العدد 1562 /10-5-2023

عدنان عبد الرزاق

أقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيادة كبيرة في أجور العمالة الحكومية بلغت نسبتها 45%، وذلك قبل أيام من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو/ أيار الجاري.

ويواجه أردوغان تحدياً هو الأكبر خلال عقدين من الزمن، بسبب ارتفاع معدل التضخم وتراجع القدرات الشرائية للكثيرين في ظل صعوبات اقتصادية فرضها تراجع الليرة أمام العملات الأجنبية وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا فضلاً عن كلفة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في السادس من فبراير/ شباط الماضي.

وقال أردوغان خلال مؤتمر صحافي عقده في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أمس الثلاثاء، بمشاركة وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد بيلغين، ورؤساء نقابات عمالية، إنه مع الزيادة الجديدة سيرتفع أدنى راتب للعمالة الحكومية إلى 15 ألف ليرة (حوالي 768 دولاراً).

وأكد الرئيس التركي، وفقا لوكالة الأناضول، أن حكومته تقوم أيضاً بإعداد خطة لزيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب المتقاعدين، كما تعهّد بزيادة الأجور الصافية للمحاربين القدامى، والمتضررين من الإرهاب وأقارب الشهداء ممن ينضوون تحت بند العمالة الحكومية، وقال إن أولويات حكومته دوماً هي حماية العمالة الحكومية والمواطنين بشكل عام من آثار التضخم.

ووصل معدل التضخم السنوي في تركيا إلى أعلى مستوى في نحو ربع قرن في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بعدما ارتفع على أساس سنوي إلى 85.5%، قبل أن يتراجع في الأشهر الأخيرة، وفق البيانات الصادرة عن المعهد التركي للإحصاء الحكومي، ويصل إلى 50.5% على أساس سنوي في مارس/ آذار.

وتأتي زيادة الأجور الأخيرة بعد سلسلة من الزيادات شهدها العام الماضي، بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين التي تأثرت بنسبة التضخم التي رفعت من نسبة الفقر في البلاد. وكانت الزيادة الأولى في مطلع العام الماضي بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور حينها إلى 4250 ليرة، تلتها زيادة ثانية في يوليو/ تموز بنسبة 30%، ليصل الحد الأدنى للأجور إلى 5500 ليرة، ثم زيادة ثالثة في 22 ديسمبر/ كانون الأول بنسبة 55%، ليبلغ الحدّ الأدنى للأجور 8500 ليرة تركية.

وبينما يتراجع الرقم الرئيسي لأسعار المستهلكين، فإن التضخم الأساسي، الذي يستبعد العناصر المتقلبة مثل الطاقة والغذاء، لا يزال مرتفعاً، في إشارة إلى استمرار الضغوط التضخمية. ومما زاد الضغط على التضخم أن الحكومة عززت الإنفاق المالي بعد الزلزال المدمر وما تبعه من آلاف الهزات الارتدادية العنيفة.

وقال مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل لـ"العربي الجديد"، إنه رغم تراجع التضخم، لا تزال الأسعار مرتفعة مقارنة مع الأجور، "لذا جاء إعلان اليوم رفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع غلاء المعيشة".

بدوره، رأى المحلل الاقتصادي التركي هشام جوناي أنّ زيادات الجور لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار، موضحاً أنّ الأسعار زادت بأكثر من 150% خلال عامين، في حين لم تزد الأجور بأكثر من 102%، الأمر الذي زاد نسبة الفقراء وغيّر أنماط المستهلكين المعيشية والشرائية.

وبحسب بيانات حديثة صادرة عن اتحاد العمال الأتراك تجاوزت نسبة الفقر 13%، وهي أرقام لم يعرفها الأتراك منذ أكثر من 20 عاماً. وتهدد حملة انتخابية حامية الوطيس بإنهاء حكم أردوغان المستمر منذ عقدين، إذ يلعب منافسه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو على وتر التضخم الذي يئن منه الكثيرون في تركيا.

لكن استطلاعات للرأي تظهر أنه ليس من السهل هزم أردوغان الذي نجح بالفعل في جعل تركيا تحقق مكاسب اقتصادية وسياسية ملموسة.

وقال المحلل الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" إن الزيادة الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس التركي تصل بالحد الأدنى لأجور الموظفين الحكوميين إلى أعلى مستوى في تاريخ تركيا، ويتوقع أن تزيد من وتيرة النمو الاقتصادي نتيجة زيادة القدرة الشرائية وتخفيف تبعات التضخم.

وتوقع أوغلو أن تشهد تركيا في النصف الثاني من العام الجاري انخفاض التضخم والبطالة، وهي رسالة مهمة تتعلق برفع مستوى معيشة ذوي الدخل المحدود وتعزيز الطبقة الوسطى.