العدد 1459 /28-4-2021

أن يغيب الاهتمام بالملف الحكومي بهذا القدر لدى المسؤولين المعنيين في ظل تمسّكهم بمواقفهم المنطلقة أو المستندة إلى منطق المحاصصة وتقاسم النفوذ والمغانم، وفي ظل أزمة خانقة على المستوى المعيشي الحياتي تنذر بما هو أسوأ في حال رفع ما بقي من دعم على السلع التي ما زالت إلى الآن مدعومة، وفي ظل حاجة آخذة بالاتساع لدى شرائح كثيرة في المجتمع اللبناني، فهذا يعني أن الأمل الذي كان معقوداً على المبادرة الفرنسية أو على الوساطة أو الدخول الروسي على خط المعالجة أو على صحوة ضمير لدى المسؤولين في لبنان كل ذلك لم يجدِ نفعاً، ولم يوجد حلّاً، ولم يوصل إلى نتيجة، وبالتالي فإنّ آمال الناس بالوصول إلى حلول يمكن أن تخرج البلد من النفق المظلم تتضاءل وتتراجع يوماً بعد يوم وصولاً إلى فقدان الأمل بأيّ مخرج من هذه الأزمة، وهذا ما من شأنه أن يدفع الناس إلى "الكفر" بالدولة والهيكل والنظام والطبقة السياسية وبكل شيء، والذهاب الفوضى أو الثورة أو المجهول المفتوح على كل شيء. فهل المطلوب لدى أولئك المسؤولين "المتمسحين" أو لدى القوى التي تصادر لبنان وتخطف قراره، أو لدى المحيط الإقليمي والدولي المفاعل والمؤثّر في لبنان، هل المطلوب التضحية بلبنان واللبنانيين من أجل مصالح خارجية أو منافع محلية موهومة؟! هل المطلوب إفقار الشعب اللبناني وصولاً إلى إخضاعه والسيطرة عليه وتطويعه ليعيش كبقية الشعوب العربية في حالة من التجهيل والإفقار وكم الأفواه والرضا باستبداد السلطات والأنظمة الحاكمة وعدم التفكير بأيّ شكل بالخروج والتحرّر؟! هل المطلوب مصادرة الثروات الطبيعية المكتشفة في البرّ والبحر؟! وهي بالمناسبة ثروات طائلة كما يتحدث خبراء!

أمل اللبنانيين يخيب بالطبقة السياسية يوماً بعد، لكنه لم يصل بعد إلى اللحظة التي يشطب فيها هذه الطبقة من حياته ومن اهتمامه. الشعب اللبناني بات يعرف أكثر من أي يوم مضى أن الدول، صديقة أو شقيقة أو عدوّة تعمل على مصالحها قبل أيّ شيء آخر، وبالتالي فهي مستعدة للتضحية به واستخدام بلاده في سبيل تأمين مصالحها ورفاهية شعوبها. تريد أن تخوض صراعها على أرضة وبـ "ناسه"، ولكن هذا الشعب لم يصل بعد إلى اللحظة التي يتخلّى فيها عن تلك الدول ويلحظ فيها مصالح بلده بشكل أوّلي وأساسي.

أمل اللبناني مفقود في ظل هذا الكمّ الكبير من التشاؤم ومن انسداد الأفق على كل المستويات، لكن لا بدّ أن يولد لديه أمل آخر يعقده على نفسه بشكل أساسي يتحرك من خلاله للخروج من هذا النفق، من هذه الشرنقة التي تمّ وضعه فيها من خلال بث حالة الخوف والهواجس من بعض، في حين أنّ تلك القلّة المتحكمة والمتفاهمة مع بعضها هي التي "تخلق" هذا الخوف وتلك الهواجس من أجل على إمساكها بتلابيب كل شيء وتمنع الشعب من الخروج من هذه الشرنقة.

لبنان ينتظر أياماً صعبة في قادم الأيام في ظل الحديث دائماً عن رفع الدعم عن السلع الأساسية، فهذا سيزيد من ضغط الأزمة على الجميع وقد يدفع إلى فوضى ومجهول، وهذا بحدّ ذاته سيزيد من حجم التشاؤم وفقدان الأمل. وفي ظلّ هذا الواقع ليس للبناني إلّا المراهنة على نفسه والانفتاح على غيره من أشقائه اللبنانيين دون حواجز ومواقف مسبقة، والشروع في صناعة أمل جديد يلهم الجميع إلى السير بخطى يكون فيها خلاص لبنان.

د. وائل نجم