العدد 1454 /24-3-2021

- المركز الفلسطيني للإعلام-

توفي العلامة والمفسر الكبير الشيخ محمد علي بن جميل الصابونيُ الحلبي المكي، صاحب "صفوة التفاسير"، الجمعة، في تركيا.

وأكد الشيخ علي الصلابي، في بيان، نعي للفقيد الكبير أن المنية وافته المنية في مدينة يلوا التركية عن عمر ناهز 91 عاماً، يوم الجمعة، بحدود الساعة العاشرة صباحاً.

وقال: "أتقدم بخالص التعازي للأمة الإسلامية وطلبة العلم في كل مكان، وأعزي الشعب السوري الحرّ الصامد، وأخص عائلته الكريمة وذويه، وأسأل الله أن يُصبرهم على فراقه، ويعوضنا وإياهم خيرا. وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

ونعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، العلامة السوري الشيخ الجليل د. محمد على الصابوني، مؤلف الكتاب الشهير "صفوة التفاسير"، الذي وافته المنية -صباح اليوم الجمعة- في تركيا عن عمر ناهز "91 عاما"، قضاها في خدمة الدعوة إلى الله تعالى.

وتقدمت وزارة الأوقاف بأحر التعازي والمواساة من أسرة الفقيد وعائلته والأمة الإسلامية جمعاء، راجيةً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويُسكنه فسيح جناته، ويُلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وحسن العزاء.

ترجمته وبداية حياته:

هو العلامة محمد بن علي الصابوني صاحب التفاسير والمحقق في معاني القرآن الكريم والمربي الكبير والقاضي الشرعي. والشيخ الصابوني هو رجل المواقف وصاحب كلمة الحق في وجه الباطل وأهله، وهو رئيس رابطة العلماء السوريين، وأحد أبرز أعلام الفكر الإسلامي القرآني، وصاحب المقولة الشهيرة: "إنني نذرت نفسي لخدمة كتاب الله عز وجل وللعلوم الشرعية من أجل الإسلام والمسلمين"، وقضى جلَّ حياته في تعليم القرآن وتلاوته وتجويده وتفسيره وتبيان معانيه وخرَّج أجيالًا من أبناء الأمة من مكة المكرمة والمساجد والجامعات التي ترك أثره فيها.

ولد الشيخ محمد علي الصابوني في سورية بمدينة حلب الشهباء بلد العلم والعلماء عام 1930م من أسرة عريقة بالعلم، فوالده من كبار علماء حلب. وتلقى الشيخ علوم العربية والفرائض وعلوم الدين على يد والده الشيخ جميل، وحفظ القرآن الكريم في الكُتّاب، وأكمل حفظه في الثانوية وهو في سن مبكرة، وكان للشيخ دراسة على كبار علماء سورية منذ نعومة أظفاره فهو قد نشأ محباً للعلم، راغباً في تلقيه على الشيوخ الأجلاء.

وكان من أبرز شيوخه فضيلة الشيخ محمد نجيب سراج (عالم الشهباء)، وفضيلة الشيخ أحمد الشماع، وفضيلة الشيخ محمد سعيد الإدلبي، وفضيلة الشيخ راغب الطباخ، وفضيلة الشيخ محمد نجيب خياطة (شيخ القراء)، وغيرهم من العلماء والشيوخ الأفاضل في ذلك العصر، وكان يحضر دروساً خاصة لبعض الشيوخ في المساجد والبيوت.

دراسته النظامية:

تلقى الشيخ محمد علي الصابوني الدراسة النظامية في المدارس الحكومية، ولما حصل على الشهادة الابتدائية انتسب إلى إعدادية وثانوية التجارة فدرس فيها سنة واحدة، ولما لم توافق ميله العلمي -لأنهم كانوا يعلِّمون فيها الطلاب أصول المعاملات الربويّة التي تجرى في البنوك- هجر الإعدادية التجارية (مع أن ترتيبه فيها كان الأول على زملائه)، وانتقل إلى الثانوية الشرعية التي كانت تسمى (الخسروية) في مدينة حلب وفيها درس الإعدادية والثانوية.

