العدد 1434 / 28-10-2020

قبيل إجراء اﻹستشارات النيابية الملزمة ، اشتعلت المواقف السياسية إنطلاقا من منبر التيار الوطني وتحديدا في 13 تشرين الأول الجاري وقبل ذلك في إطلالة وليد جنبلاط التلفزيونية ، ما عاكس الأجواء اﻹيجابية التي أحاطت بإعلان الرئيس سعد الحريري نفسه مرشحا طبيعيا . وساد التشاؤم اﻷجواء المحيطة بتشكيل الحكومة العتيدة : تكليفا وتشكيلا وتقاسما للحصص ... وتقدم النائب العوني جورج عطالله ليضع النقاط على الحروف ويميط اللثام عن قيام تحالف رباعي جديد يضم تيار المستقبل وثنائي أمل - حزب الله والحزب التقدمي اﻹشتراكي ما يوازي ويشابه التحالف الرباعي الذي قام في إنتخابات ربيع 2005 في مواجهة التيار الوطني الحر . فما هي حقيقة اﻷمر الحاصل في مسلسل اﻷيام واﻷسابيع اﻷخيرة للتأليف الحكومي الموعود ؟؟؟

يبدو أن الخطوط والقنوات كانت ممفتوحة بين بيت الوسط وثنائي أمل – حزب الله وكانت عقدة وزارة المالية قد تم تذليلها لمصلحة جعلها من الحصة الوزارية الشيعية . وكذا الأمر بالنسبة الى تسمية باقي الوزراء الشيعة غير الحزبيين الذين سيتم اختيارهم تحت بصر الثنائي الشيعي المتماسك . ويبدو أن العلاج الحريري كان جاهزا ﻹطفاء ثورة رئيس الحزب التقدمي اﻹشتراكي المطالب بحقوق " اﻷقلية الدرزية " التي يمنع عنها أيا من الوزارات الهامة الموجودة في الحكومات المشكلة . حتى الحزب السوري القومي اﻹجتماعي تم اﻹتصال برئيسه النائب أسعد حردان ، ما أدى الى ترشيح الحزب للرئيس الحريري بتشجيع مفترض ومدروس ومسامحة محسوبة من حزب الله .

في هذا الوقت ، إلتزم الرئيس سعد الحريري الصمت مستندا الى وسائط في الكواليس السياسية التي فتحت قنوات إتصال مع معظم الأطراف السياسية اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة . وقد قيل في هذه الأثناء أن حزب الله لن يرشح الحريري إذا كان اﻷخير حائزا على اﻷكثرية النيابية ، وأنه سيعمد الى ترشيح الرجل في حال كان بحاجة الى أصوات نيابية تمنحه تلك اﻷكثرية . ما أوحى أن هناك تفهما إيجابيا بين الحريري وثنائي أمل - حزب الله . وأن إنعقاد حلف رباعي كالحلف الذي أشار إليه النائب جورج عطاالله ليس صحيح القيام .وأن جل ما في اﻷمر هو تفاهمات ثنائية ولدت تحت وطأة حاجة الجميع الى قيام حكومة ما في هذا البلد . وقد أشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى ضرورة عدم استجابة الرئيس الحريري الى اﻹتفاقات الثنائية التي قد تضر بالمسيحيين .

كانت اﻹيجابية مكتومة بين الجميع ، وكان لجوء البعض الى رفق السقوف السياسية محكومة بالشعبوية ، أو بتحسين الشروط ، أو بالتأخر في وصول بعض الرسائل المشفرة بين القوى والأطراف خصوصا أن بعض الرسائل كانت لا تعبر فضاء العاصمة اللبنانية مباشرة بل إنها كانت تصل الى أصحابها عبر باريس أو غيرها من العواصم التي تجندت لتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الرابعة والعابرة لﻷزمات .

جميلة هي النوايا الصافية ، وجميل أن يرى المشاهد اللبناني عراك سياسي بين قادته... عراك محتدم يستبطن التوافق على تقاسم الصعوبات والمهمات الشاقة والمستحيلة . ساعتئذ يولد السؤال التالي : هل نحن في طور إحياء وترميم التسوية الرئاسية المجيدة التي ولدت في خريف 2016 ... أين نادر الحريري يا سادة يا كرام ؟؟

ايمن حجازي