العدد 1460 /5-5-2021

عادت الوفود والتحركات الدولية تتجه مجددا نحو لبنان بهدف البحث عن كيفية تشكيل الحكومة او رعاية مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني او فرض العقوبات والضغوط على القوى السياسية والحزبية وشخصيات متعددة.

فقد حفلت الأيام الأخيرة بتحركات متعددة روسية وأميركية وفرنسية واوروبية حول الوضع اللبناني وكلها تركز على كيفية الخروج من المأزق السياسي والوصول الى حلول للأزمة الحكومية ، في حين عاد ملف المفاوضات مع العدو الصهيوني الى واجهة الأحداث ، كما برز إهتمام اميركي بدعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي.

فما هي أبرز التحركات الدولية حول الوضع اللبناني؟ وهل تنجح هذه التحركات بالوصول الى حلول للأزمة السياسية والحكومية او سيكون هدفها العمل من اجل منع الانهيار في شهر ايار في حال رفع الدعم وتدهورت الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والامنية.

ابرز التحركات الدولية

بداية ما هي ابرز التحركات الدولية حول الوضع اللبناني والتي شهدنها مؤخرا ؟

خلال الأيام الأخيرة عادت الحرارة الى التحركات الدولية حول لبنان في عدة إتجاهات :

أولا : في ملف الترسيم البحري، وصل الى بيروت الوفد الأميركي الذي يتوسط في المفاوضات، حيث عقد لقاءات مع المسؤولين لبنانيين لإكمال الصورة حيال الخط الذي ستعتمده بيروت (لحدودها البحرية) قبل ان يتولى رعاية المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والكيان الصهيوني ، في ظل بروز متغيرات في الموقف الرسمي اللبناني مع تريُّث رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم توسيع الحدود البحرية جنوباً (اي اعتماد الخط 29)، الأمر الذي وضعه خصوم العهد في إطار توجيه «رسائل حسن نية» لواشنطن وبدء نسج «حبْكة» نزع العقوبات الأميركية عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى جانب تكريس عون «المرجعية الأولى» في ملف الترسيم.

ثانيا : زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت والتي تأتي في في ظل الحديث الفرنسي والاوروبي عن فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين وعدد كبير من الشخصيات اللبنانية ، وقد أشارت بعض المصادر ان الوزير الفرنسي سيركز خلال الزيارة على ملف تشكيل الحكومة وبحث الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في حال تم اتخاذ القرار برفع الدعم عن المواد الاساسية والخوف من حصول تطورات خطيرة في لبنان خلال شهر أيار ، وتزامنت زيارة الوزير الفرنسي مع تحرك من قبل الإتحاد الاروبي لبحث الوضع اللبناني ووضع خارطة طريق لمعالجة الاوضاع اللبنانية.

ثالثا : التحرك الروسي المستمر سواء عبر استقبال روسيا لعدد من الشخصيات اللبنانية واخرهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، او المعلومات عن قيام نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بزيارة لبنان والسعي لمعالجة الازمة اللبنانية ، وتشير مصادر دبلوماسية مطلعة ان الروس مهتمون بالوضع اللبناني خوفا من الانهيار ويدرسون كل الخيارات والاحتمالات المتوقعة.

اهداف الحراك الدولي

لكن ما هي الاهداف المباشرة لكل هذه التحركات الدولية؟ وهل ستنجح في حلحلة الازمة الحكومية والسياسية؟ ام ان الخوف من الانهيار هو الاولوية اليوم؟

تشير مصادر دبلوماسية مطلعة : أن الاولوية لدى كل الجهات الدولية اليوم هو الضغط من أجل تشكيل حكومة جديدة ، وان التلويح بالعقوبات الفرنسية والاوروبية يهدف لتوجيه رسائل واضحة لكل المسؤولين اللبنانيين أن الاستمرار بالعرقلة في تشكيل الحكومة سيكون له تداعيات سلبية على هذه الشخصيات ، بغض النظر اذا كانت هذه الضغوط ستؤدي الى نتائج ايجابية وتفتح الباب امام الحلول السياسية.

اما الصعيد الأميركي فان الاولوية تتمثل اولا في اعادة تفعيل المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية مجددا بعد بروز معطيات جديدة في الموقف اللبناني، وفي الوقت نفسه يتم التركيز على تقديم الدعم للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وذلك كي تستطيع مواجهة التطورات الامنية المستقبلية ومنع حزب الله من الاستفادة من اي فراغ قد يحصل في حال تدهورت الاوضاع اللبنانية.

وعلى الصعيد الروسي توضح المصادر : ان روسيا تدعم تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري وتريد التوصل الى حل سريع للازمة اللبنانية واجراء مصالحة او لقاء بين الحريري وباسيل ، لكن لا يبدو ان التحرك الروسي قد يحقق نتائج ايجابية في ظل استمرار الخلافات الداخلية، ولذلك يركز الروس على حماية الاستقرار الداخلي ومنع الانهيار ، لان انهيار الوضع اللبناني سيكون له تداعيات خطيرة على الوضع في سوريا والدور الروسي هناك.

وفي خلاصة كل هذه المعطيات فان الحراك الدولي يركز على الاهتمام للوصول الى حلول للازمة السياسية والحكومية ويعتبره المدخل لمعالجة الازمة اللبنانية ، لكن في حال الفشل في الوصول الى هذه الحلول فان الاولوية ستكون في المرحلة المقبلة حماية الاستقرار ومنع حصول الانهيار الشامل ولا سيما في حال رفع الدعم عن المواد الاساسية.

فهل ستنجح هذه الجهود في تحقيق انفراج في الازمة ام سيكون الهدف حماية الاستقرار ومنع الانهيار فقط؟

قاسم قصير