العدد 1603 /28-2-2024
أيمن حجازي

في موقف غريب ومستغرب، يصر وزير الدفاع اللبناني موريس سليم على عدم الاعتراف برئيس الأركان الجديد في الجيش اللبناني حسان عودة الذي عينته الحكومة اللبنانية الحالية قبل بضعة أسابيع. وهذا ما يشكل خللا بنيويا كبيرا بفعل المهام الملقاة على عاتق رئيس الأركان في هذا الجيش في حال اضطر قائد الجيش إلى التغيب عن البلاد ولو لفترة وجيزة أو لأي سبب ومبرر آخر. ويأتي الموقف الذي يلتزمه وزير الدفاع الحالي من ضمن خطة سياسية اعتمدها التيار الوطني الحر لمحاصرة الرئيس نجيب ميقاتي والتضييق على ممارسة الحكومة في كل ما يمكن أن يقال إنه من صلاحيات رئيس الجمهورية. وبما أن التيار الوطني الحر كان قابضا منذ خريف عام ٢١٠٦ على رئاسة الجمهورية من خلال الرئيس ميشال عون الذي أنهى ولايته الرئاسية دون انتخاب بديل عنه في سدة الرئاسة الأولى.

وقد يصح القول إن موقف وزير الدفاع يعد من أخطر المواقف التي اتخذت في هذا الخضم، لصلة الموضوع بالمؤسسة العسكرية وقيادتها الرأسية الأولى. وهذا ما دفع بالبعض إلى توجيه دعوات صامتة إلى التيار الوطني الحر إلى التجرد والموضوعية والابتعاد عن التطرف في المواقف السياسية المحلية المتصلة بالمعارك المتعلقة برئاسة الجمهورية وانتخاباتها الجليلة. خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة ولبنان وفلسطين وغزة على وجه التحديد. وهي مرحلة تشهد حربا ميدانية مرشحة للتوسع والتمدد لتطال كامل الساحة اللبنانية بين الجيش الصهيوني والمقاومة الإسلامية اللبنانية المتضامنة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. وفي موازاة ذلك تبدو الرعاية الدولية للوضع اللبناني مضمحلة، وعواصم القرار الدولي منشغلة بالمعركة التي تخوضها الدولة اليهودية منذ السابع من أكتوبر الماضي وهي معركة على جانب كبير من الأهمية. وبناء عليه فإن اللجنة الخماسية المنتدبة لحل الأزمة اللبنانية، أعطت نفسها إجازة مفتوحة ريثما يتم حسم المعركة الغزاوية... وقد اكتفت اللجنة الخماسية بأن أوعزت لسفرائها في بيروت للقيام ببعض الحركة التي طالت بعض المرجعيات السياسية في البلد.

وقد وجد تكتل الاعتدال الوطني الذي يمثل بعض رفات تكتل تيار المستقبل النيابي "الطيب الذكر"، فرصة متاحة في هذا الوقت الضائع كي يطلق مبادرة لملء الفراغ السياسي والتداول في احتمالات إجراء انتخابات رئاسية مستعصية. وقد شعر بعض الساسة في لبنان بحبور وسرور من جراء هذه المبادرة المهذبة التي تحمل سمات شمالية واضحة المعالم من جراء غلبة العنصر النيابي الشمالي على تكتل الاعتدال الوطني المشار إليه آنفا. ولكن الغوص في عمق المعضلة الرئاسية اللبنانية قد يقودنا حاليا الى سؤال واحد:

هل عززت التطورات الكبرى في المنطقة حظوظ المرشح سليمان فرنجية؟

أم أن الأمور تتجه نحو تغليب ما يسمى بالخيار الثالث؟

وهل أن الخيار الثالث ينطبق في المرحلة المقبلة على الجنرال جوزيف عون؟

أم أن هذا الخيار الثالث له أسماء أخرى؟

ام أن استمرار الشغور الرئاسي لفترة أطول سيبقى هو سيد الموقف؟

وهل أن استمرار هذا الشغور الرئاسي سيقود الى استبدالا حقيقيا لصيغة لبنان الكبير التي تجاوزت في سني عمرها قرنا من الزمن؟

هل أن الدعوات السياسية التقسيمية التي تتظلل بعباءة الفيدرالية سيكون حظ من التحقق على أرض الواقع بدفع قوي من معطيات إقليمية ودولية شتى؟

أسئلة تضاف اليها أسئلة تحتاج الى إجابات واضحات قد يساهم في تأمين بعض منها الوزير موريس سليم ورفاقه الأعزاء...

أيمن حجازي