العدد 1601 /14-2-2024
د. وائل نجم

الأخبار التي ترد من جبهة جنوب لبنان توحي أنّ احتمالات توسّع الحرب نحو لبنان تتصاعد بشكل يومي ومثير.

فحزب الله الذي دخل الحرب والمواجهة منذ اليوم الثاني لمعركة "طوفان الأقصى" على قاعدة المشاغلة وإرباك الجيش الإسرائيلي، وصرّح عن ذلك في مناسبات كثيرة، انه بات اليوم أكثر حذراً من توسّع الحرب نحو لبنان.

فقد تصاعدت المواجهات على الجبهة الجنوبية اعتباراً من الثامن من أكتوبر الماضي وهذا ما دفع ساكني المستوطنات شمال فلسطين المحتلة إلى النزوح نحو الداخل، وهو ما شكّل ضغطاً إضافياً على الحكومة الإسرائيلية أضيف إلى ضغط المستوطنين الذين نزحوا من غلاف غزّة نحو الداخل أيضاً. كما أجبرت المواجهات على الجبهة الجنوبية إسرائيل على استنفار قسم كبير من الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، واستنزافه يومياً في هذه الجبهة، وهو ما جعل قيادة الاحتلال الإسرائيلي تتوعّد بالانتقام لذلك، وتوجيه ضربات إلى لبنان وإلى المقاومة فيه، وقد تجاوزت قيادة الاحتلال الخطوط الحمر وما يُعرف بـ "قواعد الاشتباك" أكثر من مرّة كان آخرها محاولة اغتيال قيادات في مدينة النبطية جنوب لبنان، وفي ساحل الشوف في بلدة جدرا الساحلية شمال مدينة صيدا.

اليوم، تصاعدت التهديدات الإسرائيلية للبنان ودخل على هذا الخط وساطات أوروبية وغيرها نقلت مطالبات إسرائيلية بضرورة تراجع المقاومة إلى شمال نهر الليطاني، وفي حال لم يتمّ ذلك عن طريق الدبلوماسية فإنّ الاحتلال سيعمد إلى التصعيد عسكرياً، وفي هذا الجو بدأت الجبهة الجنوبية تتحوّل من المشاغلة إلى ردع الحرب.

لقد بدأت المقاومة وفي طليعتها حزب الله تستخدم قوة الردع حتى لا يلجأ الإسرائيلي بعد وقف العدوان على غزة إلى فتح الجبهة الجنوبية وحتى لا يشنّ عدواناً آخر على لبنان. لقد لجأ حزب الله إلى استخدام أسلحة نوعية من الصواريخ الدقيقة ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام في رسالة تحذير وردع للإسرائيلي تهدف إلى منعه من التفكير بشنّ عدوان على لبنان أكثر مما تهدف إلى أي شيء آخر، وقد نشر الحزب صوراً لكيفية عمل هذه الصواريخ الدقيقة التي لا تخطىء هدفها، وكيف يستطيع أن يوجّهها إلى الهدف بكل سهولة ويُسر وهو ما يعني أنّه يستطيع أن ينسف أيّ هدف إسرائيلي، علّ ذلك يشكّل تهديداً وتحذيراً للإسرائيلي من الإقدام على شنّ عدوان على لبنان لأنّ كلفة أي عدوان على لبنان ستكون عالية جدّاً.

كما أكّد الحزب من خلال هذا الاستخدام على أنّ حديثه عن امتلاك صواريخ دقيقة ليس ترفاً بل حقيقة واقعة وواضحة، وبالتالي على الإسرائيلي أن يفكّر ألف مرّة قبل أن يُقدم على أيّة مغامرة غير محسوبة، وبهذا المعنى فإنّ المواجهات في جبهة جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة تحوّلت حالياً من المشاغلة إلى ردع الحرب ولكنّها لا تضمن وقف الجنون الإسرائيلي الذي ليس له حدود بعد فشله في تحقيق أيّ إنجاز حقيقي في غزةّ.

د. وائل نجم