العدد 1499 /9-2-2022

قررت رئاسة البرلمان العراقي الثلاثاء، إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، ولمدة ثلاثة أيام فقط.

وقد تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من التعقيدات والطعون القضائية، خصوصاً مع تأكيد خبراء القانون بعدم دستورية الخطوة، وإمكانية الطعن بها أمام المحكمة الاتحادية.

في موازاة ذلك، أكدت مصادر سياسية أن القرار يأتي لإفساح المجال أمام الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، والحليف للتيار الصدري، بأن يقدم مرشحاً آخر بديلاً لهوشيار زيباري. ويواجه زيباري دعاوى فساد وهدر المال العام، رفعت ضده من قبل نواب في تحالف الإطار التنسيقي.

وقررت المحكمة الاتحادية العليا، الأحد الماضي، تجميد أوراق ترشيحه إلى حين البتّ بهذه التهم. وأعلنت رئاسة البرلمان، في بيان أمس الثلاثاء، أنه "نظراً لانتهاء المدة الدستورية المحددة لانتخاب رئيس الجمهورية بموجب المادة 72/ثانياً/ب من الدستور، تقرَّر خلال الاجتماع، فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ابتداء من يوم الأربعاء الموافق 9 (فبراير) شباط 2022 ولمدة 3 أيام".

ويأتي قرار البرلمان بعد يوم واحد من فشله في عقد جلسة التصويت على رئيس جديد للبلاد، بعد مقاطعة أغلب الكتل البرلمانية للجلسة، إثر الخلافات المتواصلة بينها.

لكن موظفاً رفيع المستوى في الدائرة القانونية في البرلمان قال، إن "فتح باب قبول الترشيحات لا يعني إلغاء الطلبات السابقة، والبالغة 25 اسماً للمنافسة على المنصب، لكن سيصار إلى إضافة الطلبات الجديدة إليها".

ورداً على مدى دستورية الخطوة على اعتبار أن الدستور لم يتضمن في مادتيه 70 و72 أي ذكر لإعادة فتح الترشيح مرة أخرى، قال الموظف إنه "تمت استشارة خبراء دستوريين في هذا الإطار".

ولم توضح رئاسة البرلمان سبب فتح باب الترشح مرة أخرى مع وجود 24 اسماً آخر، في حال استثناء هوشيار زيباري من القائمة بعد قرار قضائي بتجميد ترشيحه.

لكن مصادر سياسية في بغداد، أحدها قيادي في تحالف "قوى الدولة"، بزعامة عمار الحكيم، قالت، لـ"العربي الجديد"، إن الخطوة محاولة من قبل رئاسة البرلمان لمنح الحزب الديمقراطي الكردستاني فرصة ترشيح شخص آخر، غير زيباري للمنصب في حال تم استبعاده مرة أخرى.

وبحسب القيادي فإن لدى الحزب الكردستاني أسماء أخرى قد يدفع بها غير زيباري، ضمن مسعى كسب جولة الصراع الجديدة مع الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يصر على ترشيح برهم صالح لولاية ثانية.

من جهته، أكد نائب سابق عن التيار الصدري، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "إعادة فتح الترشيح ستشهد طرح أسماء أخرى، قد يكون أحدها مرشح تسوية للمنصب، واليومين المقبلين سيشهدان حراكاً جديداً".

ووفقاً لمعلومات كشف عنها القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، فإن "إعادة فتح باب الترشيح، ربما يدفع الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى ترشيح شخصيات جديدة لمنصب رئاسة الجمهورية، خصوصاً إذا تم منع ترشيح زيباري بأمر قضائي، ومنها نيجيرفان البارزاني، وفؤاد حسين، وفاضل ميراني، وعرفات كرم". لكنه اعتبر أن المرشح المدعوم حالياً من قبل الحزب هو زيباري، لحين صدور قرار المحكمة.

في المقابل، وصف عضو الهيئة السياسية في تحالف "الفتح" علي الفتلاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، قرار البرلمان بفتح باب الترشيح مجدداً بأنه "مخالف للدستور".

ولفت إلى أنه "ليس من صلاحية رئاسة البرلمان اتخاذ قرار كهذا، وربما نتجه إلى الطعن فيه أمام المحكمة الاتحادية كونه غير دستوري، ويحمل أهدافاً سياسية".

وأضاف: "لهذا ستكون هناك ردود أفعال سياسية عليه، وربما يلغى هذا القرار من قبل المحكمة الاتحادية، إذا ما وصل إليها طعن حول إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية".

واعتبر أن "القرار غامض، فهو لم يبين مصير المرشحين السابقين، وهل هؤلاء المرشحون الجدد، سيضافون إلى المرشحين السابقين، أم سيكونون المرشحين وحدهم، ويلغي ترشيح السابقين".

في السياق نفسه، قالت عضو ائتلاف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، النائب راقية الخزعلي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار متوقع، ويهدف الى ترشيح شخصية بديلة لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري".

وأوضحت أن "الحزب يتوقع صدور قرار قضائي يمنع زيباري من الترشيح بشكل نهائي، ولهذا هي تريد الدفع بشخصية أخرى حزبية كبديل عن زيباري".

وبينت الخزعلي أن "ترشيح أي شخصية بديلة لهوشيار زيباري من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، يتطلب التوافق عليه مع القوى السياسية كافة، وليس مع الكتلة الصدرية وتحالف السيادة فقط. فهناك قوى لديها الثلث المعطل، وهي تتكون من الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني. ولهذا فإن الاتفاق يجب أن يشمل كل القوى السياسية، وليس قوى محددة".

ويفرض الدستور وجود ثلثي أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329، في الجلسة ليتحقق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية. في المقابل، يحق للبرلمان عقد جلساته الأخرى بتحقق الأغلبية البسيطة (نصف الأعضاء + 1)، وهو ما لم يتحقق أيضاً في الجلسة التي كانت مقررة للبرلمان أمس الأول الإثنين.

الخبير في الشأن القانوني العراقي أمير الدعمي وصف، في حديث مع "العربي الجديد"، قرار البرلمان بإعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بأنه "طعن في الدستور وسابقة غير معهودة".

وأضاف الدعمي: "يمكن الطعن في القرار لدى المحكمة الاتحادية كونه خرقا دستوريا فاضحا. لكن لا نعرف ما هو رأي المحكمة الاتحادية العليا بقرار كهذا، وربما يكون رأي المحكمة يتوافق مع رأي الأعراف والتوافقات السياسية".

وجاء هذا بينما يستمر الانغلاق السياسي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين بشأن منصب رئيس الجمهورية، إذ يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بترشيح زيباري، بينما يصرّ الاتحاد الوطني الكردستاني على التجديد لصالح. وجرى العرف السياسي منذ 2005 أن يكون المنصب من نصيب القوى السياسية الكردية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد أوقفت، الأحد الماضي، إجراءات ترشيح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية، إلى حين البت بالدعوى المرفوعة ضده، والمتعلقة بهدر المال وسوء استخدام السلطة خلال عمله وزيراً للخارجية بين 2004 و2014.

عادل النواب