العدد 1538 /23-11-2022
بسام غنوم

ذكرى الاستقلال في لبنان كانت هذا العام حزينة وغابت عنها حتى الاحتفالات الرسمية التي كانت تجري في مثل هذه المناسبة في كل عام ، بسبب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ، وايضا بسبب عدم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وبقاء حكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي للقيام بمهام الحكومة ضمن النطاق الضيق لتصريف الاعمال.

هذا الواقع يطرح تحديات كثيرة على لبنان واللبنانيين في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان ، حيث يطالب كل اصدقاء لبنان في العالم القوى السياسية اللبنانية بالاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى لا تنهار الدولة اللبنانية بالكامل ، وهذا الخطر متوقع في ظل تصاعد الانقسام الداخلي اللبناني ، ومع ضعف الاهتمام الاقليمي والدولي بالواقع اللبناني بسبب الحرب في اوكرانيا التي باتت الشغل الشاغل للعالم، والتي تتزامن مع ازمات اقتصادية كبيرة تضرب العالم وخصوصا دول الاتحاد الاوروبي مما يجعل الخلافات اللبنانية الداخلية امرا ثانويا في هذه الفترة الحساسة التي يمر بها العالم.

هذا الواقع يفرض على القوى السياسية اللبنانية ان تتحرك بسرعة من اجل انقاذ لبنان من ازماته السياسية والاقتصادية والمعيشية حتى لا نصبح في طي النسيان في ظل الصراعات التي تعصف بالعالم.

لكن هل هناك جدية او احساس بالمخاطر التي يعيشها لبنان في هذه الايام ، وهل القوى السياسية اللبنانية في ذكرى الاستقلال الحزينة تدرك ما يجري في لبنان والعالم ؟

تظهر الخلافات والانقسامات التي تعصف بالقوى السياسية اللبنانية حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية ان هناك عدم شعور بالمسؤولية لدى النواب في المجلس النيابي تجاه المخاطر التي تحدق بلبنان واللبنانيين ، فالوضع الاقتصادي دخل مرحلة الانهيار الكامل ومع استمرار الفراغ الرئاسي والحكومي سيكون لبنان امام خطر انهيار الدولة بالكامل كما قال اكثر من فريق دولي واقليمي ، والادارة الاميركية قالت بصراحة ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية في القريب العاجل سوف يؤدي الى انهيار الدولة ، وهذه المواقف الدولية والاقليمية والتي تترافق مع دعوات من قبل المرجعيات الدينية للاسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي هذا الاطار كان هناك موقفا لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قال فيه "إن ذكرى الاستقلال تمر هذا العام والوطن ينهار ومؤسسات الدولة غائبة عن تلبية احتياجات الناس من كهرباء وماء والعديد من متطلبات العيش الكريم، ولا يستقيم الوضع في لبنان إلا بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة واستعادة العلاقات اللبنانية العربية، وبخاصة من دول مجلس التعاون الخليجي كما كانت في السابق، وغير ذلك يبقى كلاما بكلام وتضييعا للوقت ونخشى ان نصل الى يوم لا ينفع فيه الندم".

وهذا الموقف للمفتي دريان سبقه مواقف اخرى للمرجعيات الدينية في لبنان وصلت الى حد العوة الى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان حتى يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وهو ما دعا اليه البطريرك الراعي حيث قال "لا نجد حلا إلا بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يعيد تجديد ضمان الوجود اللبناني المستقل والكيان والنظام الديمقراطي وسيطرة الدولة وحدها".

هذه المواقف التي تطلقها القوى االدولية والمرجعيات الدينية في لبنان والتي تنبه على مخاطر الاستمرار في حالة المراوحة السياسية فيما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ، وتشكيل حكومة جديد كاملة الصلاحيات تفرض على القوى السياسية اللبنانية المسارعة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل الغد .

لكن واقع الحال لا يبدو كذلك فالقوى التي تسمي نفسها سيادية وتغييرية في المجلس النيابي منقسمة على نفسها ولم تستطع الاتفاق على مرشح واحد لها ، مما اصاب الكثير من اللبنانيين الذين انتخبوهم وعولوا عليهم من اجل الاصلاح والتغيير بخيبة امل كبيرة ، والفريق الآخر الذي يحمل راية المقاومة والممانعة كأنه لايدرك حجم الدمار الذي اوصله اليه اختيار الرئيس ميشال عون فهو يريد تكرار التجربة مرة أخرى عبر مرشح اخر وبنفس التوجهات والسياسات وكأن لبنان واللبنانيين بألف خير ، ولذلك يعتمد نفس سياسة المماطلة والتعطيل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية عبر الاقتراع بالورقة البيضاء وتطيير النصاب في جلسات انتخاب الرئيس لعل وعسى يصل مرشحه الى رئاسة الجمهورية ولو كان ثمن ذلك دمار وخراب لبنان الذي بدأ مع عهد الرئيس ميشال عون.

بالخلاصة لبنان واللبنانيين اسرى قوى سياسية فاجرة تقدم مصالحها الخاصة و ارتباطاتها على حساب مصلحة لبنان ، فهل هناك أمل بانقاذ لبنان ؟

بسام غنوم