قاسم قصير

شكلت الانتخابات النيابية الأخيرة والنتائج التي حصل عليها مرشحو حركة أمل رسالة مهمة لقيادة الحركة ورئيسها نبيه بري، ولم تمض أيام قليلة على انتهاء الانتخابات  حتى أعلنت  هيئة الرئاسة في الحركة انه بعد اجتماعها الدوري برئاسة الرئيس نبيه بري قررت عقد مؤتمر حركة أمل العام الدوري الرابع عشر في آخر شهر أيلول 2018، وفقاً لأحكام النظام الأساسي للحركة، وقد تم تشكيل لجنة الإعداد للمؤتمر المذكور. ومع ان هيئة الرئاسة أكدت ان تحديد موعد المؤتمر هو قرار دوري وفقاً للنظام الداخلي للحركة، فإن بعض المراقبين والمطلعين على أجواء الحركة ربطوا بين تحديد موعد انعقاد المؤتمر وأجواء المراجعة التي تجري داخل الحركة حول نتائج الانتخابات.
فما دلالات نتائج الانتخابات النيابية على صعيد مرشحي الحركة؟ وما أبرز التحديات التي تواجهها الحركة ورئيسها نبيه بري في المرحلة المقبلة؟
دلالات نتائج الانتخابات النيابية
بداية ما أبرز دلالات نتائج الانتخابات النيابية بالنسبة إلى حركة أمل ورئيسها نبيه بري في ظل استمرار التحالف الاستراتيجي مع «حزب الله»؟
إذا أردنا تقييم نتائج الانتخابات عموماً بالنسبة إلى الحركة والرئيس بري، يمكن القول ان أعضاء «كتلة التنمية والتحرير» قد زادوا مقارنة بما كانوا عليه في الانتخابات الماضية، فقد استعادت الحركة مقعد قضاء راشيا والبقاع الغربي الذي شغله النائب محمد نصر الله، وانضم الى الكتلة نائب جزين سمير عازار مدعوماً من الحركة و«حزب الله»، فيما دخل النائب الدكتور فادي علامة الى الكتلة عن قضاء بعبدا، وحافظت الحركة على تمثيلها في بيروت ممثلة بالنائب محمد خواجا، وانتقل النائب هاني قبيسي إلى محافظة النبطية بديلاً من النائب عبد اللطيف الزين، واستُبدل بالنائب عبد المجيد صالح الدكتورة عناية عز الدين، وكانت المفاجأة الأهم ان نائب جبيل مصطفى الحسيني الذي نجح على حساب مرشح «حزب الله» الشيخ حسين زعيتر قام بزيارة خاصة للرئيس نبيه بري ليعلن التزامه العام بهذا الخط وإن كان قد انضم الى التكتل النيابي الوطني الذي ضم نواباً من جبيل وكسروان وطرابلس والضنية.
لكن من يدقق في الأرقام التي حصل عليها مرشحو الحركة مقارنة بمرشحي «حزب الله»، يلحظ بوضوح ان هناك فارقاً كبيراً بالأرقام لمصلحة الحزب.
وأشارت بعض المصادر الى ان الرئيس بري أجرى تقييماً شاملاً لنتائج الانتخابات لمعرفة أسباب تراجع الدعم الشعبي للحركة، ومن ثم جاء إعلان عقد المؤتمر الدوري العام للحركة ليؤكد ان ما جرى يتطلب تغييرات جذرية في الأداء وأن الحركة بحاجة لإعادة ترتيب أوضاعها التنظيمية والشعبية كي تحافظ على موقعها وفاعليتها السياسية والعامة.
التحديات المستقبلية
لكن ما أبرز التحديات المستقبلية التي تواجهها حركة ورئيسها الأستاذ نبيه بري لحين عقد المؤتمر العام في شهر أيلول المقبل؟
خلال العقود الثلاثة الماضية نجح الرئيس نبيه بري بأن يكون أحد أبرز الفاعلين في المشهد السياسي اللبناني، وتحولت حركة أمل إلى أحد أبرز الأحزاب السياسية اللبنانية، ورغم الضغوط التي واجهتها الحركة بسبب التطورات اللبنانية والخارجية ونمو دور «حزب الله»، فإنها بقيت القوى الأبرز في الساحة الشيعية، وخصوصاً على صعيد موقعها في الدولة اللبنانية. لكن يبدو أن هذا الدور قد يواجه اليوم تحديات كبيرة بسبب قرار قيادة «حزب الله» بتفعيل دور الحزب الداخلي وعلى صعيد مؤسسات الدولة وكذلك قراره بمحاربة الفساد، في ظل وجود معطيات عديدة تشير إلى ان دور الحركة في مؤسسات الدولة لم يكن دائماً إيجابياً، وقد أعلن الرئيس بري في إحدى خطبه انه شريك في تقاسم الحصص في الدولة فإذا كانت على أساس الكفاءة فهو حاضر وإلا «على السكين يا بطيخ».
ومع ان الرئيس بري أعلن دعمه للمعركة التي سيخوضها «حزب الله» ضد الفساد، فيبقى السؤال الأساسي: كيف سيتَرجَم هذا الشعار على صعيد مؤسسات الدولة في ظل الصراعات القائمة بين حركة أمل وبقية القوى السياسية حول تقاسم الحصص والمواقع في الدولة؟
والتحدي الآخر الذي يواجهه الرئيس بري وحركة أمل في المرحلة المقبلة يتعلق بالوضع التنظيمي للحركة وكيفية إعادة تفعيل الحضور الشعبي، مع أن الحركة حرصت في السنوات الأخيرة على إبراز قوتها وحضورها في العديد من الاحتفالات السياسية والشعبية والدينية.
وأما التحدي الأبرز، فيتعلق بمستقبل الحركة في ضوء المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، فهل تستطيع الحركة التحول مجدداً إلى إطار وطني شامل كما أرادها مؤسسها الإمام موسى الصدر وأن تكون صوتاً لكل المحرومين في لبنان، أم تبقى محصورة في الإطار المذهبي؟