أيمن حجازي

قبل اتفاق الطائف كانت المديرية العامة للأمن العام في عهدة الطائفة المارونية، وكان المدير العام للأمن العام آنذاك بمثابة مستشار أمني لرئيس الجمهورية وأكثر. وقد تبوأ هذا المنصب في تلك المرحلة العديد من اﻷسماء اللامعة التي كان منها اﻷمير فاروق أبي اللمع في عهد الرئيس الياس سركيس وزاهي بستاني وجميل نعمة في عهد الرئيس أمين الجميّل وشخص من آل الدحداح في عهد الرئيس سليمان فرنجية  وآخرون... وكان من بينهم من يمتلك الطموح المجاهر به بالوصول الى سدة الرئاسة اﻷولى مثل اﻷمير فاروق أبي اللمع الذي عين سفيراً للبنان في باريس بين عامي 1982 1988 أي اثر انتهاء مهمته في اﻷمن العام. ومن ثم انتقلت هذه المديرية الى عهدة الطائفة الشيعية التي كان من أبرز أبنائها الذين جاؤوا على رأس هذه المديرية اللواء جميل السيد، ووفيق جزيني، واللواء عباس إبراهيم الذي يمثل اسماً ﻻمعاً وبارزاً حالياً في الساحتين اﻷمنية والسياسية اللبنانية. 
اعتاد اللبنانيون استحضار مرجعياتهم السياسية والدينية لرعاية اﻻنجازات أو المشاريع أو الخطوات التي يُقدَم عليها، ولكن هذه المرة جاءت رعاية عملية إنهاء معركة جرود عرسال عبره، وهي نهاية مهمة جداً كانت أكثر من عملية تبادل للأسرى... جاءت هذه الرعاية عبر اﻷمن العام. وقد أُنجزت هذه العملية  بسرعة قياسية وكأنها كانت محضرة قبيل المعركة، وهي استندت إلى التاريخ الحافل للواء عباس إبراهيم في المجالين اﻷمني والسياسي، والذي كان من ضمنه تحرير راهبات معلوﻻ ومعالجة الكثير من مشكلات عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية. فضلاً عن دور سياسي صامت كان في معظمه متمثلاً بوساطات إيجابية بين العديد من القوى السياسية اللبنانية الكبرى والصغرى. 
صحيح أن جزءاً من فعالية الدور الذي يقوم به جهاز اﻷمن العام يعود إلى الدور الكبير الذي تلعبه الطائفة الشيعية محلياً وإقليمياً في هذه المرحلة، ولكن الصحيح أيضاً أن اللواء عباس إبراهيم قد منح منصبه الحالي أهمية بالغة... ليس من خلال القوة والبأس والبطش ولكن من خلال الهدوء والمرونة والصمت والروية واﻷناة التي ﻻ تخلو من الحزم والحسم حين تدعو الحاجة. وهذا ما جعلنا أمام شخصية أمنية محورية ستكون حتماً مدعوة إلى لعب دور سياسي كبير في قابل اﻷيام وبعد خروج اللواء إبراهيم من السلك اﻷمني والعسكري. وهو يحظى اليوم على شبه اجماع على دوره من قبل كافة المرجعيات السياسية والمعنوية والشعبية داخل الطائفة الشيعية، فضلاً عن التفاعل الإيجابي مع ما يقوم به وطنياً ولبنانياً وفلسطينياً وسورياً وعربياً. وﻻ يمكن التغافل هنا عن اﻻحترام الذي يحظى به اللواء إبراهيم في الوسط الديبلوماسي اﻷوروبي الذي يرشحه للعب أدواره القادمة بيسر أكبر من اﻵخرين في عالم السياسة واﻷمن. 
ثمة ميزة يمتلكها اللواء إبراهيم ويفتقر إليها الكثير من القادة اﻷمنيين والعسكريين في بيئتنا اللبنانية والعربية، وهي أن يكونوا متحررين من عقد اﻻستفزاز... فلا يهوى القائد استفزاز أحد وﻻ ينجرّ الى استفزاز أحد. أهلاً وسهلاً بك سيادة اللواء في عالم السياسة. ويمكن من خلال ذلك أن يتحقق أمر وطني آخر على صلة بالتوازن الوطني الإسلامي المسيحي، فمن لشامل روكز غير عباس إبراهيم؟ وأهلاً وسهلاً بالجميع.>