العدد 1550 /15-2-2023
قاسم قصير

يعيش الوضع في لبنان هذه الايام في ظل فالق زلزال سياسي واقتصادي بسبب عدم التوصل الى تسوية للازمة الرئاسية وتصاعد المخاوف من التطورات الامنية المتنقلة بين المناطق اللبنانية.

فرغم الحهود المبذولة خارجيا وداخليا من اجل التوصل الى حلول للازمة اللبنانية ولا سيما انعقاد لقاء باريس الخماسي والاتصالات الداخلية ، فانه لم يتم التوصل الى رؤية مشتركة لحل الازمة السياسية ، في حين نشهد تصعيدا في الخطاب السياسي وتهديدات بالحرب وتغيير النظام ، كما يشهد الوضع الاقتصادي والمالي المزيد من التدهور بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية ، واما على الصعيد الامني فالتوترات تتنقل من منطقة الى اخرى رغم انها لا تزال تحت السيطرة حتى الان .

فالى اين تتجه الاوضاع في لبنان في المرحلة المقبلة؟ وماذا وراء التصعيد في الخطاب السياسي من قبل بعض الاطراف اللبنانية؟ وهل سيستمر التصعيد ام نشهد تسوية ما في الاسابيع المقبلة؟

الواقع السياسي والاقتصادي والامني المتأزم

بداية كيف هو الواقع السياسي والاقتصادي والامني اليوم في ظل الفشل في التوصل الى تسوية للازمة السياسية؟

يوما بعد يوم تزداد الاوضاع سوء في لبنان في كافة المجالات ، فعلى الصعيد السياسي لم يتم التوصل الى رؤية مشتركة لحل الازمة السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ، والاخطر في المشهد السياسي تصاعد التهديدات بالعودة الى لغة الحرب والدعوة الى تغيير النظام السياسي في حال نجح فريق معين بايصال مرشحه للرئاسة كما سمعنا من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل .

وعلى الصعيد الاقتصادي نشهد المزيد من تدهور الاوضاع بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية ، مما ينعكس سلبا على ارتفاع الاسعار والاتجاه نحو الدولرة والصعوبات التي تواجهها مختلف القطاعات ولا سيما القطاع الصحي ، في ظل ارتفاع اسعار الادوية والمعدات الطبية وكلفة المحروقات ، اضافة للمشاكل بين السلطات القضائية والبنوك والتي دفعت البنوك للاضراب التحذيري والتهديد بالاتجاه الى اضراب عام ومفتوح.

وعلى الصعيد الامني تزداد التوترات المتنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية ، كما نشهد زيادة في الاعتماد على الامن الذاتي في العديد من المناطق ، ورغم ان الاوضاع الامنية لا تزال تحت السيطرة حتى الان في ظل جهود الجيش اللبناني والاجهزة الامنية ، فان استمرار التوترات السياسية وتدهور الاوضاع الاقتصادية فان كل ذلك ينعكس سلبا على الاوضاع الامنية مما يزيد من المحاوف الامنية في المرحلة المقبلة.

وعلى ضوء كل هذه المعطيات يعيش لبنان حاليا على فالق زلزال سياسي واقتصادي وامني ، في ظل ما تشهده المنطقة من زلازل وهزات طبيعية ، مما يجعل الوضع اللبناني في حالة من عدم الاستقرار.

بين خيار التسوية والانفجار الشامل؟

لكن الى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟ وهل سنتجه الى امكانية حصول تسوية ما ؟ او ان الخوف من الانفجار الشامل قائم؟

رغم ازدياد الاوضاع سوءا في كافة المجالات ، فان الجهود للوصول الى تسوية سياسية للازمة اللبنانية مستمرة ، وتجلت باللقاء الخماسي الذي انعقد في باريس الاسبوع الماضي وجمع ممثلين لكل من فرنسا والسعودية وقطر واميركا وفرنسا ، ورغم انه لم يصدر بيان علني من هذا الاجتماع ، فان هذه الدول تواصل جهودها للوصول الى حلول سياسية للازمة اللبنانية ، وقد قام سفراء هذه الدول في بيروت بجولة على المسؤولين اللبنانيين لاطلاعهم على نتائج الاجتماع ، وهناك اتصالات ثنائية بين بعض هذه الدول وقيادات سياسية وحزبية لبنانية.

وبموازة ذلك تستمر الجهود الداخلية للبحث عن حلول للازمة ومنها جهود البطريرك بشارة الراعي لعقد لقاء للنواب المسيحيين ، والاتصالات التي يتولاها الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ، اضافة لاستمرار حزب الله والتيار الوطني الحر بالبحث عن مخارج للازمة السياسية.

لكن حتى الان لم تصل هذه الجهود الى نتائج عملية في ظل استمرار الخلافات حول كيفية مقاربة الملف الرئاسي ومشروع الانقاذ ، مما يعني ان الاوضاع اللبنانية ستستمر بالتدهور وستزداد المخاوف من الاتجاه نحز المزيد من التوترات السياسية والاقتصادية والامنية ، وان كان الانفجار الشامل غير متوقع ، لكن عدم الوصول الى حلول سياسية سيزيد من حجم المخاوف ، فهل تسبق التسوية الانفجار او العكس؟

كل الاحتمالات واردة وليس امام اللبنانيين سوى خيار الانتظار والدعاء .

قاسم قصير