العدد 1471 /28-7-2021

بقلم: موسى مهدي

لا يزال الغموض يلف مصير الملف النووي الذي بدأ التفاوض بشأنه بين إدارة الرئيس جو بايدن والحكومة الإيرانية في نيسان الماضي، لكن المفاوضات توقفت بسبب الانتخابات الإيرانية التي أفضت إلى فوز التيار المحافظ وصعود الرئيس إبراهيم رئيسي للحكم.

ومن المتوقع عودة طهران للتفاوض في آب المقبل بعد أداء الرئيس الإيراني الجديد القسم في البرلمان الإيراني ليصبح رسمياً رئيساً للبلاد.

ويرى محللون أن هنالك العديد من العقبات تعترض نجاح تسوية الملف النووي حتى وإن وافق الرئيس الإيراني الجديد على مواصلة التفاوض حولها بالشروط التي تطالب بها الإدارة الأميركية.

وحسب تصريحات رئيسي السابقة، فإن "برنامج الصواريخ البالستية وعلاقات بلاده مع دول الجوار غير قابلة للتفاوض".

وحتى نهاية الجولة السادسة التي جرت أخيرا في فيينا بين الطرفين عبروساطة أوروبية، حالت الفجوة الواسعة في الشروط التي تطالب بها الولايات المتحدة دون تحقيق تقدم يذكر في المفاوضات.

إذ بينما تطالب الإدارة الأميركية بتوسيع الاتفاق ليشمل شروطاً جديدة، من بينها الصواريخ البالستية وعلاقات إيران مع جيرانها، ترفض الحكومة الإيرانية الجديدة مثل هذه الشروط وتدعو الولايات المتحدة وشركاء الاتفاق إلى رفع الحظر الأميركي أولاً والعودة إلى "الاتفاق الأصلي" الذي وقعته مع مجموعة "5+1" في العام 2015.

ومجموعة "5+1" هي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، بالإضافة إلى ألمانيا، التي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.

لكن ما هي الأسلحة التي من المتوقع أن تستخدمها واشنطن لإجبار إيران على قبول شروطها الجديدة، وهل من الممكن أن ترضخ طهران للضغوط الأميركية؟

حسب مسؤولين بالإدارة الأميركية مطلعين على الملف النووي، فإن واشنطن تنوي تشديد الحظر على صادرات النفط الإيراني للصين إلى جانب خيارات أخرى من " كوكتيل الحظر".

في هذا الشأن، قال مسؤول أميركي لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الإثنين، إن"الإدارة الأميركية تدرس خيارات لإجبار طهران على قبول شروطها الجديدة لتوسيع الاتفاق، وأن هذه الخيارات من بينها معاقبة إيران نفطياً في حال الرفض".

وحسب المسؤول، فإن إدارة بايدن "تدرس فرض حظر جديد على صادرات النفط الإيراني للصين التي تقدر بنحو مليون برميل يومياً".

ووفق المسؤول الذي لم يتم الكشف عن هويته، فإن الحظر الذي تلوح به واشنطن يشمل حظر "شبكة الناقلات النفطية التي تنقل النفط الإيراني إلى الصين".

لكن مسؤولاً آخر في الإدارة الأميركية قال للصحيفة "إن من بين الخيارات الأخرى التي تدرسها الإدارة لمعاقبة إيران، إقناع دول مثل الصين والهند ومشتري النفط الكبار بوقف الواردات غير النفطية ووقف تمويل الديون الإيرانية والتحويلات المالية".

لكن خبراء يرون أن الحظر الأميركي على الاقتصاد الإيراني بلغ الحد الأقصى وليس هنالك الكثير الذي تبقى لواشنطن حظره، وأن مبيعات النفط الإيراني للصين فقط هي المتبقية.

ولدى بكين مصالح تجارية وتقنية بالغة الأهمية لنموها الاقتصادي وتوسعها التجاري ويمكن مقايضة جزء منها بصفقة وقف تجارتها النفطية مع طهران.

وتستفيد الشركات الصينية، منذ إلغاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاتفاق النووي، من شراء النفط الإيراني بسعر رخيص وحسومات تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 دولارات على البرميل.

كما تعول حكومة رئيسي الجديدة على صفقة الاستثمار التي وقعت بين طهران وبكين في العام الماضي والتي تمتد لمدة 25 عاماً وتشمل توظيفات استثمارية لنحو 250 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني، من بينها قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات.

وكان مستشار الرئيس الإيراني للطاقة قد ذكر لنشرة "ستاندرد آند بووز غلوبال" العالمية، عشية انتخاب الرئيس إبراهيم رئيسي، أن بلاده لا تعول على الاتفاق النووي أو حتى مبيعات النفط الخام في المستقبل.

من جانبها، ترى الزميلة بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن كالي روبنسون أنه على الرغم من تصريحات بايدن، فإن "بلاده ستعود للاتفاق النووي إذا التزمت طهران بشروطه، إلا أن شروط التفاوض الجديدة التي يرغب بها تضفي غموضاً على احتمال نجاح المفاوضات النووية، لأن الرئيس الإيراني الجديد غير راغب في التفاوض حول الشروط الأميركية الجديدة التي تتناول برنامج الصواريخ البالستية وعلاقات طهران بدول الجوار".

ورغم ما يثار حول الحظر الأميركي، فإن البعض يرى أن إدارة الرئيس بايدن ربما ستلجأ لتقديم تنازلات بشأن الشروط التي تطلبها من طهران وذلك ببساطة لأنها تتخوف من عواقب الرفض على تسريع طهران للبرنامج النووي.

كما أن إدارة الرئيس بايدن، التي تركز في استراتيجية بناء "النظام العالمي الجديد" على عزل الصين، لا ترغب في منح بكين جائزة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، وهي إيران الغنية بالنفط والغاز الطبيعي ولديها جيوب نفوذ مؤثرة في كل من لبنان والعراق واليمن، ويمكن أن تهدد تل أبيب في المستقبل وتضعف النفوذ الأميركي في المنطقة بأكملها.

وفي اتفاق العام 2015 وافقت واشنطن على رفع الحظر الثانوي على قطاع النفط الإيراني، وهو ما يعني أن إيران يمكنها رفع الصادرات النفطية إلى المستويات التي كانت عليها قبل الحظر.

كما سمح الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين طهران ومجموعة "5 +1" بفك تجميد نحو 100 مليار دولار، هي أصول إيرانية مجمدة في حسابات خارجية.

لكن الاتفاق لم يشمل رفع الحظر الأميركي على بنود أخرى يعود بعضها إلى العام 1979 حينما نشبت أزمة الرهائن خلال عهد الرئيس جيمي كارتر، من بينها قضايا دعم طهران للجماعات التي تصنفها واشنطن "جماعات إرهابية"، وقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان.