العدد 1563 /17-5-2023
أواب ابراهيم

في وقت تقدمت مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرها القضاء الفرنسي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واجهة الأحداث الداخلية، وطغت على ما عداها، فإن كل ما يتصل بتطورات الملف الرئاسي، مرتبط بما ستخرج به القمة العربية المرتقبة في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، الجمعة المقبل، توازياً مع حركة مشاورات على جبهة المعارضة والنواب "التغييرين" للتوحد حول اسم مرشح أو اثنين للانتخابات الرئاسية، دون أن تبرز نتائج حاسمة على هذا الصعيد، لمواجهة مرشح حزب الله وحركة أمل سليمان فرنجية.

الكنيسة المارونية تستعجل المعارضة من أجل التوافق على مرشحها، في مواجهة مرشح الفريق الآخر، بانتظار أن يبادر رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى تحديد موعد لجلسة انتخاب جديدة، على أمل أن تشهد تصاعد الدخان الأبيض، بانتخاب رئيس للجمهورية. لكن المعضلة تكمن في أنه لا توجد أكثرية واضحة في مجلس النواب، بل هناك قوتان أساسيتان وقوة وسطية تنتظر إما الايحاء من الخارج أو ما ستؤول إليه نتائج الاتصالات. وللمفارقة أن الرئيس بري قال قبيل استحقاق 2008 "من نِعم الله علينا في هذه الفترة أن لا 8 آذار تملك الثلثين ولا 14 آذار، فهم بطيبة خاطرهم ورغماً عنهم مجبرون على أن يتفقوا".

عبثاً تحاول المعارضة بالاتفاق مع بعض التغييريين التوافق على اسم مرشّح في مواجهة مرشّح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية. تعقد اجتماعات متكرّرة لمحاولة التقريب بين وجهات النظر. صارت المعارضة محرجة دولياً، وقد تلقّت رسائل مباشرة وعبر قنوات دبلوماسية أنّ الاستحقاق الرئاسي مع دخول الشغور شهره الثامن يجب أن يشهد خطوات جديدة وأن تسمّي المعارضة مرشّحها الرئاسي، وصولاً إلى التلويح بعقوبات تستهدف المعطّلين من أيّ جهة كانوا.

من جهته ما يزال الثنائي حزب الله وحركة أمل يكثران من رهاناتهما مرّة على تفاهم جديد مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ومرّات على مرونة من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط تؤمّن حضور نواب تكتّل اللقاء الديمقراطي الجلسة بلا انتخاب، فيما التعويل الآخر للثنائي سيكون على النواب السُّنّة.

ليست الصورة واضحة حتى الآن للثنائي، يستكمل مروحة اتصالاته ويعيد حساباته ويصطدم بعراقيل جديدة. لغاية اليوم لم يبلغ الثنائي 65 صوتاً. المشكلة هي في تأمين النصاب لجلسة الانتخاب وليس في الأصوات التي سيُنتخب بها الرئيس.

إذا كانت الرهانات على أن يشهد شهر حزيران المقبل بوادر حلحلة رئاسية بسبب ما سيحمل من استحقاقات مهمّة، فإنّ حزب الله بات على قناعة أنّ أبرز العقبات أمام انتخاب الرئيس هي عند المسيحيين لعدم قدرتهم على الاتفاق على اسم المرشّح. ولذا من المبكر الحديث عن انتخاب وشيك لرئيس جديد للجمهورية، خاصة أنّه لم يعد بالإمكان الرهان على جهود الفرنسيين الذين تحمّسوا لفرنجية لولا أن أحرجتهم معارضة المسيحيين لترشيحه فبات من غير المؤكّد استمرار الفرنسيين على موقفهم أو التراجع عنه.

لا يزال الاستحقاق الرئاسي مصاباً بالعقم ولن يتمكن من إنجاب رئيس طالما أن لا جهة سياسية تستطيع حتى الآن أن تبقي على 86 نائباً داخل القاعة العامة لمجلس النواب، وبالتالي لن يتمكن فريق حزب الله وحركة أمل ومن تحالف معهما من إيصال مرشحهم سليمان فرنجية إلى بعبدا إن بقيت الظروف على ما هي عليه اليوم، ولن يتمكن أيضاً المعارضون لمرشح الحزب إن اتفقوا على مرشح من إيصاله إلى بعبدا لأنهم لا يملكون أمرين: الأول الدعوة لعقد جلسة انتخابية، والثاني في حال الدعوة للجلسة، ضمان الـ 86 نائباً في الدورة الثانية.

إزاء هذا الواقع يفترض التفتيش عن مرشح ثالث يُطلق عليه اسم المرشح التوافقي.

أوّاب إبراهيم