أيمن حجازي

عادت العجلة الحكومية إلى العمل بعد إحياء التسوية السياسية التي صيغت قبل أكثر من عام من الزمن، وعادت الساحة السياسية الى فتح ذراعيها للتطورات الإقليمية والدولية الداهمة، وفي مقدمها اعتراف العربيد اﻷميركي دونالد ترامب بالقدس الشريف عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب... ومن ثم زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمنطقة واعلانه من قاعدة حميميم انسحاباً لقواته من سوريا. في هذه اﻷثناء بدأ اللبنانيون يشعرون جزئياً بدنو أجل اﻻنتخابات النيابية التي من المفترض اجراؤها في الربيع القادم، وتحديداً في شهر أيار المقبل.
ولكن هذه اﻻنتخابات باتت مرشحة ﻷن تكون محكومة بالبحص الذي وعد الرئيس سعد الدين الحريري «ببقه» ﻻحقاً. وقد حصل ذلك بعد أخرج رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من فمه بحصة العلاقات المتدهورة بين تياره وحزب «القوات اللبنانية»، ما استدعى رداً واضحاً وجلياً من رئيس ذلك الحزب سمير جعجع. وهنا جرى التثبت النهائي من أن اﻻفتراق بين الجانبين واقع ﻻ محالة في اﻻنتخابات النيابية المقبلة، وأن «إعلان معراب» الذي سيبلغ عامه الثاني في الشهر المقبل بات في مهب الريح، ما يشي بأن أم المعارك المسيحية في اﻻنتخابات المقبلة ستكون في دائرة الكورة - بشري - زغرتا - البترون، وأن محور تلك المعركة سيكون الوزير جبران باسيل الذي ستخاض في وجهه معركة قطع الطريق الى قصر بعبدا.
وتنطلق البحصة الكبيرة التي سيبقّها الرئيس سعد الحريري الى قوى سنّية قد يكون في طليعتها الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي، ويرشح البعض سمير جعجع للإصابة بشظايا عملية «البق» المشار إليها. في الوقت الذي يبدو فيه تيار المستقبل وبعض اﻷشخاص في داخله على ﻻئحة الإصابة بنتائج  «بق» البحص المشار إليه، مع استبعاد أن يكون الرئيس فؤاد السنيورة في عداد المصابين من جراء عملية «البق» الموعودة... لكن اﻷكيد أن لوائح مرشحي تيار المستقبل ستتأثر تأثراً مباشراً بتداعيات واقعة الرابع من تشرين الثاني الماضي، تاريخ تلاوة الرئيس سعد الحريري استقالة متلفزة من العاصمة السعودية اتهم بكتابة نصها الدكتور رضوان السيد... أما حزب الكتائب بقيادة النائب المولع بتقمص دور المعارض، فإن نصيبه يبدو وافراً مما سيدلي به الرئيس سعد الحريري في مصارحته القادمة للرأي العام اللبناني. 
وبما أن المصيبة تجمع، فإن حزبي الكتائب و«القوات اللبنانية» باتا ملزمين بالتحالف في أكثر من دائرة انتخابية، وذلك بعد أن اهتز الحب الاصطناعي بين العونيين والقواتيين، وبعد أن تصدع جدار التحالف المتين بين القوات والمستقبل، وبعد أن بات مصير مقعدي القوات والكتائب في دائرة الشوف - عاليه (جورج عدوان وفادي الهبر) على أكف عفاريت النائب وليد جنبلاط... هذا في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن القانون اﻻنتخابي الجديد والصوت التفضيلي الكريم سيجعل كافة التحالفات مهددة ومرشحة ﻻحتماﻻت شتى.
قد تترك اﻻنتخابات النيابية القادمة آثاراً عديدة، أخشى أن يكون أحدها البحث عن مصدر ابتداع الصوت التفضيلي في القانون اﻻنتخابي الجديد، إذ من المفترض أن يحصل انقسام حاد بين من يريد اقامة تمثال له في ساحة الشهداء ومن يطالب بإحالته على المحاكمة والمطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بحقه!