العدد 1499 /9-2-2022

بقلم: أسامة علي

أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أنه لن يسمح بمراحـل انتـقـالـيـة جـديدة، وأنه وحكومته "لن يتراجعا عن الدور الذي تعهدا به حتى تحقيق الانتخابات"، وأنها مستمرة في عملها "إلى حين التسليم لسلطة منتخبة".

جاء ذلك في كلمة وجّهها إلى الليبيين، ليل الثلاثاء، حول الوضع الليبي الراهن، أعلن خلالها عن شروعه في "مشاورات واسعة لتقديم خطة عمل محددة لا لبس فيها لتنفيذ الاستحقاق الدستوري والانتخابات في يونيو/حزيران المقبل طبقا لخارطة الطريق"، المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي.

وشدد الدبيبة على ضرورة وجود قاعدة دستورية "يقرها الشعب، فهي بداية الطريق لتأسيس مرحلة شرعية حقيقية كاملة"، مشيرا إلى أن الكثير من الخيارات مطروحة للوصول إلى قاعدة دستورية، منها "خيار الاستفتاء الإلكتروني، المعمول به في دول عدة، قائم بقوة إذا تعذّر على مفوضية الانتخابات إجراء الاستفتاء".

وعبّر الدبيبة عن رفضه الشديد لخارطة الطريق التي أعلن مجلس النواب اعتمادها، خلال جلسة الاثنين، ومن بين مساراتها تغيير السلطة التنفيذية، وقال "لن نسمح للطبقة السياسية المهيمنة طوال السنوات الماضية بالاستمرار لسنوات أخرى، نحن اليوم نراهم يحاولون التمديد لأنفسهم دون خجل وغير مبالين بالشعب"، متهما مجلس النواب بإصدار "قرارات دون الالتزام بلوائحه"، ومنها "سحب الثقة من الحكومة تم بالتزوير من قلة أتحداهم في عرض الجلسة على الهواء".

وأكد على أنه وحكومته "لن نتراجع عن دورنا الذي تعهدنا به حتى تحقيق الانتخابات"، وأنها مستمرة في عملها "إلى حين التسليم لسلطة منتخبة"، و"لن نسمح لحكومة موازية بالعبث بأموال الشعب".

واتهم الدبيبة مجلس النواب بأنهم "يسعون لاختيار سلطة موازية من أجل الحكم والمال، بعضهم اتهم البعض بالإرهاب والإخوان، والآخر اتهم الآخر بالعسكر والانقلاب، واليوم الطرفان يتحالفان للاستيلاء على الشرعية".

وطالب الليبيين بأن يكون صوتهم "واضحا في كل الساحات والميادين، ويجب أن يسمعه العالم والطبقية السياسية، لأنكم سئمتم التمديد والمراحل الانتقالية وتريدون دولة أساسها متين وبناؤها سليم، ولن يتحقق ذلك إلا بالانتخابات. قولوها بصراحة: لا للتمديد ولا للمراحل الانتقالية ونعم للدستور ونعم للاستقرار"، وقال "أنا أردد معكم لا للتمديد لا للتمديد، نعم للانتخابات نعم للانتخابات".

وتابع "لا شـرعـيـة فـوق شرعية الشعب، وأخـشـى عـلـى الليبيين مـما تسعى له الطبقة السياسية المهيمنة على البلاد طوال السنوات الماضية، والآن سرقوا حلم مليوني ناخب دون توضيح الأسباب".

وتابع خطابه بالقول "شعبي العزيز لكي أكون دقيقًا وعمليًا وحتى لا يخدعوكم بخارطة طريق والتدليس على الناس والتي يحاولون فيها التمديد لسنة ونصف وبعضهم يقول لسنتين والتمديد لسنوات دون سقف".

وأكد في معرض حديثه عن تعهد حكومته في تحقيق الانتخابات، بأنه مستعد لمراجعة قرار ترشحه للانتخابات "في حال كان ذلك يخدم مصلحة الشعب الليبي.

