العدد 1522 /3-8-2022


بقلم: آدم يوسف

تتوقع أحزاب سياسية تونسية أن يصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد ترسانة النظم الانتخابية القادمة بمراسيم رئاسية بشكل فردي وأحادي، مرجحين إقصاء الأحزاب والتضييق على المنافسة.

ودعا سعيّد إلى سن القوانين الخاصة بانتخاب مجلس نواب الشعب الجديد والمجلس الأعلى للجهات والأقاليم كما نص عليهما الدستور الجديد، الذي لم يدخل بعد حيز النفاذ في انتظار النتائج النهائية، التي سيُعلن عنها بعد النظر في الطعون في نتائج الاستفتاء، نهاية شهر آب القادم.

وفي لقائه رئيسة الحكومة أخيراً، دعا سعيّد إلى سن مراسيم خاصة بهذه المؤسسات التشريعية، بالإضافة إلى المحكمة الدستورية، كما أكد ذلك يوم الاستفتاء على الدستور: "سيتم وضع قانون انتخابي لانتخاب أعضاء المجلس النيابي ومجلس الأقاليم والجهات، وفق ما جاء في الدستور، يمكّن الذين همشوا وغيبوا تماماً من المشاركة في صنع القرار".

وأضاف: "سيصدر نصّ من مشروع الدستور الجديد على أن يوضّح دور المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم الذي يتكوّن من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم". وبحسب سعيّد "سيصدر نصٌّ يوضح العلاقة بين المجلسين".

ورجح رئيس "حركة النهضة" ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، في تصريح لقناة "الجزيرة"، أن "يقر سعيّد قانوناً انتخابياً يحدد قواعد اللعبة، لأنه حريص على السيطرة على كل جزئية في قواعد اللعبة السياسية"، وفق قوله. وأضاف: "يُنتظر أن القانون الانتخابي الذي سيقره سعيّد سيضمن لأتباعه الفوز ويقصي أحزاباً معينة مثل حركة النهضة".

وعلق القيادي في "النهضة" بدر الدين عبد الكافي،قائلاً: "سعيّد يسارع لطي صفحة الاستفتاء بمحاولة سن ترسانة القوانين الانتخابية عبر مراسيم، وسيكون ذلك بشكل فردي، فمن صاغ دستوراً منفرداً لن يعوزه إصدار مرسوم بشكل أحادي".

وأضاف عبد الكافي: "الأصل في القانون الانتخابي أن يكون قانوناً أساسياً ويُصاغ بشكل تشاركي باعتباره قاعدة للمنافسة بين جميع القوى السياسية، ويكون ذلك قبل سنة من العملية الانتخابية، ولا يُمس به ولا يُعدّل خلال السنة الانتخابية بحسب المعايير الانتخابية الدولية"، مبينا أن سعيّد "بعيداً عن كل ذلك، سيسعى لتكريس مشروعه عبر مراسيم، ولتنفيذ الدستور حتى قبل إعلان النتائج النهائية".

ولفت إلى أنه من "المؤكد أن يجرى التضييق على المنافسين في المرسوم الانتخابي، ويرجح أن يعزل سعيّد ويبعد المنافسين والمعارضين لمشروعه، وقد تكون حركة النهضة في مقدمة هذه الأحزاب".

واعتبر القيادي في حزب "ائتلاف الكرامة" زياد الهاشمي، أنه من "الواضح أن لدى سعيّد مشروعاً مكتمل المعالم ركيزته ذاته، ولديه نقمة على كل ما قد يجرده من سلطته، فالتجربة علمتنا أن سعيّد لا يغفر أن يشاركه في السلطة حتى وإن كان ذا قربى، كما فعل مع الصادق بلعيد وأمين محفوظ اللذين كانا من حواريي مشروع الدستور المزعوم، ثم غدر بهما عندما استشعر أنهما سيشاركانه الدستور".

وأضاف: "الواضح أن سعيّد في خطوته القادمة سيعلن عن مرسوم قانون انتخابي سيقصي كل منافس محتمل، على رأسهم ائتلاف الكرامة الذي يكن له العداء ولرموزه، ولهذا كان لهم نصيب الأسد في المحاكمات العسكرية دون غيرهم، وقد تكون هذه حجته لإقصائهم من الانتخابات التشريعية القادمة".

وتابع: "من خلال قراءتي لدستور سعيّد، فالواضح أنه يريد مجلساً تشريعياً خالياً من أي شخصية اعتبارية، ويريده مجلساً صورياً من دون صلاحيات لا رقابية ولا تشريعية. فقد أشار في أكثر من مناسبة إلى أنه يعادي الأحزاب، وآخرها عندما قال: عندما نصلي فقبلتنا الكعبة وليست الأحزاب".

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" محمد الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "سعيّد ماضٍ في تركيز ما يقال عنه إنه مشروع، وفي الواقع هو تفكيك لأجهزة الدولة وخروج عن المنطق، ومن الواضح أن سعيّد الذي كتب أعلى نص قانوني وهو الدستور، لن يشرك الأحزاب والمجتمع المدني في صياغة القانون الانتخابي، علماً أن هذا القانون هو أهم نص يحدد قواعد اللعبة السياسية".

وبيّن أننا "غير جاهزين لنظام الاقتراع على الأفراد، لأنه يمكن أن يفتح باباً للمال السياسي وانتخاب مهربين وفاسدين، في انتظار وضع منظومة انتخابية ورقابية صلبة"، مشيراً إلى أن "صعود أفراد لا تربطهم برامج مشتركة سيخلق برلماناً مشتتاً وغير مستقر".