العدد 1545 /11-1-2023
د. وائل نجم

في ضوء انسداد أفق الحلول السياسية ولا سيّما لناحية انتخاب رئيس جديد للجمهورية على الرغم من انعقاد عشر جلسات للمجلس النيابي كانت مخصّصة لهذه الغاية، ومرور أكثر من شهرين على الفراغ، وفي ضوء المخاطر التي باتت تحدق بالكيان اللبناني بشكل عام، وبنظامه واستقراره العام، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي تعصف به، دارت في الصالونات السياسية، وتناولت وسائل إعلام عديدة الحديث عن مبادرات من أكثر من جهة واتجاه هدفها كسر الجليد في قضية الاستحقاق وتعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون مفتاح الشروع في وضع الحلول لبقية أزمات البلد.

فقد جرى الحديث عن وساطة قطرية ومحاولة لسبر غور الأزمة من ناحية، وطرح الحلول الممكنة من ناحية، وقيل أنّ مبعوثاً قطرياً زار لبنان بعيداً عن الإعلام والتقى عدداً من الشخصيات من أكثر من اتجاه، واستمع إلى وجهة نظرهم من مسألة الرئاسة، ولم يُعرف على وجه الدّقة إذا ما كان قد طرح أيّ تصوّر للحلول.

وفي موازاة ذلك، وبالتكامل معه قيل أيضاً إنّ وساطة عُمانية بدأت تتحرك أيضاً في اتجاه موازٍ ولكنه متكامل مع الوساطة القطرية، وأنّ سلطنة عُمان استمعت إلى أكثر من جهة لبنانية، وهي تعمل على تعبيد الطريق أيضاً باتجاه تسهيل عملية انتخاب الرئيس.

والحديث يجري أنّ هاتين الوساطتين تجريان بالتنسيق غير المعلن مع المملكة العربية السعودية، أو على أقلّ تقدير من دون اعتراض منها، وكذلك بالتنسيق مع اهتمام فرنسي يريد أن يرسي نوعاً من الحلول في لبنان في أقرب وقت.

وانطلاقاً من هذه الوساطات أو المبادرات جرى الحديث عن لقاء يجري العمل على تنظيم انعقاده في باريس لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسعودية وقطر وهدفه التمهيد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، غير أنّ بعض العوائق ما تزال تعترض انعقاد هذا اللقاء، وأنّ أساسه ينطلق من المبادرة الكويتية التي حملها وزير الخارجية الكويتي العام الماضي من أجل إعادة تطبيع علاقة لبنان بدول الخليج العربي.

غير أنّ العامل الخارجي ليس عاملاً وحيداً في تقرير مصير الرئاسة أو مصير لبنان معها، بل هناك العوامل الداخلية المتصلة بالقوى السياسية اللبنانية ونظرتها إلى الحلول، وقد أشار إلى ذلك قبل أيام أمين عام حزب الله عندما أكّد الحلّ الأساسي يمكن في الداخل اللبناني، وهنا تتباين وجهات نظر القوى السياسية اللبنانية ويتداخل فيها العامل الطائفي مع المذهبي مع الشخصي مع الحزبي والفئوي الضيّق، وهو ما يعيق حتى الآن تسهيل عملية الحلول.

بعد مرور هذا الوقت على الشغور الرئاسي، ومن دون إلتفات لحجم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، تستمر الأطراف الداخلية في تعطيل الانتخاب، وتستمر الأطراف الخارجية في استغلال لبنان كساحة لتبادل الرسائل، ولا يكترث أيّ منهما إلى الحلول المطلوبة، وتبقى المبادرات العربية الطيّبة من بعض الدول مسعى كريم منها لإنهاء الأزمة من دون أن يعني ذلك نجاح هذه المبادرات غداً وشروع لبنان في الخروج من الأزمة.

د. وائل نجم