وكان الدبيبة قد أكد حرص حكومته على الدفع بالمسار الدستوري وتحديده لإجراء انتخابات في البلاد، ورفض أي قرار أحادي من جانب مجلس النواب دون أن يشرك المجلس الأعلى للدولة.

وقال الدبيبة إن أعضاء من مجلس الدولة "اجتمعوا معي لمعرفة رأي الحكومة حول الوضع الليبي الراهن، فأكدنا على أن الحكومة حريصة على الدفع بالمسار الدستوري وتحديده لإجراء الانتخابات".

وتابع "الحكومة والمجلس الأعلى للدولة يرفضان أي قرار أحادي الجانب يتخذ دون استشارة جميع الأطراف، والقرار يجب ألا يكون أحاديا".

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد أعلن، في 17 يناير الماضي، عن انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، استنادا إلى انتهاء أجل الثقة الممنوح لها بيوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وطالب بضرورة تشكيل حكومة بديلة عنها، تبنت لجنة خارطة الطريق قرار صالح، وأعلنت الأسبوع الماضي عن فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة.

وخلال جلسته أمس الاثنين، أعلن صالح عن قبول ملف مترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، هما فتحي باشاغا وخالد البيباص، وأن التصويت على اختيار أي منهما رئيسا للحكومة الجديدة سيكون يوم الخميس المقبل.

كما أعلن عن اعتماد مجلس النواب خارطة طريق للمرحلة المقبلة، مكونة من أربعة بنود، تنص الأولى على إجراء الاستحقاق الانتخابي خلال مدة لا تتجاوز 14 شهرا، من تاريخ التعديل على الإعلان الدستوري، فيما تنص المادة الثانية على التشاور مع المجلس الأعلى الدولة "لتقديم الصيغة النهائية للتعديل الدستوري، متضمنة تحديدا دقيقا للمدد المطلوبة لتحقيق الاستحقاق الانتخابي، بما لا يتجاوز 14 شهرا"، على أن يتم ذلك خلال أسبوع، ويتم التصويت على الخارطة بالتزامن مع منح الثقة للحكومة الجديدة.

أما المادة الثالثة فهي إحالة الأسماء المترشحة لرئاسة الحكومة الجديدة، بعد الاستماع إلى برامجهم الحكومية، إلى مجلس الدولة "لتقديم التزكيات المطلوبة بشأنهم"، على أن يكون التصويت على المرشحين لرئاسة الحكومة في جلسة الخميس المقبل 10 فبراير 2022.

ونصت المادة الرابعة على أن تقدم لجنة خارطة الطريق تقريرها النهائي بشأن باقي المسارات في غضون شهر من تاريخ إقرار هذا المشروع.

ولم يعلن المجلس الأعلى للدولة عن موقفه الرسمي حتى الآن من اعتماد مجلس النواب لخارطة الطريق، لكنه سبق وأن طالب بضرورة اعتماد خارطة الطريق "متكاملة بكل مساراتها"، محذراً من أنّ إقدام مجلس النواب على تغيير السلطة التنفيذية منفرداً "سيؤدي إلى ولادة حكومة ميتة"، بحسب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي.

وقال المشري إنّ مجلسه ولجنة خريطة الطريق البرلمانية، اتفقا على خريطة طريق تذهب بالتوازي في تحديد المسار الدستوري للانتخابات وتغيير الحكومة، مشدداً على ضرورة اعتماد مجلس النواب خريطة طريق متكاملة بمساريها الدستوري والتنفيذي، والعمل سوياً على إنجاز المسارين بالتوازي.

كما تجاهل صالح مطالبة 46 عضوا بمجلس النواب بضرورة أن يتصدر المسار الدستوري للانتخابات "خارطة الطريق"، مشددين، خلال اجتماع تشاوري عقد في طرابلس الأحد الماضي برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، على أن استقرار البلاد "يتحقق بالاتفاق على مسار واضح ومدد محددة يكون موعد الوصول للانتخابات أولها"، وأن مسألة تغيير الحكومة ليست أولوية، وإنما "الأولوية لخارطة طريق ذات مسار دستوري واضح لنلجأ إلى القضاء بدل السلاح عند الاختلاف".