العدد 1522 /3-8-2022


ناهد درباس

دعا "مراقب الدولة" الإسرائيلي في تقرير رسمي نشره الأسبوع الماضي عن أحداث "هبة الكرامة" وهي المظاهرات التي اجتاحت في أيار من العام الماضي، مدن الداخل الفلسطيني تضامناً مع أهالي حي الشيخ جراح في القدس؛ إلى تكثيف النشاط الاستخباري في صفوف الفلسطينيين في الداخل، ولا سيما في مدن الساحل الفلسطيني التاريخية؛ عكا وحيفا واللد والرملة.

وادعى التقرير الذي فحص من وجهة نظر دولة الاحتلال ما سماه، أداء الشرطة وأجهزة الاستخبارات خلال هذه الهبة؛ أن الشرطة الإسرائيلية وجهاز المخابرات العامة، فشلا، بداية في توقّع الأحداث والمظاهرات العارمة، حتى بعدما بدأت التظاهرات في حي الشيخ جراح، خلال محاولات الاحتلال والمستوطنين طرد عائلات فلسطينية من الحي.

كما زعم التقرير أن الشرطة والمخابرات العامة، لم تجنّد قوات كافية لقمع المظاهرات الفلسطينية في المدن الساحلية المذكورة، وأبقت على تركيز قوات كبيرة في القدس المحتلة فقط، ولم ترسل أو توجه قوات كافية لهذه المدن، حتى بعد استمرار المظاهرات الاحتجاجية، التي سماها أعمال شغب واضطرابات، مما عرّض بحسب زعمه "حياة مئآت آلاف المواطنين للخطر"، في توجّه عنصري يقصر المواطنة على الإسرائيليين اليهود.

واستدل "مراقب الدولة"، الذي عينه بنيامين نتنياهو خلال ولايته السابقة، على ضعف استعدادات الشرطة والمخابرات، بانهيار خط خدمات النجدة للشرطة في مدن مثل اللد والرملة، والنقص في أدوات وعتاد القمع للمظاهرات، معتبراً أن الشرطة تعاملت معها بتهاون كبير، ولم تنفذ اعتقالات واسعة، ولم تتعامل مع المتظاهرين بحزم، على الرغم من أن شرطة الاحتلال اعتقلت أكثر من ألفي شاب ومواطن فلسطيني من الداخل، وقدمت لوائح أتهام بحق المئات منهم.

وفي حديث مع فداء شحادة العضوة في بلدية اللد، للتعقيب على التقرير، قالت لـ"العربي الجديد" :"إن نظرة الشرطة وتعاملها معنا نحن فلسطينيي الداخل، كانت واضحة كثيراً بين الأسطر. فمراقب الدولة، لم يقصد أن يقول، إن هناك ربطا بين تعامل الدولة، معنا وبين أداء الشرطة خلال أحداث الهبة".

وأضافت شحادة أنه فات التقرير "أن الشرطة أصلاً لا تعرف كيف تتعامل معنا، فرغم أن الشرطة لديها قدرة ممتازة وسيطرة بالجانب الأمني في تعاملها معنا؛ فإنها تغيب تماماً عندما نتحدث عن حالات عنف وجريمة، أو تهديد حياة امرأة، أو أي حدث غير أمني".

مؤكدة على أن "أجهزة الدولة بجميع دوائرها.. لا تنظر إلينا على أننا جزء من الدولة".

من جهته قال عمر خمايسي، مدير مؤسسة ميزان لحقوق الانسان: "لم يتطرق التقرير إلى قضية الأحداث في كفر كنا خلال هبة الكرامة، والتي أصيب فيها أكثر من 100 شاب بأعيرة نارية، وطريقة وأسلوب اعتقال الشيخ كمال خطيب، الشخصية القيادية".

ويرى خمايسي أن "التقرير ركز أكثر على تعامل الشرطة مع الاستخبارات، بشكل منعزل عن السياسات التي انتهجتها الشرطة والاستخبارات خلال هبة الكرامة. واستهجنّا حينها واليوم، أن يكون للمخابرات دور في مثل هذه القضايا".

وأضاف خمايسي:"إن عدد الاعتقالات الكبيرة، وعدد لوائح الاتهام والإدانة ضد المعتقلين العرب، لم يذكر في التقرير". وتحدث حمايسي عن الاعتداء الدموي في مدينة بات يام، من قبل شبان يهود ضد مواطن عربي، وكيف حصل اليهود على عقوبات مخففة، في حين كان الموقف مختلفاً في حادثة عكا، التي ارتكبها شبان عرب ضد مواطن يهودي، وفيها تم تقديم سبع لوائح اتهام، وتم التعامل بحدة أكبر بكثير. كما ينقص التقرير، أي تطرق لجريمة قتل المواطن الفلسطيني موسى حسونة في اللد، وكيف تم إغلاق الملف من قبل النيابة العامة.

يشار إلى أنه على إثر اندلاع "هبة الكرامة" كشفت جهات رسمية في الجيش الإسرائيلي، وكجزء من عملية "استخلاص العبر" أن الجيش الإسرائيلي أعد خططاً بديلة في حال نشوب حرب أو تصعيد عسكري، تتضمن تجنّب نقل قوات وعتاد عسكري عبر القرى والبلدات العربية ولا سيما في وادي عارة.

كما أعلن الجيش عن شق طرق ترابية بديلة لهذه الغاية، وتخصيص وحدات تدخل سريع في حرس الحدود، تملك صلاحيات شرطية، لفض وقمع أي مظاهرات أو أعمال احتجاج تندلع في بلدات ومدن الداخل الفلسطيني خلال عدوان جديد قد تشنه إسرائيل سواء على الجبهة الجنوبية في قطاع غزة، أم على الجبهة الشمالية مع سورية ولبنان. وجرى لهذه الغاية إدخال تعديلين على قانون الخدمة العسكرية؛ تطرّق الأول إلى تجنيد وحدات خاصة لفض المظاهرات في مدن الداخل الفلسطيني، والآخر بشأن استدعاء جنود من حرس الحدود لحراسة السجون والمعتقلات التي يقبع فيها آلاف الأسرى الفلسطينيين، ومنح هؤلاء الجنود صلاحيات واسعة، على الرغم من عدم تدريبهم لمثل هذه العمليات.