وكانت دراسته فيها مزدوجة تجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية التي كانت تدرس في وزارة المعارف، فقد كانت المواد الشرعية كلها من التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والفرائض، وسائر العلوم الشرعية إلى جانب الكيمياء والفيزياء والجبر والهندسة والتاريخ والجغرافيا واللغة الإنجليزية تدرّس أيضاً فيها، فكانت دراسته جامعة بين الدراسة الشرعية والدراسة العصرية، وقد تخرج في الثانوية الشرعية عام 1949م.

ابتعاثه إلى الأزهر الشريف:

أنهى دراسته الثانوية بتفوق ابتعثته وزارة الأوقاف السورية إلى الأزهر الشريف بالقاهرة على نفقتها للدراسة الجامعية، فحصل على شهادة كلية الشريعة منها بتفوق عام 1952م، ثم أتمّ دراسة التخصص فتخرج عام 1954م من الأزهر الشريف حاصلاً على شهادة (العالمية في تخصص القضاء الشرعي).

رجع بعد دراسته في مصر إلى بلده (سورية) فعيّن أستاذاً لمادة التربية الإسلامية في ثانويات حلب الشهباء ودور المعلمين، وبقي في التدريس ثماني سنوات منذ 1955 م إلى 1962م.

انتدب إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً مُعاراً من وزارة التربية في سورية للتدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وكلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز فرع مكة المكرمة، وكان على رأس البعثة السورية إلى المملكة آنذاك، فدرّس فيها ما يقارب ثمانية وعشرين عاماً، وتخرج على يديه أساتذة الجامعة في هذه المدّة الطويلة، ونظراً لنشاطه العلمي في البحث والتأليف فقد رأت جامعة أم القرى أن تسند إليه تحقيق بعض كتب التراث الإسلامي، فعيّن باحثاً علمياً في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.

فاشتغل في تحقيق كتاب (معاني القرآن) للإمام أبي جعفر النحاس المتوفى سنة 338هـ، وقد خرج الكتاب في ستة أجزاء، بعد ذلك انتقل الشيخ للعمل في رابطة العالم الإسلامي مستشارًا في هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وبقي فيها عدة سنوات قبل أن يتفرغ للتأليف والبحث العلمي.

للشيخ رحمه الله، مؤلفات عديدة في شتى العلوم الشرعية والعربية ألفها في مشواره العلمي الطويل لاقت قبولاً وانتشاراً واسعاً بين طلاب العلم في شتى أنحاء العالم الإسلامي وترجم العديد منها إلى لغات مختلفة، وقد ألّف بعضها أثناء تدريسه في الجامعة، وبعضها الآخر بعد انتهائه من التدريس، وإلى جانب مؤلفاته، وتفرغه للتأليف، فإن للشيخ نشاطاً علمياً واسعاً فقد كان له درس في المسجد الحرام بمكة المكرمة يقعد فيه للإفتاء في المواسم، كما كان له درس أسبوعي في التفسير في أحد مساجد مدينة جدة امتد ما يقارب الثماني سنوات فسّر خلالها لطلاب العلم أكثر من ثلثي القرآن الكريم، وهي مسجلة على أشرطة كاسيت، كما صوّر الشيخ أكثر من ستمائة حلقة لبرنامج لتفسير القرآن الكريم كاملاً ليعرض في التلفاز، وقد استغرق هذا العمل زهاء السنتين، وقد أتمه رحمه الله نهاية عام 1419هـ.

مؤلفاته:

ومن مؤلفات الشيخ الصابوني

1 ـ صفوة التفاسير.

2 ـ روائع البيان في تفسير آيات الأحكام.

3 ـ قبس من نور القرآن الكريم.

4 ـ التفسير الواضح الميسر.

رحمه الله تعالى وأسكنه واسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون.