا المعاصر .

أيمن حجازي