العدد 1461 /12-5-2021

شكّلت الزيارةالأخيرة لوزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان محطة فاصلة في الازمة اللبنانية وملف تشكيل الحكومة ، فالوزير الفرنسي لم يلتق اركان الطبقة السياسية واكتفى بلقاءات بروتوكولية مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري ، وبالمقابل حرص على عقد لقاء موسع مع عدد من قيادات المعارضة والحراك الشعبي .

وقد وجه لودريان رسالة قاسية للمسؤولين اللبنانيين من خلال تحميلهم مسؤولية عدم تشكيل الحكومة وتنفيذ المبادرة الفرنسية والاعلان عن البدء بتنفيذ عقوبات عليهم من قبل فرنسا وبعض الدول الاوروبية.

لكن الرسالة الاقسى كانت للرئيس سعد الحريري من خلال تحميله ايضا مسؤولية عدم تأليف الحكومة ورفع الغطاء الفرنسي عن دوره .

فما هي تفاصيل وابعاد ودلالات زيارة الوزير الفرنسي الى لبنان ؟ وما هي الخيارات التي سيعتمدها الحريري في المرحلة المقبلة بين التأليف او الاعتذار او الاستمرار في تحمل مسؤولية التكليف؟

ابعاد ودلالات زيارة الوزير الفرنسي

بداية ما هي ابعاد ودلالات زيارة وزير الخارجية الفرنسي الاخيرة الى لبنان؟

أعتبرت معظم الاوساط السياسية والاعلامية والدبلوماسية في بيروت وباريس ، أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة الى بيروت كانت بمثابة انذار أخير الى الطبقة السياسية اللبنانية ، وانه في حال عدم الذهاب الى تشكيل حكومة باسرع وقت ممكن ، فان فرنسا ستبدأ باتخاذ عقوبات ضد عدد من المسؤولين اللبنانيين ، وسيتم التنسيق بين فرنسا والدول الاوروبية واميركا على صعيد هذه العقوبات ، كما سيتم فتح الملفات المالية لعدد من المسؤولين.

لكن الرسالتين الاكثر وضوحا في زيارة الوزير الفرنسي كانتا موجهتين الى الرئيس سعد الحريري وقوى المعارضة اللبنانية.

فعلى صعيد الرئيس الحريري كان اللقاء معه في قصر الصنوبر باردا وحاسما بحيث تم تحميله مسؤولية عدم تشكيل الحكومة الى جانب غيره من المسؤولين اللبنانيين والتعاطي معه بشكل بروتوكولي محدد بصفته ركنا من الطبقة السياسية وليس كرئيس حكومة ، مما يعني سحب الغطاء الفرنسي عنه .

واما على صعيد اللقاء مع بعض قوى المعارضة وممثلي الحراك الشعبي فقد كان الهدف التأكيد ان فرنسا تراهن على دور هذه القوى مستقبلا ، وهي تنتظر نتائج الانتخابات النيابية المقبلة ولم تعد ثتق بالقوى السيااسية الحالية .

وكل هذه المؤشرات تؤكد ان لبنان دخل مرحلة جديدة وخطيرة في المرحلة المقبلة في حال لم يتم تشكيل حكومة جديدة بسرعة.

خيارات الرئيس الحريري

لكن ماهي الخيارات امام الرئيس سعد الحريري؟ وأي هذه الخيارات افضل من اجل دوره ومستقبله السياسي والشعبي؟

امام الرئيس الحريري ثلاثة خيارات واضحة وحاسمة :

الاول : الاستمرار بحمل مسؤولية التكليف بدون التوصل الى حل بشأن تشكيل الحكومة وعدم الاعتذار ، وهذا يعني استمرار تأزم الاوضاع في ظل الخوف من تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية والامنية، وبذلك يتحمل المسؤولية مع بقية الطبقة السياسية، وسيكون لذلك نتائج خطيرة.

الثاني : الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة ، واختيار شخصية اخرى للتأليف ، وهذا يعني توجه الحريري للمعارضة مع كتل وقوى سياسية وحزبية اخرى ، والرهان على فشل الحكومة الجديدة، وقد يستفيد الحريري من هذا الخيار لتعزيز شعبيته واعادة ترتيب اوضاعه السياسية والحزبية وعلاقاته الخارجية، لكن هذا الخيار غير مضمون النتائج وقد ينعكس سلبا على دور وموقع الحريري مستقبلا ، خصوصا في ظل المتغيرات والتطورات في المنطقة والتي تشير الى تراجع دور وموقع الحريري ، وقد يكون الرهان على فشل الحكومة الجديدة غير صحيح.

الثالث : العودة للمفاوضات والتواصل مع الرئيس العماد ميشال عون والبحث عن صيغ جديدة لتشكيل الحكومة وتقديم بعض التنازلات في هذا الاطار ، وقد يكون هذا الخيار صعبا وغير مستساغ شعبيا ولدى بعض الافرقاء في الداخل والخارج ، وهو مغامرة جديدة سيقوم بها الرئيس سعد الحريري ، لانه ليس المهم تشكيل الحكومة ، بل الاهم نجاح الحكومة المقبلة وتحقيق انجازات عملية، وهذا الخيار ليس سهلا لكنه قد يكون الاكثر واقعية ، لانه في حال نجاح الحكومة فقد يؤدي ذلك الى دعم دور وموقع الحريري مستقبلا .

هذه الخيارات الصعبة التي يقف امامها الرئيس سعد الحريري ، وأي خيار سيتخذه سيكون له تداعيات مستقبلية سواء على صعيد الوضع اللبناني او على صعيد دور وموقع الحريري السياسي والشعبي.

فأي خيار سيعتمده الحريري؟ وما هي الاسس ونقاط القوة والضعف التي سيرتكز عليها الحريري في خياره المستقبلي؟.

قاسم قصير